آخر الأخبار
The news is by your side.

سفينة بوح … بقلم: هيثم الفضل

ويك إيند … ؟ !!

مما أقلقني على حال ما آلت إليه التباينات الطبقية في السودان ، ما أراه بأم عيني كل خميس ( ويك إيند ) في الشوارع القريبة من الأحياء المخملية التي يقطنها الأثرياء الذين يعيشون ( خارج نطاق تغطية شبكة الفقر السودانية الشاملة ) .. شباب أو صبيان و صبايا .. ( يفحطون ) في شارع الستين على فارهات لم يعرقوا جهداً ليمتلكونها ، و بعضهم يملأ الشارع صخباً بأبواق السيارات فرحاً بإنتصار برشلونة على مدريد ، و آخرون في شارع النيل يستعرضون فارهاتهم التي يعجز لساني عن ذكر سعر شرائها ، ثم بعد ذلك إزدحام منقطع النظير في محلات الملابس ( الماركة ) و الإكسسوارات بشوارع مدينة الرياض الراقية ، حيث و بلا عجب و لا إستغراب يعرضون في الواجهات القميص الرجالي و قد سُجل عليه السعر سبعمائة جنية ، يعني بالقديم مليون إلا ثلاثمائة ، و الغريب حركة الشراء و البيع لا تنقطع ، ثم نفس تلك العينة من الشباب و الصبايا أصحاب التسريحات الغريبة في شكلها و مضمون ما يُراد إيصاله من رسائل للمجتمع من إختيارها ، و لابسات البناطلين التي ما زلت محتاراً و متسائلاً هل تلبس كسائر الملابس أو تفصل تفصيلاً في الجسد من ضيقها ، يتزاحمون على محلات البيتزا و سندوتشات الهوت الدوق التي نحمد لحكومة الإنقاذ أن ( تكرمت و جعلت هذه الشريحة تتعرف عليها ) .. وجبات أجنبية المنشأ في حين أن دلالاتها تشير إلى التطور و النماء و رغد العيش ، عكس ما تشير إليه إتجاهات أخرى في تبني الأفكار الغربية من إتهامات تتعلق بالتنصل من الفطرة السودانية و الإنتماء الوطني ، هذان الشعاران هما اللذان إنطلق منهما هتاف ( نأكل مما نزرع و نلبس مما نصنع ) .. أما الأكل فكل الغلابة البائسين في أرجاء السودان يعرفون ما صار في أمره ، و أما الملبس فأحيلكم في ذلك إلى ملفات حكاية ما جرى لمشروع الجزيرة المنتج الأول للقطن في العالم ، و توابعة الأخرى كمحالج مارنجان و السكة حديد و مصنع نسيج الصداقة بالحصاحيصا ، و شركة الأقطان ، أعود فأقول أن أولئك الشباب و الصبايا الناعمين الناعسين يشترون طبق البيتزا بثمانين جنيها بدون توابعة من سلطات و مشروبات ، وفي تلك المطاعم الخمسة نجوم و لو أنها على الشارع يباع السندوتش الواحد بخمسون جنيهاً ، لذا أستغرب أن سألني رفيقي العائد من سنين بعد الغربة ( برضو تقولوا الناس تعبانة ) .. لم أجبه و صمت و لكن أضمرت في صدري أن آخذه غداً في زيارة إلى سوق سِته ليرى بأم عينيه كيف يأكل الناس ( الدواجن النافقة ) و هم يعلمون ، و ليرى أطفالاً لم يبلغوا الحُلم يرتبط أكل عيش أسرهم بدرداقة تجبي منها المحلية عشرة جنيهات في اليوم ليستند عليها ظهر الدولة المعوج ، بإعوجاج قيمة العدل الإجتماعي فيها ، يجب أن يعلم أولي الأمر أننا لا نعترض على أرزاق الله في خلقه ، لكن مبدأ خلق التوازن المنطقي بين الطبقات إنما هو سياسات تقوم بها السلطة أو الدولة لصالح تيسير الحد الأدني من الحياة الكريمة لأكثر الشرائح فقراً و حاجة ، هذا لن يتأتى إلا إذا عادت الدولة لتحقيق شعار مجانية التعليم على الواقع و الحقيقة ، و عادت إلى دعم المستهلكات الضرورية ، و أعادت الدعم بأيي نسبة منطقية للحصول على العلاج و الدواء ، ما يحدث الآن من تباين طبقي صارخ و فاجر هو في حقيقة الأمر قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار .. فلتسمعوا و لتعوا .. اللهم هل بلَّغت.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.