آخر الأخبار
The news is by your side.

وزير المالية د. إبراهيم البدوي في حوار الإجابات الساخنة من واشنطن 3-4

وزير المالية د. إبراهيم البدوي في حوار الإجابات الساخنة من واشنطن 3-4
 

حاوره بواشنطن:صلاح شعيب

أدى فشل النظام البائد في كل المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الى تدهور شامل وتراجع وصل الى أخلاق وسلوكيَات الانسان السوداني التي كانت مضرب المثل.
تَخَبط خُطَطه الاقتصادية انتهى بدمار كل المشاريع التنموية في البلاد، واستشراء الفساد، وهجرة الملايين من المواطنين بحثا عن العيش الكريم بعد أن توسَّعت دائرة الفقر وأصبحت المَسْغَبة ملمحاً بارزاً في كل أنحاء السودان، ريفاً وحضراً، مدناً تريَّفت وقرى هجرها أهلها.
وفي آخر الأمر، ساهم الاقتصاد، بجانب عوامل كثيرة هامة، في انطلاق شرارة الحراك الثوري حتى انتصر وذهب النظام البائد غير مأسوف عليه، بل تلاحقه وستلاحقه اللعنات حتى وإن تَحَسَّن الوضع الاقتصادي، وليس ذلك على السودانيين بعسير، ولا على خالقهم بكثير، بعد أن مَكَّنهم مِن هزيمة مَن تاجر بدينه واسمه ومصحفه الكريم.
ومع ذلك، سيظل الاقتصاد يمَثِل تحدياً كبيراً أمام استقرار البلاد، والامر لن يقف عند الحكومة الجديدة برئاسة الخبير الاقتصادي د. عبد الله حمدوك، ولن ينتهي بانتهاء فترتها الانتقالية وتسليم السلطة لحكومة ديمقراطية منتخبة. الشاهد ان تدهور الاقتصاد السوداني يمثل عرضاً لمرضٍ عميق يرتبط في الأساس بالهيكلة السياسية للدولة، فالسياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة.
حملنا كل هموم الاقتصاد السوداني وجلسنا بها مع وزير المالية د. ابراهيم البدوي، وقصدنا أن يكون حديثه معنا مفتوحا فامتد لحوالي ساعتين من الزمن، باسئلة قصيرة واجوبة، لا نريد ان نصفها ونفسد على القارئ فرصة تقييمها لوحده واختيار الوصف الذي يريده لها.
فإلى مضابط الحلقة الثانية من حوار (الوطن) الصحيفة، لأجل الوطن السودان، مع وزير المالية د. إبراهيم البدوي:

د. إبراهيم هناك ديون المشاريع الفاشلة مثل سد مروي، ويتبادر كذلك سؤال إلى مدى قانونيا نعيد النظر في العقودات التي تمت في النظام السابق، وهل هناك آلية نعالج بها هذه العقودات التي تمت في وضع غير شفاف، وهنالك عقودات لأراض مائة عام والتفريط في ميناء سواكن كيف تتم المعالجة لهذه المواضيع وحتى هناك فساد في شأن دخل البترول منذ بدء ضخه؟
من المؤكد أنه لابد من المراجعة، وفيما يليني هنالك بعض المسائل متعلقة بالقانون، وهذه تحتاج إلى نظر لأن الدولة القائمة وقتها كانت تمثل السودان والفقهاء القانونيون يمكنهم الإجابة بصورة أكثر تخصصا. أنا التقيت ببعض المستثمرين وهم سعوا للقائي، وهناك المستثمرون الذين استفادوا من العقودات التي أخذوا بموجبها أراضٍ واسعة جدا. وكانت هذه الأراضي في مناطق هامة تستفيد من المياه الجوفية وهي ثروة ناضبة قيمتها اقتصاديا عالية جدا ولم تكن فيها شفافية. وهذه العقود غير معروفة والمؤكد نحن بصدد مراجعة هذه العقودات إذ لدينا الحق القانوني. والذين اجتمعوا بي اقترحت عليهم فكرة الزراعة التعاقدية، مثلا مشروع الجزيرة فيه بنية تحتية قوية جدا تم التفريط فيها وانهارت وتعرضت للضياع، مثلا منظومة السكك الحديد والمحالج الشركات التي تعمل في مناطق الشمالية ونهر النيل تستخدم تقنيات عالية جدا مثل الطاقة المتجددة للري، ولديها آليات لتنظيف الترع وتستخدم حزم تقنية من ناحية البذور المحسنة ذات الإنتاج العالي. أنا قلت لهم مثلا إن مزارعي الجزيرة لديهم حواشات موجودين فيها، ولديهم أيدٍ عاملة وممكن تدخلوا معاهم في شراكة تعاقدية تعيدوا تطوير البنية التحتية، وتستخدموا التقنيات لزيادة الإنتاجية وتشتروا منهم الإنتاج وتصنعوه داخل السودان. ونحن كحكومة نستفيد من القيمة المضافة وتنشيط الاقتصاد في الجزيرة وسط السودان عبر الزراعة المروية والمزارعين يمتلكون الأراضي. ولن تكون هناك مشكلة ولن يعترضكم أحد ولن يقال إنكم استلبتم الأرض. ونفس الشئ ينطبق على حزام الصمغ العربي والزراعة المطرية. الآن هنالك تقنية متطورة جدا في استراليا ودول أخرى للزراعة المصاحبة للجفاف والزراعة المروية. وهنالك تقنيات تجعل الإنتاج الزراعي عالٍ، ومن الممكن نعمل لهم شراكات مع روابط المزارعين في كردفان ودارفور وشرق السودان والقضارف والزراعة التعاقدية، وبرغم التحفظات هنا وهناك نجحت كثيرا، ولذلك هذا هو الخط الذي سندعمه، والمراجعة ضرورية ولابد منها.

