آخر الأخبار
The news is by your side.

استقالات الولاة .. خلافات أم هروب من الواقع

استقالات الولاة .. خلافات أم هروب من الواقع

الخرطوم: عماد النظيف

تعد الاستقالات السمة البارزة للفترة الانتقالية سيما هذه الأيام، وتتركز الاستقالات على الشق العسكري في الحكم، غالبها بسبب رفض المدنيين لتولي العسكر مناصب رفيعة، فبعد أن استقال الفريق أول محمد حمدان دقلو من رئاسة الآلية الاقتصادية، تبعه اثنان من الولاة العسكريين بالشمالية وجنوب دارفور، ما جعل البعض يتساءل هل تعود الخطوة لخلافات أم للهروب من واقع الأزمات الذي تعيشه البلاد.

يذكر أن الحرية والتغيير سعت كثيراً لتعيين ولاة مدنيين بدلاً من العسكريين الذين أبدوا زهدهم في المناصب من قبل، إلا أن إعلان جوبا يقف حجر عثرة أمام المدنيين، والذي وقع بين الحكومة الجبهة الثورية وينص على تأجيل تعيين الولاة المدنيين وتشكيل المجلس التشريعي بعد الوصول لسلام شامل.

فلاش باك

وقبل فترة ليست بالطويلة صعدت الحرية والتغيير ولجان المقاومة احتجاجات شعبية في الولايات في وجه الولاة العسكريين، الأمر الذي دفع القيادة العسكرية إلى إنهاء تكليف عدد من الولاة، تقدمهم والي نهر النيل اللواء عبد المحمود حماد حسين، ووالي النيل الأبيض اللواء حيدر الطريفي، واجرى الولاة عملية تسليم وتسلم لأمناء الحكومات في الولاية، قبل أن تعود الحكومة وتعيدهم إلى مناصبهم مجدداً.

الشاهد أن الولاة العسكريين الذين كلفوا بالمهمة بعد نجاح الثورة، بدأ عليهم الزهد في المنصب بعد أن طالبوا على الملأ، رئيس المجلس السيادي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بإعفائهم، بعد الحملة الشرسة التي جوبهوا بها، لكن القيادة العسكرية بالبلاد كانت ترى أن الوضع الأمني بالولايات مازال هشاً يحتاج إلى حاكم عسكري، هذا إلى جانب الاتفاق مع الحركات المسلحة الذي ينص على تأجيل تعيين الولاة في الوقت الحالي إلى ما بعد تحقيق السلام الشامل.

معاقبة الشعب

مسلسل الخلافات بين طرفي الحكم في البلاد تواصلت تباعاً، لكن هذا المرة بدخول عامل جديد وهو جائحة كورونا، وقضايا الخدمات، لم يصمد أمامها والي ولاية جنوب دارفور اللواء الركن هاشم خالد محمود الذي دفع باستقالته من منصبه للمجلس السيادي، قائلاً: إن الحكومة الانتقالية تعاقب شعبنا في الولايات لأننا حكام عسكريون، وأشار الوالي إلى أنه دفع بعدد من المطالب للحكومة الانتقالية من بينها زيادة حصة الولاية من الدقيق عند انعقاد المجلس السيادي بنيالا في سبتمبر الماضي بجانب كهرباء نيالا وغيرها من المطالب التي لم تجد أي استجابة من الحكومة، وذكر الوالي المستقيل أنه عقد اجتماعاً بمكتبه مع إدارة توليد الكهرباء بحضور الشركة التركية لبحث قرار الشركة التركية بوقف الإنتاج الكهربائي كليا مطلع أبريل الحالي بسبب مديونية الشركة على الحكومة الاتحادية والتي قال إنها فاقت الـ(8) ملايين دولار، وقال محمود إن النظام السابق تعاقد تعاقدا مخلا مع الشركة التركية مما تسبب في ارهاق حكومة الولاية في دفع (84) ألف جنيه يوميا للكهرباء، وأضاف نشتري الكيلو من الأتراك بـ(5) جنيهات ونبيعه للمواطن بـ(60) قرشاً، وأكد أن حكومته تعمل في ظروف بالغة التعقيد في ظل عدم وجود مجلس تشريعي لحسم الأمور التي تحتاج إلى سن قوانين .

رفض لجان المقاومة

وعلى طريقة والي جنوب دارفور غادر والي الشمالية اللواء الركن محمد الحسن الساعوري، دنقلا بصورة مفاجئة بعد أن دفع باستقالة إلى قائد المنطقة، بسبب خلافات مع لجان المقاومة بالولاية، ووصلت الخلافات مداها عندما تمسكت اللجان بمغادرة سودانيين مبعدين من ليبيا عبر القوات المشتركة السودانية الليبية، كان مقرراً حجرهم في دنقلا، ويبلغ عددهم 165، حيث تم الإعداد لاستقبالهم بمطار دنقلا لإجراء الفحص الطبي والهجري المبدئي والفرز، وبعد رفض لجان المقاومة تم ترحيل المبعدين إلى الخرطوم .

ضعف قدرة الحكومة

وهنا يبرز السؤال، هل الخلافات بين شركاء الحكومة المدنيين والعسكريين، أصبحت مهدداً للاستقرار في الولايات في الوقت الراهن ؟، في ظل جائحة كورونا، تأتي الإجابة على لسان المحلل السياسي محي الدين محمد، الذي قال إن الخلافات تعطي مؤشراً بعدم اتساق الشراكة بين الحرية والتغيير والمكون العسكري بشكل واضح، ولم يستبعد أن تتكرر الاستقالات في عدد من الولايات الأخرى لأن الظروف متشابهة على حد قوله، وتوقع أن يربك هذا الأمر الفترة الانتقالية، ويصعب بموجبها الاتفاق الذي تم بين الجبهة الثورية والحكومة، حول تعيين ولاة مدنيين، محمد توقع ايضاً أن تربك استقالة الولاة العسكريين قدرة الولايات على إنجاز مهامها في تقديم الخدمات للمواطنين، ورأى أن الخلافات التي بدأت تظهر بين الحرية والتغيير والحكومة الانتقالية فيما يتصل بموقف بعض مكوناتها في قرار رفع الدعم يشير إلى أن المكونات السياسية كحاضنة سياسية ليس على قلب رجل واحد في علاقتها مع الحكومة المدنية، وأما الشق الآخر الخلاف البائن بين الحكومة والولاة العسكريين، هذا مؤشر بأن العلاقة لا تسير بشكل جيد ما يعطي مؤشرات سالبة للمواطنين ويعقد إدارة الفترة الانتقالية فيما تبقى لها من سنوات .

ضغوطات خارجية

فيما قال الخبير الأمني طارق محمد عمر، إن العلاقة بين المكونين المدني والعسكري فيها نوع من الحساسية الزائد منذ سقوط البشير، وأن تجمع المهنيين ولجان المقاومة لديهم مفاهيم خاطئة عن الولاة العسكريين، ويرونهم بأنهم امتداد طبيعي للإسلاميين ويطالبون بإقالتهم فوراً وبصورة مستمرة، وتابع عمر لـ(آخر لحظة) لجان المقاومة ليس لديها ثقة في الولاة العسكريين لذلك نجدهم مصدومين بهم في كثير من القضايا الخلافية التي يمكن أن تحل بالتفاوض وليس بالمظاهرات، واختتم الخبير عموماً الشراكة تأثرت بضغوطات خارجية.

 

أخر لحظة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.