آخر الأخبار
The news is by your side.

حلق وثلاث غوايش! ..قصة قصيرة

حلق وثلاث غوايش! ..قصة قصيرة

بقلم: د. سيد شعبان

دب عمنا الشيخ صالح في كفر أبو قتب كما النمل؛ يتوكأ على عصاه؛ مسبحة خضراء معلقة برقبته، يتطوح يمينا وشمالا؛ تعلو ظهره حدبة أشبه بحجرة الرحى؛ يملأ سيالة جلبابه بحبات النعناع؛ يتبعه الصغار؛ يهبها نفحة من نفحاته؛ غير أن شيئا ينقصه؛ يضرب بعينيه في ممرات الكفر؛ تسكن حاراته ذوات الخد؛ وللقد منهن صنعة تبارك الخلاق؛ بفمه سن من فضة وخاتم فصه أخضر؛ يتلفع بعباءة قرض الفأر حافتها؛ تعرفه نسوة الكفر: هذه تطلب منه دعوة بتقريب الحبيب؛ وتلك بالذرية وقد خاب رجاؤها؛ وثالثة تلتمس بركته أن تدر بقرتها وعاء لبن، يتفل في يديه ثم يمسح على ظهرها؛ يتورد خدها؛ لابأس فعمنا الشيخ صالح ولي صاحب كرامات؛ لا تدور حوله وشايات؛ غير أنه في أمس الحاجة إلى بيت يسكنه؛ ليل الشتاء طويل؛ يتأوه في حسرة؛ يمضي في طريقه؛ تعابثه امرأة؛ تجاوزت الأربعين إلا قليلا؛ تلقي إليه بتحية؛ يعتدل ناصبا ظهره؛ يهب الهواء ساخنا يلفح وجهه؛ تند عنه زفرة؛ تتأوه المرأة نارا اشتعلت في قلبها.

تعابثه في تدلل!

-سيدنا الشيخ؟

-صباحك بركة ونور!

-اسم الله عليك؛ منور كما البدر!

عندي خمسة قراريط؛ وبقرة وأزيدك: دار وخزين؛ وحلق وثلاث غوايش؛ ماترى؟

-عودي انحنى؛ وريقي نشف!

-لا يا سيدنا!

أنت جمل المحامل؛ إن شاء الله يطول عمرك!

نعيش في ظلك وتتمدد في الدار؛ شمس الضحى تقويك وعرق الصبا يسري في بدنك!

يعرفها؛ بيت ولدها ما يزال بكرا؛ جوز الهند و الحبهان من دكانة رضا العطار تعيدان له ماء الحياة؛ تتندر عليه امرأة عجوز؛ لا يصلح العطار ما أفسده الدهر؛ تنتابه رعدة؛ يحمر وجهه؛ يقسم: ستكون بعون مولاه ذرية تملأ الأرض!

تكاد تمزقها بأسنانها؛ تتمتم اسم الله عليه؛ عينك ينغرس فيها عود.

رمى الشيخ صالح بعكازه بعيدا؛ تطوح؛ أمسك بطاقيته يعدلها؛ مسح على شاربه؛ ملأ صدره بالهواء!

مال بها ناحية دار المأذون!

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.