آخر الأخبار
The news is by your side.

عن إزالة التمكين من وزارة الخارجية

كلام عابر … بقلم: عبدالله علقم .. عن إزالة التمكين من وزارة الخارجية

صدر أخيرا كشف تطهير أو إزالة التمكين من وزارة الخارجية الذي طال انتظاره، وقد ضم الكشف 109 دبلوماسيا وإداريا،ومن بين المبعدين عدد من السفراء. هو جهد تشكر عليه الاستاذة أسماء وزيرة الخارجية، التي أصابها الكثير من ساقط القول من سفهاء الأسافير، ويشكر عليه بكل تاكيد الطاقم المساعد للوزيرة. الأسماء المائة والتسعة التي شملها قرار إنهاء الخدمات تنفيذا لمبدأ إزالة التمكين، قد أخضعت لفحص دقيق استغرق وقتا طويلا حتى لا يقع الظلم على أحد تطبيقا لمبدأ “تبرئة ألف مجرم خير من تجريم بريء واحد”، ولكن رغم ذلك أتمنى الا يكون هذا الكشف هو الكشف الأخير فالتمكين ليس بالضرورة أن يكون عبر التعيين بقرار مباشر من رئيس الجمهورية. كانت دفعة 1990 التي استوعبت في الخارجية بكاملها بداية التمكين وكان كل أفرادها من الملتزمين أو المتعاطفين مع فكر الجبهة القومية الإسلامية التي قامت بإنقلاب 30 يونيو 1989،وأعقبت تلك الدفعة دفعات أخرى من المتمكنين. كان العمل في الخارجية حصرا على أولاد النظام. لم تتح الفرصة على الإطلاق لغيرهم لمجرد التنافس للتنافس على الوظائف ناهيك عن توظيفهم فعلا. في لحظات من سيطرة جنون القوة أعلنها علي عثمان محمد طه بنفس الغطرسة التي خاطب بها الشعب السوداني محذرا من كتائب الظل، أعلنها على السودانيين الذين استضافهم السفير السوداني مهدي ابراهيم في داره في سويسرا احتفاء بقدوم علي عثمان، أن الالتحاق بالعمل في وزارة الخارجية يقتصر على أهل النظام. كرر القول”الخارجية بالذات ما حنشغل فيها زول ما من جماعتنا”. كان علي عثمان وزيرا للخارجية آنذاك.

وزارة الخارجية أكثر مرافق الدولة السودانية تضررا من سياسة التمكين التي دفعت للدبلوماسية السودانية بأناس فاقدي الموهبة وضعيفي المناعة الخلقية فانتشرت فضائحهم في العالم شرقا وغربا. ضم الكشف السفير أسامة حسن سليمان الذي عمل في السعودية. كان هذا الأسامة في منتهى البذاءة في مخاطبته لاجتماع قيادات الجالية السودانية في الدمام. انطلقت من لسانه البذيء عبارات السب والتهديد للحاضرين. هددهم بأن السفارة لها اتفاقيات أمنية مع السعودية ويمكنهم،أي السفارة، إبعاد اي سوداني يرغبون في ابعاده. نفس هذا الكلام الساقط ردده على الحاضرين الملحق العسكري عوض الذي ما يزال موجودا في السفارة للأسف. حتى لو كانت مثل هذه الاتفاقية موجودة فعلا فهذا أمر يعتبر من أدق اسرار الدولة ولا ينبغي الكشف عنه في اجتماع عام لمجرد ابراز العضلات. بقدر ما أسعدني(بل) أسامة فقد أحزنني خلو لكشف من أسماء أخرى على رأسها عبدالله حمد الازرق الذي ما يزال سفيرا للسودان في إيرلندا. هذا السفير رغم أنه من أسرة كريمة من أهل القضارف لكن مسلكه كان بعيدا عن الدبلوماسية في فترة عمله في السعودية. تعارك مع سوداني في السفارة في الرياض فلم يتردد السوداني في صفعه صفعة قوية على وجهه قادت لترحيل السوداني من السعودية.ولحق به عبدالله الأزرق فيما بعد وأبعد من السعودية كشخص غير مرغوب فيه persona non grata وهو اسوأ شيء يمكن ان يحدث للدبلوماسي وكانت سابقة الإبعاد تلك هي الاولى من نوعها في وزارة الخارجية السودانية.كوفيء بعدها بالترقي حتى بلغ درجة وكيل وزارة الخارجية وهو حاليا سفير السودان في ايرلندا واستمات في الدفع عن النظام المقبور عبر القنوات الفضائية حتى آخر لحظات عمر النظام. ما يزال الرجل في الخدمة وما يزال معظم أفراد الدفعة المتمكنة جدا (دفعة 1990) في الخدمة. ما يزال بعض المشبوهين في صفقات بيع ممتلكات السودان في الخارج في الخدمة. ربما توجد مصلحة عليا ومنفعة راهنة،لا تستوعبها عقولنا، في إبقاء أمثال هؤلاء على رأس العمل بصفة مؤقتة، والله أعلم ، ولكن لا أعتقد أن وزارة الخارجية ستصادف مشكلة أيا كانت في توفير الكفاءات المطلوبة لشغل الوظائف الشاغرة حاليا أو التي ستشغر مستقبلا إن كان سبب الإبقاء على هؤلاء نقص الكوادر البشرية، فحواء السودانية ولود وابناؤها على قدر التحدي، وأتوقع أو أتمنى أن تصدر كشوف لاحقة لاستكمال مهمة تنظيف وزارة الخارجية والسفارات من خبث التمكين.أتمنى كذلك تقليص عدد السفارات وفق رؤية مهنية وعلمية سليمة تحقق مصلحة البلاد الفعلية بلا سفه ولا إسراف.