لماذا لا يكون هنالك دعم لمدخلات الإنتاج، وخصوصا مشروع الجزيرة وأنت تكلمت عنه ومشاريع الزراعة الآلية، ومشروع الرهد وغيره، إلى أي مدى أنتم مستعدون للدعم وتقنية الزراعة تطورت، وماذا عن إمكانية استجلاب معدات حديثة أفضل من ما كان يحدث وتملكونها للمزارعين بحيث أنكم تدعمون محفزات الإنتاج؟

طبعا التقانة الحديثة بالذات البيولوجية مفيدة جدا، ولابد من تعميمها، ويعني هذا أن نزيد الدعم وتخصيص الموارد للبحوث الزراعية وأيضا هنالك شركات كما قلت لك تدخل في تعاقدات مع المزارعين، وتقدم خدمات من قبيل حرث الأرض والحصاد والحزم التقنية والدعم المباشر الذي يأتي من البحوث الزراعية والإرشاد مهم ونحن بصدد زيادته. وهنالك توصيات للدول الأفريقية توضح أن الدول الأفريقية قليلة الدخل.. لابد أن يكون نصيب الزراعة في الموازنة أقل شئ عشرة في المائة لأنها محسوبة بتوفر إيرادات كافية لتوظيف باحثين زراعيين وتطوير الأبحاث الزراعية وأشياء من هذا القبيل. والزراعة الآن ظلت سوقا والقطاع الخاص يلعب فيها دورا كبيرا جدا ونحن كحكومة واجبنا توفير مناخ الاستثمار الملائم لدعم القطاع الزراعي. وطبعا قد ذكرت في أكثر من مناسبة أنحى نحن في رؤية 2020 عندنا ما يسمى بالقطوف الدانية وسيكون مساهمة كبيرة للقطاع الزراعي، والفكرة تتعلق بإعادة تخصيص الموارد للإنتاج والزراعة ضمنها.

