آخر الأخبار
The news is by your side.

كشف التزييف … بقلم: د. هاشم غرايبه

 كشف التزييف … بقلم: د. هاشم غرايبه

رغم التقدم التقني والوعي الثقافي والعلمي، إلا أن الأسطرة (صناعة الأساطير)، والتأليه (نحت الأصنام)، ما زال معمولٌ بها في الغرب، مثلما كان لدى أسلافهم الإغريق والرومان.

السبب هو أن الحضارة أخلاق وقيم، فهذه هي التي تمنحها البعد الإنساني، وتميزها بذلك هو ما يعطيها الرقي فيصبح انتهاجها قبلة أنظار الأمم الأخرى.

ولما كانت المفاهيم الغربية مرتكزة أساسا على مبدأين متبعين منذ فجر التاريخ وهما: الكسب بغض النظر عن الوسيلة إلى تحقيقه، والتفوق العسكري لضمان احتكار الهيمنة والسيطرة بهدف السلب، والاستحواذ على ما لدى الآخرين، تحت مسمى غائم يدعونه تأمين المصالح.

لذلك فالبعد الفكري يبقى ثانويا، وليس المرتكز للانطلاق الحضاري، لذا ظل أصحاب النفوذ المالي والسياسي (الرأسمالية) هم المستفيدون من نشر هذه الخرافات ذاتهم، يوظفونها لخدمة مصالحهم التوسعية للسيطرة على الشعوب المستضعفة.

تشكل قصة الصبية الباكستانية (ملالا يوسفزي) التي نالت جائزة نوبل للسلام عام 2014 عن عمر سبعة عشر عاما، أقوى دليل على ذلك.

لم يسأل أحد عن الأعمال الجليلة التي قامت بها هذه الصبية خلال هذه الفترة القصيرة فعم السلام العالم على إثرها، فاستحقت الفوز بأرفع جائزة عالمية، واستأثرت بها دون الآلاف من الذين أفنوا عمرهم في مساع إنسانية وأفعال مفيدة للبشرية، لأن الإعلام الغربي المضلل صنع منها صنما يرمز للبطولة والنضال، رغم أن كل ما فعلته أنها كتبت تدوينه تدعو الى الانشقاق عن قيم مجتمعها المحافظ والالتحاق بركب (التنوير) الأوروبي. نشرتها (BBC)، كان ذلك كلمة السر التي فتحت أمامها أبواب كل منظمات حقوق الإنسان والمرأة والطفل الغربية الزائفة.

وجدت المخابرات الأمريكية أن حالتها تصلح كذريعة للتدخل في شؤون افغانستان والباكستان، فأرسلوا لها صحفيا وعمل فيلما تسجيليا، فوقعت في فخ الشهرة، وأخذت تهاجم طالبان، التي كانت تسيطر على منطقتها.

قيل للعالم أن أحد أفراد طالبان حاول قتلها بثلاث رصاصات في رأسها، رغم ركاكة الرواية، فلم يجرؤ أحد عل السؤال: كيف أنها لم تصب إلا بخدوش رغم أنها أطلقت عليها من مسافة قريبة، ونقلت الى الغرب وعولجت فأصبحت بطلة، وأخذت تتنقل بين عواصمه ويُحتفى بها على كل المستويات ابتداء من (أوباما) وحتى أصغر دولة أوروبية.

لا أحد يعترض على اهتمام الغرب بطفلة من الشرق، لكن هل الدوافع إنسانية؟.

لو كان ذلك صحيحا، لرأينا تعاطفا مع (محمد الدرة) وآلاف الأطفال غيره، أغلبهم لم يتمكن الصحافيون من توثيق عمليات إعدامهم إثر رميهم حجرا على سيارة مدرعة اسرائيلية أو رفعهم سكين فواكه أمام جندي مدجج بالسلاح.

في العدوان الأخير على غزة، الذي جاء لأهداف انتخابية، ففي كيان قائم على الإرهاب، يتنافس قياديوه في نيل أصوات الناخبين على من يبطش بالفلسطينيين العزل أكثر، فبدأ باغتيالات جبانة، واستكمل بقتل أطفال أصغر من (ملالا).

لم يسأل الغرب بأي ذنب قتلوا، بل أيدوه، واعتبروه حقا مشروعا في الدفاع عن النفس.

طبعا لن نتوقع غير ذلك، فالغرب المنافق لا يخجله ازدواجية المعايير، فهذه قيمهم وأخلاقهم.

لكن ما يؤلمنا أولئك النفر من العرب المنسلخين عن هم أمتهم بارتكابهم رذيلة التطبيع، هل سكوتهم عن إجرام العدو لأنهم فقدوا أي حس بالكرامة، أم أن انغماسهم في التبعية للغرب لم يُبق لديهم شيئا من الحياء والمروءة؟

وآخرون من بني جلدتنا متفانون في التغني بقيم الغرب، ألا يُخجلهم ذلك!؟، هلا توقفوا قليلا عن التبشير بحضارتهم الزائفة، واقناعنا بأن قيمهم أسمى من قيمنا!؟.

لكن، ألا يعيدون النظر في سوء ما وصلوا إليه، ولينظروا هل يذهبن استشهاد قائد إثر قائد غيظهم من تمسك أمتنا بمنهج الله، وهل يبرد هذا العدوان نيران حقدهم على المقاومة الإسلامية؟

ألا يكفيهم أن ما يعتبرونها (سلطة وطنية) لم تقم يوما بأي نضال للدفاع عن الوطن المستباح، بل على العكس مستمرة في التنسيق الخياني… والذي لولاه لما اعتقل ولا اغتيل الأبطال المقاومون.

هل صحيح أن دافعهم قناعات (فكرية)، أم أنه عداء المنافقين الأزلي للإسلام؟.

إن كان فكراً مغايراً… بئس ذلك الفكر الذي يسكت عن الخيانة الصارخة، وتبا لنهج يعادي المقاومين الوحيدين من بين بحر متلاطم من غثاء المنبطحين.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.