آخر الأخبار
The news is by your side.

على أنهار بابل … بقلم: عبدالعزيز بركة ساكن

على أنهار بابل … بقلم: عبدالعزيز بركة ساكن

عندما خلقنا الخالق ذات صباحٍ باكر، أنا و أنتِ، قُدَّ جسدكِ من الليمون، وجسدي من قشرة الليمون، قُدَّ جسدي من الليمون، وجسدكِ من قشرة الليمون.

بُنى وجهك من زقزة طائرِ الجنة جنة، وبُنى وجهي من رفرفةِ جناحيه، بُنى وجهك من رفرفةِ جناحيه، و بُنى وجهي من وجهكِ، رُسم فخذيكِ من طينِ النار ورُسم فخذي من نارِ الطين، رُسم فخذيكِ من نارِ الطين ورُسم فخذي من قلبكِ.

أَطلق لسانكِ من حكمة نبيين في ذاكرةِ المستقبل (كانوا سُودا كما الملائكة). و أَطلق لساني من قُبلاتكِ. و أَطلق لسانكِ من لساني، و أَطلق لساني من وجر النطقِ ووحوحةِ اللغة، فكنّا في الخلق كفأرين، وفي الناسِ كطائفةٍ من العصافيرِ و في البرِّ كالريحِ.

لستُ هنا لأقول أني أحُبُّكِ، فقد قلتٍ لِكُلِّ من أعرفهم ذلك، وقلتُ لمن لا أعرفهم أني أحُبُّكِ، للريحِ وهي تمر عبر قصب الحوش.
للحوش. للجرو الصغير ينبح في إصرارٍ غريب. للغرباءِ، لعلي نصر الله وصديقي الوسواس. للخنّاسِ. للناسِ، لربِّ الناس.
قلتُ لليمامةِ تغني للربابة تُوتّرْ، للصبيّةِ تأكل الآيس كريم. لأبنةِ الجيران تخجل من قُبْلتي، لدرويشٍ سكران، كان قد حدثني عن الله في صدره.
لمريمِ، لولدين وشيخين، لامرأةٍ.

قلتُ لطائرِ الطنان أني أحُبُّكِ، و أني أراكِ في كل شيء وردة، و أرى نفسي طائر طنان.للبنت تُعشق وتَعشقُ. للسكة تُمشى وتَمشي، لأحمد زكي وهو صديقي أعرفه منذ أن إلتقينا كعبدينِ أو ملكينِ أو شاعرينِ على أنهارِ بابل.

لفاطمة و منى و سيدة و جعفر، للالايا، قلت أني أحُبُّكِ، مثل كل يوم يمضى علينا متعانقين في قُبْلةٍ و خمر.
مثلما تعبث في ساقيكِ أناملي، مثلما يمرُّ العام علينا ونحن لما بعد ننتشي في العُري و الليل، ننتشي بكِ وبي.

لستِ أجمل امراة في الكون، ولستِ أطيبهُنّ ساقاً و معشراً. لستِ أفسد امراة في القلبِ و الميناءِ، ولستِ أطيبهُنّ قُبْلة.
لستِ اشهى سيّدة في الدرب، ولست أنبلهُنّ متعة.
لستِ أطول أمسية للنهدِ، ولستِ أعمقهُنّ عبيراً.
لستِ سوى العالم يخرج من رداء المعتاد و اليومي و المعروف و المألوف و الأغبى من صمتِ العارف.
انتِ كل الليل وأنا ما يتبقي كل ليلة من الليل.

أنتِ كُلِّ النساءِ يمشين للنهرِ، تضيء سوقهُنّ الطريق و الطارق، أنتِ أجمل امرأة فيهُنّ. أطولهُنّ في النخل و أسرعهُنّ في الغواية و أعرفهُنّ في الجسد و البيت. لا أعرف كيف أحُبُّكِ. لأنني أجهل فيك البنت.

لا أعرف كيف أقول لك أني لا أحُبُّكِ. لأنك تُجهلين في الليل. ولم يكن ما يفعله الجسد في الجسد سوى جهل الشخص للشخص.ما يتبقى قليل من أمسية تلتهمها قُبلاتك مثل رغيف اللغات الشهي.

هنا أنتِ، وهنا أنتِ وحدكِ، وأنتِ هنا، أنتِ وأنا.
هنا العالم يتبرّج في عُري لذيذ.
أحب العالم عارياً يمارس الجنس في الطرقاتِ، مثل كلاب أمي.
أحبُّ العالم كريماً طيباً داعراً عاهراً و لوطيّاً نبيلاً.
أحبُّ العالم كما هو يتبرّج لك ولي، و أنا وأنتِ لسنا آخر، غير العالم ذاته، ولسنا نحن العالم.
اذاً آتي إليَّ، أريدكِ الان أكثر وحدكِ، وليكن معك بعض الأصدقاء الذين تشِعّ عيونهم حين الهفوة (مبارك كلبوس يعرف قيمة الخطيئة).

أريدكِ مثل الفكرة، ومثلما كنتُ أريدكِ و أرغبكِ عندما نكون وحدنا، ومثلما كنتِ ترغبين فيّ عند الظل.
هي الحياة يا حبيبتي، لسنا وحدنا في العالم، ولكن يبدو ذلك أكثر و اقعية، عندما يعمل الجسد في الجسد فعل الجسد في الجسد.

قال لي الشاعر؛
– سنلتقي في الروح.

قالت لي حبيبتي:
– أحبُّ أن نلتقي في المكان.

و تضيق المسافة ما بين الروح و الجسد، . ما بين الفكرة و المثال، ما بين الواقع و حبيبتي، ولا يسعنا هذا المساء مرقداً و لا أغنية. تضيق الشوارع بنا و التلفونات ترن، و تضيق المكتبات بنا. والبنيات تحِنُّ. تضيق اللغة.

عندما نلتقي كل شيء يصبح لغة وكل ما نحتاجة من التكنلوجيا و العلم التطبيقي و العقل؛ مكاناً ما، لا يرانا فيه أحد، ونعرف كيف ننسى أن الله يرى كل الأمكنة.
نعرف كيف نمحو الخطيئة بالخطيئة البكر، لأنني و حبيبتي عندما نكون وحدنا نصبح بشراً تزهر في السوءِ، أشجارُنا.

هنا، قبل آلاف السنين قال لي الشاعر:
– سنلتقي في الحُبِّ

قالت لي بالأمس حبيبتي:
– ما هو الحُبُّ؟

العاشق من يفضح محبوبه، و العاشقة هي البنت التي تستطيع ان تهب روحها و جسدها في قُبْلةٍ واحدة و لا تدري ماذا يعني ذلك. و الحكيم في الحُبُّ من يكتفي بكُلِّ شيءٍ، ولا يُشبعه كل شيء!.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.