آخر الأخبار
The news is by your side.

 تأملات  رمضانية… الاية 36 من سورة الأنفال

 تأملات  رمضانية… الاية 36 من سورة الأنفال

بقلم: د. هاشم غرايبه

يقول تعالى في الاية 36 من سورة الأنفال: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ”.

الصراع الحقيقي في هذه الدنيا هو بين الحق والباطل، وليست الصراعات العسكرية الدولية ولا تلك التي بين المجتمعات، أو بين الاحتكارات الاقتصادية، ولا حتى تلك التي بين الأفراد، إلا أفرع من ذلك الصراع الأزلي الأساسي، والمتمثل دائما بمحاولة الشر قهر الخيرأو على الأقل اسكاته.

لذلك يبقى هنالك على الدوام فسطاطان يتقاتلان: أهل الحق الذين يريدون العدل والعيش بسلام، متسلحين بمنهج الله (الصراط المستقيم)، وأهل الباطل من يبغونها عوجا، ويريدون الاستئثار بكل شيء، متسلحين بالقوة والمال.

ومهما حاول أهل الباطل التحايل على هذه الحقيقة باختراع مسميات خادعة مثل الحفاظ على المصالح و الدفاع عن حقوق الإنسان أو الطفل أو المرأة والمساواة بين الناس والشرعة الدولية ..الخ، فكل ذلك تستر زائف، ينكشف فور استعمالهم سلاح القوة، إذ ينسون فورا كل تلك المبادئ والقيم التي ظلوا يتشدقون بها، ولا يوقفهم عن تحقيق مأربهم شرعة دولية ولا حقوق انسان ولا مثل عليا.. والدليل على ذلك ماثل الآن وبشكل صارخ وأمام أنظار كل العالم، في القطاع الصامد!.

فقد رأينا معسكر الباطل ينتظم بسرعة، ومثلما حدث في الحرب عل الإرهاب، فقد تشكل مرة أخرى أوسع تحالف في التاريخ، انتظم فيه كل معادي منهج الله على اختلاف مللهم وأعراقهم، وانضم إليه المنافقون من العرب، ويتخفون عنهم بادعاء اتباعهم منهج الله شكليا، هذا المعسكر هب كله لنجدة حليفه ورأس حربته –الكيان اللقيط – فور أن أحس أن فئة صغيرة ممن يتبنون منهج الله تجرأت على الهجوم على كيانهم المحصن، وكان سر قلقهم أن يحفز ذلك بقية الأمة المحبوسة في أقبية (سايكس – بيكو) على التحرر منها.

في هذه الآية الكريمة شمول لكل منتسبي فسطاط أهل الباطل، وهم الكفار على اختلاف أنواعهم، سواء كانوا من الملحدين المنكرين، أو المكذبين بالدين من المغضوب عليهم ومن الضالين، أو من المسلمين المنافقين، هؤلاء ينفقون أموالهم بسخاء عندما يكون في معاداة منهج الله وفي محاولة الصد عنه أو معاقبة المتمسكين به، فرأينا المليارات تتدفق بلا حساب على الكيان اللقيط، تمده بالسلاح الباهظ والذخائر المتقدمة، غير آبهين بالكلف الضخمة.

لكنهم لا يعلمون أن الله يمد لهم ويغريهم بهذا الإسراف، ويزين لهم أنها ستؤدي الى كسر شوكة أهل الحق وإخضاعهم، الى أن يفرغ خزائنهم المليئة بأموال السحت.

ولأن الله لن يسلم لهم أهل الحق: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، فسوف يبور كيدهم ويخيب مسعاهم، فلا ينتبهون الى سوء ما وقعوا فيه إلا بعد فقدانهم تلك الأموال سدى، وفوق ذلك يغلبون، فلا ينالون إلا حسرة في نفوسهم على خسارتهم المزدوجة، ثم يساقون الى عذاب أليم مقيم يوم القيامة.

إلا أن الخاسر الأكبر من بين كل أهل الباطل في موقعة الطوفان هم المنافقون، فأوجه الخسارة لديهم عديدة:

1 – فقد انكشفوا على حقيقتهم، ولم تنفعهم كل صنوف التخفي التي مارسوها خلال القرن المنصرم، بالحرص على مصلحة الأمة، وبحماية المقدسات تارة، وبتنقية الدين من الإرهاب تارة أخرى، كما لن ينفع إسرافهم على تزيين المساجد وزخرفتها، فقد كشف الكيان اللقيط أنهم هم من يطالبونه بعدم التوقف عن قتل المسلمين وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم قبل القضاء نهائيا على المجاهدين ووأد روح الجهاد لتيئيس المسلمين واجبارهم على الرضوخ لعدوهم تحت مسمى التطبيع.

2 – تقديم الدعم للعدو من غير أن ينالوا حمدا ولا شكورا، وذلك لأنهم مجبرون على إبقائه مخفيا كونه معيب أخلاقيا، ويعتبر خيانة وطنيا، ومن أكبر الكبائر شرعيا.

3 – القهر الذي سيشعرون به حين سيجبرون وحدهم على اعادة إعمار ما هدمه العدوان، ومن غير تحميل العدو المجرم شيئا من تلك الكلف.

4 – أموالهم الوفيرة ستزول، كما زالت أموال قارون، فأموال الخسيس لموازين إبليس.

5 – ستورثهم خسارتهم أموالهم من غير أن تحقق مأربهم حسرة وندامة، فوق أنهم سيحاسبون عليها في الدنيا والآخرة، كونهم اختلسوها من مقدرات الأمة التي وهبها الله إياها لتقوى على أداء واجب الدعوة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.