هل من الممكن تشجيع المغتربين، إذ لدينا عددا كبيرا من المغتربين في الخارج في مختلف دول العالم ممكن مدخلات الإنتاج يسهموا فيها إذا ساعدتهم بإعفاءات جمركية. ومن الممكن أن يستجلبوا تراكتورات ومعدات حديثة وبذور محسنة مثلا، وأنت طالبت بدعم المغتربين من قبل ليكون لهم دور في النهضة الاقتصادية، ما الذي يمكن أن تقدمه وزارة المالية للمغتربين من إغراءات بحيث يسهموا في نهوض الاقتصاد، وهنالك إمكانية لاستيراد مطابع ومصانع صغيرة وفي أمريكا هناك تجربة (الاسمول بزنس) وغيرها، والهدف هنا تشجيع المغتربين لأن الحكومة السابقة كانت تتجاهل مساهمتهم؟
أهم شئ نعمله للمغتربين لجذب استثماراتهم هو أن نوحد سعر الصرف لأنه مهما يكون من عمل وجهد اقتصادي يبقى من الخيال وعدم الواقعية إذا لم نهتم بسعر الصرف، بحيث أن فرق السعر الآن بين السعر الجاري في السوق والسعر الرسمي 50% أو حتى 20%. نحن لازم علينا أن نصل لمستوي إصلاح اقتصادي كلي يمكننا من تقريب الوضع بين سعر الصرف الرسمي والموازي أو توحيده، وهذا أهم ضمان لجذب تحويلات المغتربين وهي كبيرة جدا. وأنا مهتم بدور المغتربين وفي ما يخص وضع المغتربين هنالك مشروعان، الأول طالبوا به أنفسهم وسيتم إطلاقه قريب جدا خلال أسابيع وهو صندوق وديعة لدعم احتياطي بنك السودان وهي سترد قبل نهاية الفترة الانتقالية، وهو مهم جدا لسيساعدنا في مرحلة الإنعاش. وسيكون مؤشرا قويا للأصدقاء وللأشقاء بأن الثورة السودانية دعمت من قبل المهجر السوداني. والآن الاقتصاد السوداني يدعم من قبل المهجر السوداني.

وما هو المشروع الثاني؟

المشروع الثاني هو مشروع صندوق المهجر لإعمار السودان وهذا سيكون في شكل صندوق به أسهم من قبل السودانيين المهجرين. وستكون به جمعية عمومية وتنتخب مجلس الإدارة وهو من يعين إدارة هذا الصندوق، والذي نجعله في شكل استثمارات تخدم مصالح المهجرين سواء ان كان مؤسسات تعليمية أو مدن متخصصة تمكن المغتربين من بناء أرض. وهذا لا يمكن أن ينجز الآن فالوضع الاقتصادي في هذا الحال يعاني من 60% حالة تضخم وزيادات في سعر الصرف. أما الوديعة فترد ولا مشكلة فيها. ولكن لابد أن نكتسب مصداقية بعمل إصلاح اقتصادي خلال الستة أشهر القادمة والسنة القادمة ونطلق هذه المشاريع. والمغتربون ذخيرة مهمة جدا، ويجب مراجعة كثير من المعوقات وعندنا بعض الأفكار والمقترحات تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، والاتفاق مع وزارات أخرى خاصة بأوضاع المغتربين، وطبعا بعض الاتفاق عليها ستعلن للرأي العام.

كيف تنظر لبعض الانتقادات التي بدرت من بعض الاقتصاديين حول بعض طروحاتك الاقتصادية حول أنك تسعى لاتخاذ مواقف البنك الدولي؟

أريد أن أوضح معلومتين فبعض الإخوة من الاقتصاديين تحدثوا عن مسألة دعم المواطن بأنها مسألة مكلفة وأن هنالك أصلا دعما موجودا يشكل عبء على الموازنة وهو الدعم السلعي وأنا أقول هنا إن الدعم السلعي ليس له علاقة مباشرة بالموازنة لأنه هبة وتلقينا من السعودية والإمارات مشكورين مبلغ 3 مليار دولارا، منها 500 مليون دولار في شكل وديعة لدعم احتياطي بنك السودان منذ أيام المجلس العسكري و2 مليار دولارا ونصف مناصفة بين الدولتين الشقيقتين وهو عبارة عن دعم سلعي يشمل المشتقات النفطية والقمح ومدخلات الإنتاج الزراعي. وهذا الدعم برمجناه مع سفيري الدولتين وهما السعودية والإمارات وهم سيرجعان للمسؤولين في بلدانهم للتقرير بشأن الأمر وهل سيكفينا لنهاية العام 2020، ولكن في مجال القمح مثلا نحن نبيع جوال الدقيق لأصحاب المطاحن بواقع 500 جنيه بينما سعره في السوق بأكثر من 1200 جنيها. ولذلك الدعم يشكل نسبة كبيرة لتسيير اقتصادنا الآن، فالمشتقات النفطية فقط تشكل نحو 8% من الناتج المحلي ولذلك هو ليس عبء على الموازنة الحالية لأنه هبة. ولكن مشكلة مثل هذا الدعم وبهذه الطريقة غير قابل للاستدامة لأنه مرتبط بمنحة تعطيها لنا دول شقيقة وهذا الدعم لايصل لكل سكان السودان خارج المدن الكبرى وبالذات خارج العاصمة. ولذلك نعتقد أن الأفضل للاقتصاد السوداني العمل بسعر السوق فالدعم يشوه الاقتصاد وأهمية أسعار السوق أنها مؤشرات للاقتصاد، مثلا إذا عند سعر صرف غالي جدا يؤدي إلى زيادة الاستثمار، ولذلك نريد سعر الصرف موازيا أو متماهيا مع الميزة النسبية للاقتصاد وميزته الزراعة والاستثمار فيها، والرؤية السديدة أننا ندعم المواطن، والمواطن يقرر ليختار ومشكلة الدعم أنه لن يصل لكل المواطنين.

