آخر الأخبار
The news is by your side.

اعتصام نيرتتي … بقلم: منتصر ابراهيم

اعتصام نيرتتي … بقلم: منتصر ابراهيم

يمثل اعتصام نيرتتي نقلة في أسلوب التعبير والاحتجاج، وتحوّل في الوسائل السياسية من العنف المسلح والمواجهات العسكرية؛ وطبعاً هذه ثمرة من ثمرات ثورة ديسمبر وتجسيد لرمزية النضال السلمي، الذي يُعد فتحاً مبيناً لاسدال الستار على تاريخ طويل من العنف و الاقتتال في بلادنا .

أعتقد أن المشكلات التي دفعت السكان إلى هذا الإعتصام؛ هي نفسها الأسباب التي تأسست عليها فكرة الحرب الشرسة التي دارت في دارفور، ففي سنوات الجفاف الكبير الذي ضرب الساحل الأفريقي في الثمانينات، إلى جانب تدفق السلاح من جنوب السودان وليبيا وتشاد، كل ذلك جعل أهل الأراضي الخصبة في جبل مرة تحديداً ضحايا لانفراط الأمن من سلب واعتداء على المزارع والحقول؛ مما دفع أبناء هذه المناطق إلى الإنتظام في مليشيات للتعبير والتصدي لاستهداف اهاليهم مترافقة بالطبع مع توجهات سياسية تبلورت لاحقاً في حركة تحرير السودان.


نجاح الإعتصام يتجسد الآن في هذا الالتفاف الجماهيري والتماسك الإجتماعي والشعور المتبادل بين السكان بأنهم مرتبطين بمصير واحد، فعنصر التلاحم يمثل ركيزة إنتقال مهمة في المجتمعات المتحضرة واختلافها عن الحالة البدائية التي يسعى فيها الفرد للخلاص الفردي، وما يستتبع ذلك من الشعور بالعزلة والخوف وعدم الجدوي؛ وكل ذلك قد حدث بالفعل مع اندلاع العنف المسلح.

لكل ذلك أعتقد أن نجاح الاعتصام في مجتمع محلي تقليدي يمثل نقلة نوعية، وبكل تأكيد سيأثر في المحيط الحوله، وسيحقق أهداف على مستوى استراتيجي خاص بالحاجة الإجتماعية والسياسية والاقتصادية على نطاق واسع، ولن يقف الأثر في نيرتتي لوحدها.


الأمر المهم الآن، أن يتم فتح نقاش واسع في المنطقة لضمان التعايش السلمي والاعتماد المتبادل تحديداً بين المزارعين والرعاة والذي اتخذ جانب التناحر العرقي بين العرب وغير العرب، ويجب أن تلعب الدولة والمجتمع المدني هذا الدور على أبعد مستوى عبر عمليات حقيقية لإنزال مطلب السلام إلى أرض الواقع؛ فما يحدث في نيرتتي الآن يمثل إختبار حقيقي لجدوي ما يجري بين الطبقة السياسية من مفاوضات سلام وتسوية لنزاع يتجسد الآن ميدانياً.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.