آخر الأخبار
The news is by your side.

لماذا أيدت الاتفاق الإطاري

لماذا أيدت الاتفاق الإطاري

بقلم: جعفر عباس

كنت واحدا من بين 46 إعلاميا أصدروا بيانا يؤيد الاتفاق الإطاري المبرم بين السلطة الانقلابية وتحالف قوى الحرية والتغيير (قحت)، ورغم انني لست في العير او النفير في المشهد السياسي، فقد قابل أصدقاء ومعارف أحبهم وأحترمهم توقيعي على البيان بالاستنكار والامتعاض، بل منهم من وصمني بالتخاذل و”الردة”، وسأني ذلك، ولكنه لم يغضبني، لأنه ينم عن حسن ظن “سابق” بي.

الاتفاق الإطاري في تقديري ليس أكثر من “قولة خير”، التي تمثل الخطوة التمهيدية في مشاريع الزواج، ولكنها لا تمثل ضمانة بأن الزواج سيتم على خير، فقد لا يتم إطلاقا بسبب الخلاف حول مقدم ومؤخر الصداق وتفاصيل المراسيم، وقد يتم مصحوبا بتوترات لا تبشر باستمراريته، وقد يتم بسلاسة قد تؤدي الى النجاح في مسيرة تكوين عائلة، ولا يهمني من امر الإطاري هذا سوى أنه يقضي بخروج العسكر من دهاليز الحكم والقصر، فإذا فعلوا ذلك – وقد لا يفعلوا لأن كبيرهم، البرهان، مجبول على الكذب والمكر والغدر- يكون قد تحقق أهم شرط من شروط الثورة، وهو “لا شراكة”، ويصبح أمر تنزيل شعارات الثورة على الأرض أكثر يسرا، لأن المنازلة ستكون وقتها مع قحت التي لا افترض أنها ترفض رفع لواء الثورة أو تتعمد خيانة مواثيق الثورة المكتوبة والمنطوقة، وإن كنت أتوجس من أنها قد تسيء التقدير كما فعلت في عام 2019.

وفي تقديري فإن النضال والنزال بعد خروج العسكر من المشهد ينبغي ان يكون في ساحة المجلس التشريعي، أي انه على قوى الثورة الحقيقية الخالية من الغرض والمرض ان تحرص على ان يكون غالبية أعضاء البرلمان من أنصار التغيير وإعادة بناء الدولة، لأن البرلمان وحده من يملك سلطة محاسبة وعزل وتعيين أعضاء مجلس السيادة والحكومة التنفيذية وإصدار القوانين وتعديل الدستور، سواء كان معلنا، او تحت التربيزة او السرير.

وأحسب ان قرار قحت بقبول التفاوض مع حكومة الأمر الواقع (العسكر) كان سليما، وأن الاتفاق – على الأقل على الورق – يفي بمطلوبات الثورة والتغيير. وأن التمسك بلاءات الثوار الحقيقيين فرض عين باستثناء “لا تفاوض”، فحتى المنتصر في الحرب لابد ان يفاوض المهزوم لتعزيز وتأكيد النصر، وأقصى المرجو من التفاوض المفضي لـآ”الإطاري” ومن ثم الى “النهائي”، هو تحقيق “عدم الشراكة” مع العسكر في الحكم، وبعدها يأتي البرلمان لسد أي ثغرة في الاتفاق او الدستور، فتكون المحاكمات الناجزة لمن مارسوا القتل والاغتصاب والتعذيب وخيانة الأمانة طوال السنوات الأربع الماضية، وتصفية النظام القديم فعلا لا قولا فقط، وإرساء دعائم حكم ديمقراطي حقيقي يقف على أرجل ثابتة.

وأقول لمن عابوا عليّ التوقيع على بيان تأييد الاتفاق الإطاري ان ذلك لا ولن يعني انني أطرش في زفة قحت، بل يعني أنني أؤيد البيان فقط على أمل ان يقصي عصبة البراهنة والدقالوة ومن تبعهم من مرتزقة من المشهد، وبعدها وقبلها أبقى مع غيري رهن إشارة جنود الثورة الحقيقيين، رافعا لراياتها ومساهما قدر استطاعتي في غرسها في قلب الأرض.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.