آخر الأخبار
The news is by your side.

شالوم.. أين نصوص اتفاقات التطبيع؟ … بقلم: ‎لبنى أحمد حسين 

شالوم.. أين نصوص اتفاقات التطبيع؟ … بقلم: ‎لبنى أحمد حسين

‎بكم صاع من الشعير ترى رهن البرهان درعنا عند نتنياهو؟ ثلاثين صاعاً أو أقل؟ حينما أعلم الإجابة سأقول رأيي في اتفاقات التطبيع بحسابات الربح و الخسارة. فقد جاء بالأخبار وقبلها تغريدات نتنياهو أن إسرائيل ” الشقيقة” سترسل لنا قمحاً بقيمة خمسة ملايين دولار، أكتفي بالتعليق: شكراً، فطعامهم حل لنا.
‎”إن السؤال الصحيح الذي ينبغي أن يطرح فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل هو: هل هنالك مصلحة محققة من قرار التطبيع الذي تم اتخاذه بواسطة الحكومة أم لا؟” هكذا سأل وزير العدل نصر الدين عبدالباري نفسه في تصريحاته بخصوص التطبيع قبل أن يجيب على نفسه: ” قرار التطبيع سوف يعود على السودانيين بمنافع كثيرة في المدى القريب والبعيد تم الاتفاق عليها، وسوف يرون أثر ذلك في الأيام القليلة القادمة.” غير أننا قبل أن نرى المنافع على الأرض نتطلع لقراءة الاتفاق على الورق لنحدد أفعلاً هو خير أم شر؟ فالتكتم غير مبرر واستمرار سماع أخبار بلادنا عبر تويتر نتنياهو غير مقبول فأين هي الاتفاقات الأمنية والاقتصادية التي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي في تغريدته بأنها جيدة؟ والتي ستستكمل في الأيام القادمات اتفاقات أخرى بوصول وفد إسرائيلي للسودان، كما غرّد نتنياهو أيضاً. إن إدارة ملف التطبيع بهذه الطريقة يشي بأن هناك أمر مريب، فلم يعد التعامل مع إسرائيل فجوراً يستحق الستر بعد تطبيع الإمارات والبحرين وبعد خطبة شيخ السديس.
‎إذا كانت العلاقة مع إسرائيل بعد التطبيع ستكون علاقتنا بالأرغواي أو دولة فيجي اللتان لا أعرف أتكتبان بالقاف أو الغين أم الجيم، لقلنا ألف مبروك، إنه سلام و السلام، لكن التطبيع يشتمل على اتفاقات بعضها أمني وبعضها اقتصادي وهذا جيد، ولكن من حقنا معرفة كنه هذه الاتفاقات غض النظر عن كينونة طرفها الآخر سواء كانت مصر الشقيقة أم إثيوبيا الحبيبة أم إسرائيل “الصديقة”.
‎والخلاصة أنني وكل من ليس له موقف أيديولوجي مسبق ضد التطبيع مع إسرائيل أو مع بلاد واق الواق ننتظر الإفراج عن بنود ونصوص هذه الاتفاقات ثم لنر أتحقق فعلاً مصلحة للسودان أم لا. إن لم تك تحقق مصلحة فيكفي أن نقول شالوم و نعم إسرائيل دولة لها علم بين الأمم، ثم نلغي قانون المقاطعة مع إسرائيل وخلصنا، فليس بالضرورة أن نكون في حالة سلم مع دولة لنفتح لها وبها سفارة، نصف دول العالم بالكرة الأرضية ليس لبلادنا بها سفارات أو قنصليات و ليس لنا معها أي نوع من الاتفاقات مع أننا في حالة سلم معها.
‎أرجو أن تركز أحزاب قوى الحرية و التغيير على “المصلحة” بدلاً عن إضاعة الوقت والجهد والصراع حول نقطة حسمتها الوثيقة الدستورية بوضوح. إن جدلنا رغم وضوح نصوص الوثيقة الدستورية فيما يخص العلاقات الخارجية هو ما أغرى العسكريين للتحكم بالملف وإدارته بطريقة تحت الطاولة والكتمان ما ينجب اتفاق إن لم يكن خاسراً فسيكون متواضعاً. إن كان الأمر هكذا فمن الأفضل الاكتفاء بتطبيع ينهي العداء فحسب لكن دون اتفاقات اقتصادية وأمنية . توحد الحكومة يمكن أن يجعل ذلك ممكناً والعكس. أم تكون أحزاب ق.