آخر الأخبار
The news is by your side.

خاصم السياسة إن أردت الأكاديميا !

خاصم السياسة إن أردت الأكاديميا !

بقلم: د. عاطف معتمد

خسرت الجامعات العربية بعض أفضل عقولها بسبب الاستقطابات السياسية التي شهدها العقد الماضي.

بعض هذه الخسارة تمثلت في الاعتقال، والبعض الآخر فرار من البلاد بعد تغير النظم السياسية، والصنف الأخير – وهو الأكثر- وقع في حالة إحباط ضمن ما يسميه الفقه السياسي “اليتم الأيديولوجي” بموت الفكرة التي كان ينتمي إليها الفرد ووقوعه في حالة اغتراب مع النظم المخالفة له.

والخسارة في الحقيقة على مستويين:

– فقدان الجامعات لهم بعد أن أنفقت عليهم الدولة سنوات طويلة من التعليم والتأهيل، وأصبحوا الآن يخدمون في دول أخرى بعيدة عن الأوطان أو فقدتهم معنويا وبدنيا.

– فقدانهم هم أنفسهم لمشروعهم العلمي وحرمان طلابهم منهم بعد أن كانوا يتعلمون على أيديهم.

والسطور التي أكتبها هنا لا أقولها لمن تعرض بالفعل للأزمة من الجيل الحالي، إذ لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب الآن، بل أقولها للذين يلتحقون في أولى سنواتهم وهم بعد طلاب في الجامعة:

“إذا أردت الأكاديميا والبحث العلمي والمساهمة في مهنة التعليم والتدريس وبناء الإنسان من الجذور الصغيرة فاقطع صلتك تماما بالسياسة”

لابد طبعا من أن تكون على وعي سياسي بما يدور حولك لكن اجعل الجامعة عقيدتك وتعليم الطلاب هدفك النبيل ولا تقع في الفخ الذي وقع فيه الجيل السابق عليك من أن الأستاذ الجامعي مصلح سياسي، فالأستاذ الجامعي أستاذ للتعليم والوعي والفكر، والمصلح السياسي ناشط ومغامر ويتحمل ما لا يتحمله مثلك بفقدان مشروعك العلمي وحرمان طلابك منك.

بلادنا ستظل فترة طويلة حتى تعي أهمية إنشاء حياة حزبية كاملة، يكون فيها الأستاذ الجامعي معلما في محرابه الجامعي في الصباح ومشاركا في الهموم المجتمعية العامة في حزب نابض قانوني في المساء.

وحتى يحل ذلك الزمان – وهو آت لا محالة ولكن ليس في السنوات المنظورة ! – فأرجو منك عزيزي الطالب المتفوق الذي يخطط للالتحاق بالعمل الجامعي الأكاديمي، أو المعيد الجديد أن تفصل بين الهدفين.

وتأكد أن تشكيل أستاذ جامعي مفيد لأبناء وطنه لا يقل أهمية- بل ربما يفوق بعديد من المراحل – عن الأنشطة السياسية الإصلاحية الأخرى.

هذا لا يعني أنه لا يجب أن يشتغل الشاب بالسياسة، ويتخذها طموحا له، لكني هنا أرجو منه إن رغب في ذلك ألا يدخل التدريس الجامعي.

هذه وجهة نظر مؤقتة تتعلق بالوضع الحالي لبلادنا العربية، وأكتبها من تقديري للخسائر الجسيمة التي أعرفها.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.