استنكر الدكتور حسن عابدين،وهو أكاديمي سابق وسفير سابق دخل الدبلوماسية من بوابة التمكين، استنكر عملية إزالة التمكين من وزارة الخارجية فقال “في غياب التحري لفرز الصالح من الطالح يبقى التطهير والفصل الجماعي محض انتقام تؤججه مشاعر التشفي والثأر الرعوية”. ولكن أستاذنا ابراهيم طه أيوب، وزير خارجية انتفاضة 1985 وأحد صناعها، كتب في رده عليه “لولا النظام الإخواني الفاسد لما وجد حسن عابدين طريقه لمهنة الدبلوماسية الشريفة، وهو يعلم أنه تمتع واستمتع بالألقاب والمناصب لأنه عمل خادما للإنقاذ”. صدق أستاذنا ابراهيم طه ايوب فحسن عابدين أدمن للأسف خدمة النظم العسكرية. عمل خادما لنظام 25 مايو 1969 العسكري في اتحاده الاشتراكي ثم اختبا في جامعة الخرطوم في (استراحة محارب) بعد الانتفاضة 1985م ليعود من جديد عارضا خدماته على السادة الجدد فعينوه في البداية سفيرا في الجزائر وفي العراق قبل أن يدفع به التمكين ليبقى سفيرا في لندن لسنوات طويلة. أول وظيفة يشغلها حسن عابدين في الخدمة الدبلوماسية هي وظيفة سفير شأنه في ذلك شأن مطرف صديق وعلي محمد عثمان ياسين وحاج ماجد سوار ومهدي ابراهيم ومصطفى عثمان اسماعيل ،وغير هم من المتمكنين.إزالة التمكين من وزارة الخارجية ومن أي مرفق حكومي آخر هو إزالة مستحقة للظلم وتحقيق للعدالة وتطهير للخدمة من الأشخاص غير الصالحين وإن جاء ذلك متاخرا بعض الشيء. لا شك أن حسن عابدين يعلم أن إعداد كشف إزالة التمكين من وزارة الخارجية قد استغرق وقتا طويلا للتحري وفرز الصالح من الطالح، ولم يكن عملا عشوائيا فيه التشفي والثأر ولم يكن بأي حال من الأحوال عملا “تؤججه مشاعر التشفي والثأر الرعوية” .

لو لم يتقاعد الدكتور حسن عابدين من العمل في وزارة الخارجية، لكان من أوائل المبعدين، ولو كانت في وجهه مزعة لحم للزم الصمت.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.