آخر الأخبار
The news is by your side.

صحة القول في الزمان المريض: وسجمانين كرتي

صحة القول في الزمان المريض: وسجمانين كرتي

بقلم: عبد الله علي إبراهيم

وجدت نفسي أُكثر من عبارة “سنرهقهم تكذيبا” كلما قرأت نفي إدارة في الحكومة الانتقالية لما تشيعه الثورة المضادة عنها. وساءني أن أفضل الأقلام الإسلامية لا تستنكف الخوض في الذائعات لا يلجمهم عنها خلق القلم في طلب الحقيقة. ويحدث هذا الهرب للأمام من الحقيقة كقاعدة للجماعة التي علمت أنها لا تكسب بالحقيقة أي تلك التي تقع في الجانب الخطأ من التاريخ .

فأنظر إلى القومية البيضاء في أمريكا تشعل حرائق وساوس المؤامرة وديوان الحكم لأن الحقيقة الديمغرافية من وراء الديمقراطية لم تعد تعمل لصالحها. وصارت لها حقائقها الخاصة عن سرقة الانتخابات من زولهم مثلاً.

والتسوى كريت في القرض تلقاهو في جلدها. فما كفكفت طوال عقود الإنقاذ من نصح معارضتها ألا تفبرك الخبر عن دولتها للكسب السياسي. قلت لهم من كانت الإنقاذ خصمه لا يحتاج لإعمال الخيال في التربص بها. ومن جهة أخرى، التمست منهم أن يشيعوا نهج التحقق في روايتهم عن الإنقاذ حتى يكون هذا النهج ثقافة تحصن الناس من النبأ الكذوب في زمن الوسائط التي جعلت منا جميعاً مخبرين. ويشرب الآن معارضو الأمس حكام الانتقالية اليوم من كأس جرعوها الإنقاذ. وما علموا أنها تجيد الكذب شرعاً في فتوى اشتهوت لإسحاق فضل الله. وترهقههم تكذيبا.

وتجد أدناه مقالة من تلك نبهتهم إلى كذب نبأ تناولوه عن على كرتي وزير الخارجية في زيارة له لواشنطون في ٢٠١٠:

اتصل فيّ من اثق بشهادته وقال إنه حضر لقاء الوزير كرتي ببعض جالية واشنطون ولم يسمعه يصف السيدين الميرغني والمهدي بأنهم “سجمانين”. وكان معه من شهد اللقاء واستفزه التبليغ السيء. وظل يبحث عن تسجيل للكلمة ليزداد يقيناً من براءة كرتي من شينة “سجمانين”. وليس أي من الرجلين من صف الإنقاذ. وإذا صنفتهما فهم في عداد المعارضين. وانصرفت عن الأمر حتى حرك ساكنه ما تواتر عن التحريف الذي جرى لحديث الوزير كمال عبيد الإذاعي. وهو ما القيت الضوء على حيثياته أمس. وانزعجت لهذه التغذية الفاسدة للحوار الوطني في هذا الوقت الفاصل من تاريخ الوطن. فيكفي أن “تقوقل” الشبكة الدولية ب “كرتي سجمانين” أو “حقنة عبيد” لتقف بنفسك على الطاقة السلبية التي اندلقت فزادتنا ضغثاً على إبالة.

تحدثت إلى محرر نيوميديانايل التي أذاعت الخبر أول مرة. فوجدتها أخذته ممن قال إنه حضر اللقاء. وراجع المحرر قبلي إلى الحسن أحمد الحسن، الصحفي بإذاعة سوا بواشنطون، الذي قال إنه نقل ندوة كرتي ولم يسمعه يصف السيدين ب”السجمانين”. وبحث عن التسجيل ليبعثه لمحرر “نيوميديانايل”: الكمدة بالرمدة. ولم يحصل عليه بالنظر إلى تقنية في التسجيل وصفها لي لا يبقى منها شيء بعد إذاعة المادة.

وهكذا بلغنا من الأمر وضعاً يسمية الإمريكان “أنا قلت، أنت قلت” فلا سبيل لقطع شك الخبر ببينة التسجيل. و ومع ذلك قلت لمحرر الوسيط إنه ربما كان أحسن صنعاً لو تطرق إليه الشك حين حوى التبليغ على كلمة “نابية” مثل “سجمانين”. فهي مما لا يجري على اللسان السياسي في العلن عادة. وأكد لي الحسن أنه أعد النشرة ولم ترد الكلمة في حديث الوزير. وقال لي أكتب ذلك على مسئوليتي.

يكتنف سوء الظن سياسيّ هذه الفترة في بلدنا. و”الفترة” في العربية هي زمن عسر ومشقة وهول. وما كنا نريد لوسائط الإعلام أن “تخترع” عبارات لسياسيين لا يحسنون التعبير أصلاً. لقد “تورت” عبارة بدرية سليمان “تصعيب الاستفتاء” عجاجاً كثيراً. وكذلك تعجج المناخ السياسي بقول مسؤول شمالي في لجنة الاستفتاء عن تأجيل الاستفتاء. وزادت الطين بلة تصريحات رئيس لجنة الاستفتاء عن تهرب الأعضاء الجنوبيين عن اجتماعات لجنته. ناهيك عن أقوال لقوش ونافع والعشرة الكرام. فلسنا ناقصين في مادة سوء الظن حتى تتبرع وسائط الإعلام باختلاقات بحسن نية أو سواها.

أكثر ما حيرني أنه لا كمال ولا كرتي اكترث حتى لتبرئة أنفسهما من سوء النقل الذي سمم الأجواء السياسية. أو الاعتذار بمسئولية عن اعتلال قولهما في الزمان المريض. فلم يتحرك الإعلام الوزاري، ولا إعلام سفارة واشنطون، ولا إعلام الخارجية، ولا صحافة المؤتمر الوطني وأشباهها لتنقية الأجواء السياسية التي تلبدت بفعل عبارت وزارية محرفة. بدا لي أننا أصبحنا عندهم “ما همية” كما يقول السودانيون. فقد تكاثرت “العلقات” عليهم وفاتت ولم يموتوا. لقد اندبغ جلدهم بالحكم فلم يعودوا مسائلين أو حتى سائلين. وللسخربة أصبح أمثالي من المعارضين من يرد عنهم غائلة سوء النقل. وقيل (على بؤس المثل) السعيد من خدمه أولاد العرب، أو من هم في معارضته على خط مستقيم.

أرجو ألا يمر سوء النقل الذي أخذ سياستنا في جناحه الضال طوال الأسابيع الماضية وأفسدها ونحن قبايل إستفتاء. أرجو أن يراجع مجلس الوزراء أداء الدولة الإعلامي والقيادي الضعيف الذي أدخلنا في متهاهة من التنابذ بأخبار جزافية. وأرجو أن يأخذ اتحاد الصحفيين الأمر بجدية لمعرفة من أين يتسرب سوء النقل إلى صحافتنا. فلو لم يفعل لجاءنا “أبوالكجمجم” وورانا أياهو.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.