آخر الأخبار
The news is by your side.

الإنقلاب في ميانمار ورسالة تحذيرية للفريق برهان 

الإنقلاب في ميانمار ورسالة تحذيرية للفريق برهان 

بقلم: بشرى أحمد علي

لا يُمكن قراءة حركة التاريخ بعدسة واحدة ، وما ينطبق على ذلك الحدث في ذلك الجزء من قارة اسيا ليس بالضرورة أن ينطبق على السودان ، السودان عاش مختلف الثورات ، فالشعب السوداني يملك ذخيرة فاعلة عندما ينطلق التغيير ، وقوة الثورة السودانية تنطلق من قوة المجتمع المدني الذي شكل راس الحربة في التغيير ، وعندما بدأ نظام البشير في السقوط كانت القوى السياسية مترددة في المشاركة وتخاف أن يخرج النظام منتصراً من حربه ضد الجماهير فينكل بها ويلغي الامتيازات التي كانت تتمتع بها في عهده ، اما الشارع فكان حاسماً والشعار الذي افزع شيوخ الحركة الإسلامية كان هو شعار : كل كوز ندوسو ندوس.

اما الحكم في ميانمار فكان أشبه بالشراكة بين العسكر والمدنيين من كونه ثورة شعبية اطاحت بالعسكر ، كانت المؤسسة العسكرية تملك ربع مقاعد البرلمان وتسيطر على وزارات سيادية مهمة مثل الدفاع والداخلية والحدود ، والأهم من كل ذلك ان للمؤسسة العسكرية تحوز على استثمارات ضخمة في البلاد ولها ارتباطات تجارية مستقلة خارج الحدود ، وفي ايام شراكتها الحكم مع العسكر نجحت السيدة سوتشي في تجنيب العسكر الملاحقات القضائية على خلفية ارتكابهم للمجازر العرقية ضد أقلية الروهينجا المسلمة ، كما أنها فتحت البلاد للاستثمارات الخارجية ، والسيدة سوتشي كانت تعتقد أن هذا الإنجاز سوف يلهي العسكر عن التفكير في الإنقلاب ، ولكن خابت توقعاتها ، وهي الآن تدفع ثمن دعمها للمؤسسة العسكرية التي لم تحترم الدستور والمواثيق.

وربما من الأجدر تبيان الشبه في السودان بحالة الدكتور حمدوك والذي اهتم بالملفات الخارجية مثل إلغاء الحظر الإقتصادي المفروض على البلاد وشطب إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وفتح جسر التعاون مع المانحين ، وكان هذا ما تريده المؤسسة العسكرية المؤدلجة في السودان سواء في حقبة المشير البشير او الفريق برهان ، وقد أهمل الدكتور حمدوك ملفات إنسانية مهمة مثل عودة النازحين ، وملفات قضائية مثل محاكمة المجرمين الذين أرتكبوا المذابح العرقية في دارفور.

ثم نجت المؤسسة العسكرية السودانية من جريمة فض الإعتصام وتبعاتها فأصبحت مشاهد العنف تتكرر في كل يوم وبشكل غير مسبوق ، ولذلك اصبح طريق الفريق برهان للإنقلاب على الحكم مفروشاً بالورود، فهو على الأقل يعتمد على حاضنة اقليمية تتوهم تكرار النموذج المصري ، وربما يكون ذلك ما يظنه ولكن الواقع سوف يختلف كثيراُ عند لحظة إذاعة البيان الأول ، فالسودان ليس دولة صغيرة مثل بورما ، بل أنه بلد كبير ومترامي الاطراف والمجتمع الدولي له تجارب في تركيع المؤسسة العسكرية السودانية سواء بقرارات مجلس الأمن أو الحظر الذي يشمل المنفذين للانقلاب.

فالشارع المنقسم الآن بين تأييد حمدوك أو خلعه سوف يتوحد خلف رايات ثورة ديسمبر المجيدة ، لذلك احتاط الفريق برهان من تلك التبعات عندما أكد أن الدكتور حمدوك هو الذي يتراس حكومة الإنقلاب ، وذلك مما يجعل الدكتور حمدوك هو القاسم المشترك بين كل أطياف الحكم في السودان بما فيهم الذين يؤمنون بالديمقراطية أو الذين يكفرون بها ، وقد توقعت أن يعلن الدكتور حمدوك رفضه لتصريحات الفريق برهان وإن بدت في شكل التخويف والضغط ويرفض حتى فكرة إفتراض حدوث ذلك ولكنه أحجم عن التعليق الأمر الذي يزيد المخاوف من أن الإنقلاب قد عُرض عليه بالفعل.

نعود لميانمار مرةً أخرى ، انواع الحكم في اسيا تهتدي بنجوم الكوريتين ، الشمالية وحيث الدعم الروسي والصيني والحكم الاستبدادي الذي يغلق البلاد ، وبين كوريا الجنوبية حيث الديمقراطية والانفتاح والتطور الاقتصادي ، وقادة الإنقلاب في ميانمار التقطوا الخيار الأول وهو العزلة الدولية ومواجهة المجتمع الدولي ، ولكنهم تركوا الباب مفتوحاً عندما اعلنوا ان سبب الإنقلاب هو تزوير الانتخابات وليس رفضهم للديمقراطية .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.