آخر الأخبار
The news is by your side.

الاحزاب .. وضياع فرص الإنتقال (2-2)

الاحزاب .. وضياع فرص الإنتقال (2-2)

بقم: محمد عبدالله ابراهيم

إن قضايا البناء تعد من اكبر القضايا التى فشلت في تحقيقها كآفة الحكومات التى تعاقبت على حكم البلاد، وهى من اكثر القضايا التى لها تأثير مباشر على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية في الدولة.

وان بلادنا ظلت طيلة سنوات ما بعد الاستقلال تفتقر الى وجود التخطيط وأسس البناء السليم الذي يرتكز على إحترام مكونات الدولة وادارة الموارد بعدالة وشفافية واتاحت فرص المشاركة للجميع دون تمييز.

واعتقد ان قضايا البناء لا يجب أن تضع في قائمة الامور السهلة ولا الصعبة، وأنما يجب أن تصنف من أولويات القضايا “قبل الساهل وقبل الصعب” ، وأن تكون هى الشغل الشاغل لجميع السودانيين سوى ان كانوا احزاب حاكمة او احزاب معارضة وخاصة الجماهير، وذلك لان هذا الأمر لا يمكن ان يتم إلا عن طريق مشاركة الجميع دون اقصاء وتنكر او استهتار وانتقاص من دور احد.

وايضا هذا لن يتم دون توفر إرادة وعزيمة وطنية خالصة، كما ان الارادة والعزيمة عنصران مهمان في قضايا البناء، ولا يستقيم أي بناء من دونهما، وان البناء نفسه لا يمكن أن يصلح إلا بأيدي أبناء الوطن المخلصين لأن الاوطان تبنى بسواعد بنيها لا بسواعد غيرها.

ومنذ خروج المستعمر لم تسلك السياسية السودانية طريق تحقيق العدالة في كآفة المجالات، سياسية، إقتصادية، إجتماعية وثقافية …الخ، وكانت سياسة نخبوية بحتة تقوم على الأطماع وتحقيق المنافع الخاصة والشخصية، وتعمل على الإقصاء وتهميش الآخر، وترتكز على الأيدلوجيات والمشاريع السياسية الفاشلة المتناقضة للواقع والمستوردة، وكلاهما يعملان ضد الواقع المكون للدولة.

ويريدون بذلك صياغة الدولة والانسان السوداني على نهج جديد وثقافة جديدة وإتجاه معين رغم أنف الجميع، ولذلك كانت سياساتهم تفتقد الى أسس البناء السليم، وألقى ذلك بظلاله السالبة على كآفة الاوضاع في البلاد.

وقد أضرت هذه السياسة ببلادنا أيما ضرر، وبددت العديد من الفرص التاريخية التى صنعتها الجماهير السودانية في ثورات اكتوبر 1964 وابريل 1985, وكان من الممكن ان نحسن استغلالها بشكل أمثل لمصلحة قضايا البناء في بلادنا.

وتعتبر ثورة ديسمبر 2019 فرصة عظيمة ونادرة تحققت بفضل نضالات وتضحيات شعبنا، وعلى الرغم من ان الجماهير الثائرة تنشد مطالة بتحقيق أهدافها في الحرية والسلام والعدالة واستغلالها بشكل أمثل لمصلحة قضايا البناء في البلاد، إلا ان هنالك قوى سياسية واحزاب تدعى الوقوف مع الثورة وقضاياها، وتعمل ضد تحقيق أهداف الثورة، وهى التى اخرت من التوصل الى تحقيق السلام بدوافع وحجج أوهن من حبل العنكبوت، وذلك من اجل اطماع في السلطة واقصاء الاخرين.

  عليهم ان يعلموا ان الشعب الذي قدم ما يكفي من التضحيات والخسائر في الارواح والممتلكات من اجل بلاده، قد اصبح شعبا واعيا لقضاياه، ومدركا ألاعيب السياسيين والخداع والتلاعب باستخدام اساليب اصبحت متكررة ومعروفة لدى الجميع.

وعلى قوى الثورة الحقيقية ان تعى وتتحرك إلى الأمام لتحقيق أهداف الثورة وتطلعات الجماهير، وان أهم قضايا البناء هو السلام الذي باتت جميع المؤشرات تدل على امكانية تحقيقه في القريب العاجل استنادا على الوعى الجماهيري المستمد من الثورة التى لا أحد يستطيع سوى ان كان حزب او حكومة ان يلغي شعاراتها ويقف امام اهدافها.

والواجب الوطني اليوم يحتم علينا جميعا مواطنين وحكومة واحزاب وحركات كفاح مسلح ونقابات بأن نقف صفا واحدا نمد السواعد من اجل قضايا الثورة وبناء الوطن، وان نعيد في الاذهان محبة الوطن واعادة بنائه والولاء له والدفاع عنه، وهو هدف سامى وأمر لابد من تحقيقه، وان بلادنا في أمس الحوجة لنا من أي وقت مضى، وكذلك نحن في أمس الحاحة لبعضنا البعض كمكونات للثورة “جماهير وحكومة وحركات كفاح مسلح واحزاب ونقابات ولجان مقاومة، وذلك لان ما تشهده بلادنا اليوم من تدهور للاوضاع الاقتصادية وتردي احوال المعيشة والخراب والتدمير والنهب والقتل وضعف المسؤولية تجاه الوطن لا يبشر بخير ويجب ان نتصدى له جميعا.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.