آخر الأخبار
The news is by your side.

المقياس المنحاز … بقلم: غيث البطيخي

المقياس المنحاز … بقلم: غيث البطيخي

إن مقياسنا المنحاز في الحكم على الأشخاص في الدنيا، جعل في عقولنا صورة خاطئة عمن هو مؤمن حقاً…

جعل لدينا صورة نمطية غير واقعية بأن الإنسان الملتزم عليه أن يقوم بكذا وبكذا، وأن ما نراه منه وما يُظهر هو أساس حكمنا…

فالملتحي مثلاً والذي يقيم الصلوات ويصوم رمضان هو آسمى ما يمكن الوصول إليه… وأن الخوري مثلاً بالتزامه في حياة خالصة لخدمة الكنيسة هو صورة التدين الأعظم عندنا…

وهنا نقع نحن في مغالطات كثيرة، أهمها أننا نظن في حكمنا على الآخرين وما بدا منهم، أننا عرفنا ما يجول في قلوبهم…

ومنها أننا نظن في معيار حياتنا لن نستطيع الوصول إلى ما قدموه مهما حاولنا… ذلك بأننا ظننا أنهم قد اكتملوا رغم قناعتنا أن لا كمال لإنسان منهم، وأننا مقصرين مهما اجتهدنا…

واسوء تلك المغالطات هي أننا نجعلهم أساس المفاضلة والمقارنة للحكم على أي شخص غير عنهم، كأنهم النموذج المكتمل الذي سيدخل الجنة، وكل البشر سواهم لن يدخلوها أبدا…

وأخطر ما نقوم به بسبب هذه المغالطات هو الحكم على من نخسر فيمن نحب في حياتنا، فنظن ببعد هذا الشخص الذي توفاه الله عن النموذج هذا يعني أنه لن يدخل الجنة، وأن مصيره النار خالد فيها…

فنقول كيف يدخل وقد كان يشرب؟ وكيف يدخل وقد كان لا يصوم؟ وكيف يدخل وقد كان لا يصّدق؟

وكأننا علمنا خفايا قلوبهم، وكأننا نعلم ما مروا به في حياتهم، وكأننا رأينا ما قدموه لغيرهم من خير وما قاموا به من عبادة تفوق معظم تلك الصورة النمطية في أذهاننا…

وكأننا علمنا ما في رحمة ربنا، وكأننا وضعنا أنفسنا مكان الله، وجعلنا تلك الصورة تذكرة الدخول إلى جنة إلهنا…

فلا ننسى أن الله يغفر الذنوب جميعاً، وأن الإنسان في رحلة جهاد حقيقية مع نفسه فيقاوم منها شرور أعمالها، ويطمح في أن ييسرها لليسرى…

ولا ننسى أن الله يغفر الذنوب جميعاً عدا الشرك، تلك الذنوب التي هي بين العبد وربه، وليس لإنسان أن يحكم على غيره فيها…

ولا ننسى أن هدف الإيمان الحقيقي يكمن في تأثيرنا على من هم حولنا بإحسان، وأن نستخلف هذه الأرض في المساهمة في ثورتها الحضارية والعلمية والفنية وغيرها…

ولا ننسى قوله تعالى “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم”…

لا ننسى…

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.