آخر الأخبار
The news is by your side.

هل ستظل القوات المسلحة عصية على التغيير ؟

هل ستظل القوات المسلحة عصية على التغيير ؟

تقرير: سامي سمري

ظلت قوات الشعب المسلحة السودانية أحدى اكثر المؤسسات التي تحتفظ بقدر كبير من التنظيم والمؤسسية والتدخلات السياسية المتسمرة فيها ؛ من قبل الانظمة المتعاقبة على حكم السودان ، إلا أنها عاشت في عهد الانقاذ أسوأ فتراتها ووصل هذا السوء إلى أوجه عندما فض الاعتصام السلمي امام قيادتها في الخرطوم فاصحبت وصمة عار اخرى اضيفت إلى سجلها الحافل بالانقلابات والحوادث الغريبة.

وقد كان لقوات الشعب المسلحة (شنة ورنة) في تسعينيات القرن الماضي حتى أن جيل التسعينيات هذا و الذي اليوم هو اليوم أكثر الفئات هجوما عليها وربما عداوة كان يملئ (حافظات المياه) وينتظر مرور المجندين بالاحياء وامام المنازل في التربية الصباحية، وهم يشدون بالجلالات، ليشربو من تلك الحافظات ويظل بعضهم راكضا يحمل حافظات المياه لأن المسؤول عن المجموعة لا يمسح للمجندين بالتوقف للشرب وان نجح المجند في الشرب يرمي (الكوز) أرضا – مرمي الله ما بترفع – لم يكن الامر يزعج هذا الجيل بل كان ينتظر المرة التالية لمرور المجندين بفارق الصبر.

لم يكن منظر ملابس التربية المكتوب على ظهرها (ق . ش . م) بالخط الاصفر ورائحة العرق المنبعة منها امر يزعج اولئك اليافعين بقدر ما كان يزعجهم صراخ امهاتهم (تعالو داخلنين هنا يا أولاد جارين وين وراهم) فتنقطع محاولة اللحاق ب(الجكة) ويعودوا خائبين.

وبعد اتفاقية السلام الشامل وايقاف بث برنامج ساحات الفداء ومسابقة الشهيد وتسريح الالاف من المنتسبين لها انعزلت القوات السلحة نسبيا عن الشعب وعادت إلى سكناتها.

وبعد اندلاع الحرب في دارفور والنيل الازرق لم تكن بذات العقيدة القتالية التي قاتلت بها في الجنوب لذلك لم تعد السلطة انذاك تعتمد عليها بشكل اساسي وحل محلها جهاز الامن والمخابرات الوطني فأصبحت هيئة العمليات هي من تخوض المعارك وشبابها أو ما يعرف بـ (السرايا) هم الذين يقاتلون الحركات التي اعلنت الحرب في ذلك الوقت واصبحت القوات المسلحة تقف متفرجة إلا بعض الأركان كالقوات الجوية التي كانت فاعلة جدا على عكس بقية الأركان.

تزايد الاهتمام بافراد جهاز الأمن واصبح أولاد قوش) كما يحبون ان يكنوا – الأعلى أجورا والاكثر دلالا بل وتسليحا ومهاما ، وأوى الجيش إلى ركن بعيد واتجه إلى التجارة والاستثمار فأنشأت الشركات والمصانع و هيئة التصنيع الحربي والتي تضم العديد من المصانع والانشطة ومجموعة ساريا وجياد وزادنا وغيرها من الشركات الضخمة فأصبح صوت المايكنات مألوفا اكثر من صوت الرصاص بالنسبة للقادة الذين ركبو الفارهات وبنو الشواهق وانعزلوا عن الجنود قبل الشارع.

وبعد اشتداد المعارك في دارفور والنيل الازرق اصبح افراد جهاز الأمن غير فاعلين في الحرب في تلك المناطق وكثر تعرضهم وإزلاهم للمواطنين واصحبوا مستهدفين في أنفسهم وممتلكاتهم فجيء بقوات الجنجويد التي كانت تضم مجموعات من قطاع الطرق وتم تدريبهم حتى كونت قوات الدعم السريع ليتم إلحاقها بجهاز الأمن والمخابرات ويدرب افرادها في معسكرات الجهاز إلا أنها لم تجد قبولا على الاطلاق من افراد الجهاز وقد ظهر هذا للعيان بعد الثورة عندما رفض حوالي اثنا عشر الفا من افراد هيئة العمليات الالتحاق بقوات الدعم السريع وفضلوا الذهاب إلى الشارع.

وبعد مقت الجهاز عليها تبعت قوات الدعم السريع للجيش بقرار من المخلوع ، لكنها لم تجد القبول هناك ايضا وظلت تاخذ تعليماتها فقط من قائدها محمد حمدان دقلو الشهير بحيمدتي الذي بدوره يأخد العليمات من البشير القائد الاعلى لقوات الشعب السملحة ، كل هذا كان يحدث والقوات المسلحة منغمسة في غياهب الرأسمالية الطفيلية وتقف متفرجة منشغلة بإستثماراتها الضخمة وزيادات أربحاها واراضيها الشاسعة التي يتسغرب من يراها ويقول كيف يستطيع احد أن يسورها فقط ناهيك عن ان يشيدها.

وبذلك اصبحت القوات المسحلة محيدة (لا تهش ولا تنش ) ورغم ان بعضا من صغار الضباط والرتب الوسيطة لم يكن يعجبهم الوضع إلا أن الرتب العليا كانت تسيطر عليهم كيف لا وكل الرتب العليا كانت من المؤتمر الوطني.

وبمرور الوقت تغيرت عقيدة القوات السودانية المسلحة وأصبحت دولة داخل الدولة ولم تعد تحمي الارض ولا الشعب ولا تعمل على استعادة الأرض المحتلة في الجهات الأربع فقط تفرغت للاستمثار والصناعات.
وكثيرا ما تحدث الخبراء والعسكريون بضرورة تأهيل وتسليح القوات المسلحة بأحد الاجهزة إلا ان أحدا لم يكن يهتم لأنهم ارادوها بشكل معين فأصبحت اسوأ مما ارادوا لها أن تكون.

وبحسب التقرير الذي أصدرته مؤسسة ( Global FirePower) لتصنيف الجيوش في فبراير 2020م فقد جاء الجيش السوداني في المرتبة السابعة والستين عالميا وإن هذا التقرير محل انتقاد إلا انه مؤشر يمكن الاستفادة منه.

فمتى يفيق القائمون على امرها ويدركوا الحال الذي تعيشه والاحترام الذي تفقده داخليا وخارجيا بدلا عن تكرار خطاباتهم الرنانة؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.