آخر الأخبار
The news is by your side.

وماذا تفعلْ الماشطة في الوجهِ العكِر؟! … بقلم: منعم سليمان

وماذا تفعلْ الماشطة في الوجهِ العكِر؟! … بقلم: منعم سليمان

تحدّثَ إلىّ بالأمس الصديق العزيز خالد عمر يوسف، ونناديه نحن أصدقاءه بـ(خالد سلك)، ولا

أشغل الناس بالتعريف به؛ فهو أشهر من نار على علم. كانت المُكالمة روتينية طبيعية بيننا، إذ لا

يمر يوم إلا وأكلمه أو يُكلمني، فخالد من القلائل الذين استمع إليهم وإستأنس بآرائهم،

والاختلاف كما الاتفاق معه، يمنحك المزيد من الاحترام لشخصه، فرط طريقة حديثه المُهذبة

المنمقة، فهو يحدثك بقلبه لا بلسانه، وقد رأى أنني أغلظتُ القولَ بحقِّ الحُرية والتغيير في

مقالي الأخير، ولا بأس.

تمتد علاقتي بخالد لما يُقارب الـعشرين عاماً، اتفقنا خلالها كثيراً واختلفنا أكثر، ولكن ما انقطعنا

ولا تخاصمنا. أعرفه منذ أن كان مُهندساً حديث التخرج يكد بين الانقاض في نهارات الخرطوم

الحارقة منادياً بالعمار والإعمار، رغم أن صلة الأرحام وفرت له ما يجعله يعيش كل عمره في

بحبوحة ورغد عيش وهناء ورخاء، فخاله هو رجل الأعمال ذائع الصيت في العهد السابق “جمال

الوالي”.

ومع ذلك – وأشهد الله على ذلك-، لم يتكسّب من هذه العلاقة المشروعة دينياً واجتماعياً، لا

مادياً ولا سياسياً، بل تضرر منها معنوياً ولا يزال، فما أقسى عدم قدرة المرء على الدفاع عن آل

بيته، ومنهم الخال، الذي تعظمه المآثر الشعبية السودانية وتضعه في مكان الوالد، فيقال

“الخال والد”.

ظلّ خالداً مُلتزماً الصمت والأدب – كدأبه- أمام جنون مرحلة ما بعد الثورة، التي مثلما أنتجت

حرية، أسفرت كذلك عن وقاحة وسوء أدب وأحقادٍ لم يشهدها السودان عبر تاريخه الحديث،

حتى في عصر القساة أولي البأس البائد، وأفرزت رجالاً ونساء قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة،

لا يقدرون تضحيِّة أو بطولة، ولا يتذكرون مواقف، ولا يعرفون رحمة، يلجون البيوت فلا يوقرون

كبيراً ولا يستثنون أُماً أو أب، أو خال!

الحديث عن خالد يطول، أو قلْ حديثي عنه يطول، فأنا أحبه، وقديماً قال أحد شيوخ المتصوفة،

قدس الله سرهم ونفعنا بهم: وهل رايت مُحباً غير سكران؟ والسكران يرغي ويزيد ويطيل.

وأدخل في لب الموضوع الرئيسي عن حديث عتابه، وهو عتاب مشروع ومفهوم ومنطقي، فهو

لا يحجر رأياً، ولكنه ينطلق من زاوية أفهمها وأقدرها وأعمل عليها، مفادها أن تحالف الحرية

والتغيير يحتاج إلى نقد يقويه ويجعله موحداً ومتماسكاً، وأعرف أن وحدة التحالف هي كل ما

يشغل باله، وهذا بالنسبة لي أمر إستراتيجي أحرص عليه، أقله من أجل العبور السلس الآمن،

ولكن بعض مكونات هذا التحالف تقف عائقاً أمام هذا العبور، جراء عبثها وطفولتها ومكرها

السيء وقبيح أفعالها، مما يجعل مهمة تجميل وجه التحالف مهمة عسيرة وشائكة ومعقدة،

وأهلنا في مصر الحبيبة يقولون: “ماذا تفعل الماشطة في الوجه العكر”؟!

إنه اليسار الطفولي الجديد يا خالد!

الديمقراطي

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.