ح.ت التي تعارض التطبيع بينما تحتفل برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب قد صدّقت حديث د. حمدوك حول فك الارتباط بين الملفين؟ ليس لأن الرجل يكذب ولكن لأن الارتباط أصبح غير مباشر. ليهمس أحد في أذن ق. ح.ت. إنه مثلما ينتظر قرار التطبيع مع اسرائيل تأييد السلطة التشريعية الانتقالية أو بديلها المتمثل في اجتماع المجلسين السيادي والوزراء، ينتظر قرار شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تأييداً من الكونغرس الأمريكي، ولئن أيد الأولون أيدّ الآخرون ولئن نكصوا أو نكثوا حذا الآخرون حذوهم، أم يظن البعض أن بإمكانه اللعب مع اللوبي اليهودي في أمريكا؟
‎لعل ق.ح.ت لها حظ أوفر من الإعلام لمعرفة تفاصيل الاتفاقات المكتملة والمرجوة مع إسرائيل لقياسها على ميزان المصلحة الوطنية. إن جدل المبادئ والمصلحة في السياسة ليس وليد اليوم إنما يعود لقدم التاريخ، لكن الوثيقة الدستورية حسمت خيارها بالاصطفاف صراحة مع المصلحة حينما تعلق الأمر بالعلاقات الخارجية، فلم النواح الآن؟ لماذا لم يكتبوا في وثيقتهم الدستورية أن الإنسانية وحقوق الانسان والأمة والمبادئ والأخلاق هي أسس بناء علاقاتنا الخارجية؟ أين كان السيد الإمام الصادق المهدي؟ لماذا لم يلفت نظر الموقعين من المدنيين إلى خلو وثيقتهم عن “بناء علاقات السودان الخارجية بما يراعي القضية الفلسطينية وثوابت الامة وحقوق الإنسان والشعوب المستضعفة؟ وأين كان الأفوكاتو الأخ الأستاذ ساطع الحاج؟ لماذا لم يصر على تضمين “قضايا الأمة” لتحل محل “مصالح السودان “في المادة ١٣ من الوثيقة قبل توقيعها ليكفينا شرّ هذا الجدال الآن؟ المادة ١٣ من الوثيقة الدستورية والتي تتحدث عن السياسة الخارجية، تتكون من سطرين، وتتكرر فيها كلمة ” مصالح” مرتين، وليس هناك حرف عن أخلاق ومبادئ وأرض محتلة وأمة أو إنسانية.
‎إضافة لنصوع أسس بناء العلاقات الخارجية في الوثيقة الدستورية، فمواقف الأحزاب لابد أن تتسق سواء كان خيارها المبادئ أم كان خيارها ركل الكرة بالاتجاه الذي تمليه السياسة، لا أحجر رأي أحد ولكن ينبغي الرد على من تصدى برفض التطبيع من منطلق أسماه “مبدئي أخلاقي” . و أخصص ردي على بعض أحزاب ق.ح.ت التي أيدت الوثيقة الدستورية بينما تعارض الآن التطبيع بمنطلق”أخلاقي”. سألت ولا أمل من السؤال عما إذا كان الدم السوداني عندهم أرخص من الدم الفلسطيني؟ فالذي لم تردعه “أخلاقه الحميدة ” عن التصالح مع البرهان وحميدتي و بعض جثث شهداء فض الاعتصام مفقود حتى الآن، كيف لذات الأخلاق أن تمنعه من مصافحة نتنياهو القاتل “المحترم” الذي لا يقتل شعبه؟ والذي غفر في احتلال بعض أرضنا وارتضى مواصلة حل الإشكال أو الاحتلال دبلوماسياً؟ ماله يكفر بسبب احتلال أرض الجيران؟ ومساحة مثلث حلايب وشلاتين يساوي تقريباً مساحة إسرائيل بكاملها، أما المساحات التي حازتها جارتنا الحبيبة إثيوبيا بوضع اليد من أرضنا منذ بدايات القرن الماضي فإنها تعادل إسرائيل وما جاورها.
‎و لحين الإفراج عن نصوص الاتفاقات لمناقشة نفعها من ضررها، أرجو عاجل الشفاء لكبير المفاوضين الفلسطينيين الزعيم صائب عريقات الذي يتعالج الآن بمشفاه الإسرائيلي في تل أبيب .

الديمقراطي

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.