هذا الكلام قريب من وجهة نظر النظام السابق بأن الدعم يذهب لغير مستحقيه وفئات غنية بينما الفقراء لايستفيدون منه وهل كان النظام السابق صادق في هذا الحديث وأعتقد أن الخوف كله أن رفع الدعم هو محور حديث الناس وربطوا زيارتك للبنك الدولي بهذا الأمر وليتك تطمئن الناس؟

من يقولني كلاما يتحمل نتيجة كلامه. فرفع الدعم ليس في قاموسنا وأناشد لم اتكلم عن أننا ذاهبون لرفع الدعم حالا. وهنالك ناس لديهم أهداف غير معروفة لي ومن حقهم أن يقولوا ما يريدون ولكن يجب ألا يقولوني ما لم أقل. وأن قلت إنه لابد أن ننتقل من دعم السلع إلى دعم المواطن، وكيف ندعم المواطن ودعم السلع الحالي مرتبط بهبة ممنوحة من غيرنا ودعم المشتقات النفطية أكبر من الموازنة المخصصة للتعليم والصحة في الموازنة المركزية؟. نحن كشعب 60% من مكوننا شباب ونريد أن نهيئ أنفسنا للثورة الرقمية التي تشكل الاقتصاد العالمي. هل الشعب السوداني يرغب أن ندعم مشتقات بترولية وبعض الناس لديه ثلاث سيارات في المنزل في العواصم والمدن الكبرى على حساب المواطن العادي؟
همنا أن نعطي أي مواطن سوداني نصيبه، أي نحو 200 جنيه أو 300 جنيه شهريا مباشرة وهذا ليس أمر من البدع بل هو مطبق الآن في السعودية، طبعا مع الفارق 70% من المواطنين السعوديين يتلقون دعم شهري مباشر والآن الهند على وشك تطبيق برنامج الدعم المباشر والدعم المباشر نفسه أنواع، هنالك دعم لكل المواطنين وهنالك دعم لفئة محددة ولكنها فئة كبيرة. ونحن الآن سنقدم مشروعي دعم للكل مع ضرائب تصاعدية وهذا ساهل والدعم المقيد ممكن ولكن بمعايير محددة. أما الحديث عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتلك الخلفية فقد تخطاه الزمن. والمسألة تتعلق حول من أنت وهل لديك برنامج وهل لديك رؤية تم نقاشها مجتمعيا أما لا؟ أنا فخور جدا بأنني عملت في البنك الدولي لأن الكتابات التي كتبتها كانت نتاج تجربة. الآن الحوار في البنك الدولي عن ورقة استراتيجية لمكافحة الفقر وأهداف التنمية المستدامة وهكذا ونحن بعد تخفيض الديون أو الإعفاء سنحدث تقدما. والديون ليست مسؤولية حكومة الثورة بل مسؤولية النظام البائد، فعندما قام انقلاب الانقاذ كانت مديونية السودان أقل من 18 مليون دولار والآن 60 مليار دولار على الأقل، وهي ليست مسؤوليتنا، ولكن إن لم نعالجها إذا اتبعنا نظاما اشتراكي،ا أو أي نظام آخر فالديون مسؤولية قانونية نحن نتحملها وإذا كان هناك أي شخص يملك بديلا موضوعيا قابلا للتطبيق فمرحبا به.

 

الوطن

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.