آخر الأخبار
The news is by your side.

استنساخ دولة المصالح المتجذرة والعقم الاقتصادي والسياسي في السودان

الاقتصاد السياسي للسودان … بقلم: د/ سبنا امام

استنساخ دولة المصالح المتجذرة والعقم الاقتصادي والسياسي في السودان 

سبق وان اكدنا ان ليس بالسودان دولة عميقة او هامش ومركز بل هنالك نظام حكم يقوم على دولة المصالح المتجذرة وهي تتكون من مركز وهو المكون الذي يستحوذ على السلطة بالوسيلة الاكثر شهرة لتبادل السلطة في السودان وهي الانقلاب العسكري وهذا ما جعل العسكر مكونا اساسيا بل وجوديا لإستمرار بقاء نظام دولة المصالح المتجذرة ولذلك يقود العسكر اي فترة انتقالية ويمنحون صلاحيات سياسية بعدكل تغيير حتى لو لم يطلبوها .

واستحدثت الانقاذ عبر الثلاث عقود المنصرمة وسيلة جديدة لخلق مدار حول مركز السلطة والثروة وذلك عبر حمل السلاح والتمرد على المركز الذي سرعان ما يمنح المتمردين مدارا في فلك دولة المصالح لا فكاك منه ابدا الا بتمرد جديد . وهذا النظام يخدمه ويقوم عليه من يختارون بعناية من وزراء وكبار موظفين لا تكون لهم مهمة سوى الوجود الصوري وتمرير ديوان العمل اليومي الكافي فقط للديمومة الصورية لهذا النظام.

وتحتل كل الاحزاب السودانية مدارات ثابتة ثبات المجموعة الشمسية منذ الاستقلال في هذا النظام ولذلك هم دائما ينالون جزءا من ريع الدولة سواء اكانوا في المعارضة او حال اتفقوا على اقتسام السلطة .

ولذلك لا يغير اي مكون مداره بمجرد ان يتم تثبيته وعلى البقية ان تقبل ولهذا تترهل الدولة بعد اي اتفاق . فمجلس السيادة لم يكن بحاجة لاحد عشر كوكبا اصلا حتى تضاف اليه ثلاث كواكب اخر . كان من الاجدى ان يترجل ثلاث اعضاء ويفسحوا المجال للثلاثة الجدد فهنالك ثلاثة على الاقل في هذا المجلس بل اي مهام واضحة.
وليس من الضرورة على الاطلاق ان يحظى القادمون الجدد باي حقيبة وزارية اذا كان المعيار للوزارات هو الكفاءة والاستقلال.

ولكن يجب ان يحظوا بجزء من الريع ولذلك توجب ان يحصدوا بعض الحقائب التي ستملأ خزائنهم وتفرغ خزينة الدولة . وكان من الممكن ان يتنازل جزء من الاحزاب عن مقاعدهم الوزارية والولائية للشركاء الجدد ولكنهم لن يفعلوا لأن لهم مصالحهم التاريخية المتجذرة والتي لا مجال لاقتلاعها.

وعليه يبقى من هم خارج هذا النظام من معاشر الشعب السوداني والنازحين وضحايا الحروب وهم وقود الحرب والثورات وما يسمى بهتانا بالاصلاحات الاقتصادية واسميها (الترتيبات الاقتصادية) اسوة بالترتيبات الامنية والتي تحدد من يأخذ الثمن ومن يتعين عليه دفع الثمن في اي عملية تقاسم للسلطة والثروة داخل نظام دولة المصالح المتجذرة هذا.

وخطورة هذا النظام هو انه عقيم سياسيا ولا يمكن ان يؤدي لللتحول الديمقراطي فتزاوج العسكري مع المدني لا يحتمله رحم النظام الديمقراطي ولذلك يجهض في نهاية المطاف. فالتغيير نحو الديمقراطية يجب ان يبدأ بتفكيك فكرة ان الحصول على وظيفة في أعلى هرم دولة المصالح المتجذرة يمكن ان يمكن المناضلين باسم الحرية والديمقراطية والعدالة من تحقيق اهدافهم والوفاء بوعودهم لمن يدعون انهم يمثلونهم فمجرد ان تحصل على وظيفة مرموقة انت جزء من دولة المصالح المتجذرة رسميا و عمليا ولايمكن ابدا ان تخاطب ذات القضايا التي كنت تخاطبها قبل الانضمام لهذه المنظومة و لذلك يتفاجأ الناس بمواقف بعض السياسيين بعد اعتلائهم المناصب ولكني اجدها طبيعية جدا فهو رسميا جزء من منظومة ويمثلها ولم يعد يمثل كل ما كان قبل ذلك وهذا هو قانون دولة المصالح المتجذرة الذي يسري على الكل.

وهذا النظام عقيم اقتصاديا لانه يعزل الجزء الاكبر من الشعب عن ممارسة الانشطة الاقتصادية بعدم تمكينهم من موارد الانتاج فلا تزيد الكيكة وتظل بالحجم الكافي لتقاسم اعضاء دولة المصالح وبدرجة تجعلهم غير قادرين فعليا على الاحساس بمعاناة المواطنيين اليومية . كما انه من الضروري ان يبقى البقية فقراء فالفقر يسهل التبعية ويخرس الافواه وينشر الجهل ويطمس الوعي.

لا خلاص الا بإحداث إصلاحات مؤسسية عميقة بدولة المصالح هذة لخلق مؤسسات وطنية تقف على مسافة متساوية من الجميع.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.