آخر الأخبار
The news is by your side.

أفكار حرة … بقلم: حليم عباس

أفكار حرة … بقلم: حليم عباس

الرهان الحقيقي لتفوق الفكر الديني و الفكر و الإسلامي تحديدا على الفكر العلماني لا يكمن في الحجية و المشروعية، بمعنى ادعاء المرجعية المتعالية للدين في مقابل بشرية الفكر العلماني، و إنما يكمن محتوى و قيمة الفكر الديني من الناحية العملية.
الصراع هنا لا ينبغي أن يكون صراعا إبستمولوجيا، حول امتلاك المشروعية المعرفية ، بمعنى تأسيس حجية و مشروعية الدين على أساس مفهوم الحقيقية باعتبار أن الدين من مصدر متعالي هو الله المطلق، في مقابل نسبية الفكر الإنساني/العلماني الذي يستند على الإنسان كمرجعية و كمقياس.

هذا الصراع ينتهي الى طريق مسدود؛ إذ لا يُمكن للفكر الديني أن يمتلك مشروعية معرفية أعلى من الفكر العلماني، لأن أدوات تأسيس المشروعية المعرفية هي أدوات علمانية بالضرورة، و الصراع المعرفي المستند على العقل الإنساني هو صراع يدور سلفا داخل حدود المرجعية الإنسانية النسبية و العلمانية بالضرورة.
المشكلة الأُخرى هي أن الصراع حول امتلاك مشروعية معرفية عُليا هو في جوهره صراع سلطة، صراع يسعى لامتلاك المشروعية المعرفية باعتباره امتلاكا للسلطة: أنا أملك الحقيقية، و هذه الحقيقة تمنحني السلطة المعرفية و السياسية بالتالي.

الرهان الصحيح هو الرهان على قيمة الدين من الناحية العملية، مثل الأخلاق و الهداية و أثر الإيمان على الحياة ، و بالطبع قيمة الإيمان كسبيل للمعنى في الحياة و للنجاة و الخلود. هنا الدين لا يطرح نفسه كسلطة، و لا يدخل في صراع معرفي مع الفكر العلماني حول امتلاك الحقيقة، و لكنه يقدم نفسه بمنطق خاص، هو منطق الدين نفسه، كما يطرح نفسه في الأديان، كدعوة الى قيم وتصورات و الى مسلك ديني محدد.

هنا انت لست بحاجة الى نقاش معرفي و فلسفي حول أصول المعرفة و امتلاك الحقيقية، و لكنك بدلا من ذلك تطرح فكرك بشكل مباشر، أخلاق و قيم الدين على سبيل المثال ، أو الهدى الديني او الحكمة المستمدة من الدين في هذا الشأن أو ذاك، بدون الرجوع الى فكرة سلطة الحقيقة الإلهية كشيء قاهر، اللهم الا اذا كان تبني هذه الحقيقة هو موقف عملي سلوكي و ليس موقفا فلسفيا في اطار الصراع على السلطة المعرفية، بمعنى تبني الحقائق الدينية بوصفها رؤية إيمانية أقرب الى الموقف العملي منه الى موقف نظري فلسفي، فالإيمان في جوهره هو موقف عملي وليس موقفا نظريا محضا ، الدين نفسه يؤكد هذه الفكرة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.