آخر الأخبار
The news is by your side.

كبرياء…. بقلم: إيناس حبيب يوسف

كبرياء.. إيناس حبيب يوسف القاضي

المساء ونفسي وجمع من شعور التقينا، على ضفاف النيل كان مجلسنا، تناثرت نجيمات على المدى البعيد مشاركات، وقمر بهيج عاكسًا ضوءً لجينيًا على سطح المياه الساكن، إلا من صوت موجات خجلات يضربن الضفاف في ود وتؤدة فيئن في فرح، ما أن تستكين في حضنها حتى يدفعها في حب فتعلن في همس عن صوت انكسارها عليه فتعود متباطأة جزلى إلى الوراء معلنة عن رجوعها بصوت رخيم، ما تلبث إلا أن تعود مرة اخرى متكسرة على الضفاف كمن يبحث عن أمان فتئن الضفاف في فرح وتدفعها مُجدّدًا، فترجع بذات الصوت الرخيم، ويكرران، يتناغم الصوتان مابين اندفاع وانكسار ورجوع ليعزفا انشودة الحياة والوجود، كُلّما امعنت في تلك الأصوات وهدوء المساء، تأخذني وتتوه بي في عالم من ذكريات، والمساء ونسمات ليل هادئات جلست، غالبتني ذكريات حبيبة وأيام غوالي، كم فرحت فيها؛ كم حزنت وكم وكم وكم، من بين الذكريات ومن عمق الزمن وعبق التاريخ.
طالعني وجهك الجميل تزيّنه تلك البسمة الرائعه التي طالما كانت لك جواز مرور بلا استئذان ولا سؤال، ليس دخولًا فقط وإنّما مُتربعًا على عرش القلوب، ملكت كل القلوب ولم يملك قلبك سواي، كنت دائمًا تردّد لي إني اقتحمتك وتربّعت على عرشك دون استئذان، لا زلت اذكرك وتلك الأمسيات، كلماتنا أمنياتنا وذلك الألق الذي كنا ننتظر، لم ندرك أن الدنيا كما هي بدايات ايضًا هي نهايات؛ ولم نكن ندرك أن نهايات القدر التي يضعها رحيمة هينة، وأن النهايات التي نضعها قاسية، لم نكن ندرك أنّنا قد نظلم انفسنا ومستقبل الأيام، لم نكن ندرك أن الكبرياء أقسى واقبح جلاد.
اذكرك وذلك اليوم عندما افترقنا وكنا من البلادة والسذاجه بمكان، لا زلت اذكر دموعي وأنا ارتمي في حضنها منتحبة نادمة على قرار اتخذته بكل ما أوتيت من بلادة؛ واحترمته أنت ونفذت بكل ما أوتيت من كبرياء، أذكرها وهي تربت على كتفي مواسية؛ تغالب دموعًا اجتهدت أن لا اراها حتى لا تؤلمني أكثر، لازلت اذكر دفء حضنها وكم السكون الذي شعرت، لازلت اذكر كلماتها التي جعلتني ابدأ من جديد.
لا ادري أين أنت الآن ولكني افتقدك والآن افتقدك كما لم افتقدك قبلًا، اردت أن اخبرك إنّها كانت أماني والملاذ والسلام، اردت أن اعترف لك بعد هذه السنوات أن غيابك كان هين بوجودها وأنّها كانت السند الذي اتكأت عليه كل تلك السنوات، نعم لقد مضيت في حياتي بها وبكلماتها، كانت تقول أن القلب يعشق مرّة يا أبنتي فلا تفقديه، كنت أنا بغبائي وكبريائي ورغم حضورك في دواخلي وعلمي أنّك لم ولن ترحل، ارفض بل أصم اذني عن ما تقول.
لماذا اكتب لك بعد هذه السنوات؟ لماذا وأنا لا ادري حتى أين أنت وأن كنت تمسي أو تصبح الآن؟
لماذا الآن وأنا ادرك تمامًا أنّك قد لا ترى رسالتي وقد لا تقرأها؟
اردت فقط أن اخبرك أنّها رحلت، وأني لن اجدها لابثها همي والذكريات عندما تهاجمني، اردت أن اخبرك أن ذكراك الآن يمكنها أن تستوطنني وتعيش، اردت أن اخبرك أن الفقد القدري نتعايش معه ونقبله ولكن الفقد الاختياري يظل فينا ما بقينا، قد نجد من يحمله معنا ويخفّفه؛ ولكن ما أن يغيب إلا وتعود الذكرى لتستوطن وتكون حاضرة.
كن بخير أينما كنت، ونامي حبيبتي في سلام؛ لأنك كنتِ أنتِ لي السلام.

إيناس حبيب يوسف القاضي

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.