آخر الأخبار
The news is by your side.

الأحداث التشادية تطورات درماتيكية… وإنعكاساتها الإقليمية (١_٢).. !!

الأحداث التشادية تطورات درماتيكية… وإنعكاساتها الإقليمية (١_٢).. !!

تحقيق : عبد القادر جاز

على خلفية الأحداث الدامية بدولة تشاد والتي على إثرها أغتيل الرئيس إدريس ديبي ، وينتظر مستقبل تشاد واقع غير معلوم فى ظل تعدد حركات التمرد ، يرى محللون سياسيون أن التدخلات الخارجية على المشهد الداخلي بتشاد لم يسلم من إنتقال الصراع لدول الجوار التي تمر بها أوضاع غير مستقرة ، السؤال الذي يطرح نفسه هل للإثنيات والعشائر دور فى تشكيل الحكومات الأفريقية أم أن ذلك مرتبط بعقلية المستعمر الذي مهد لهذا الوضع؟ .

تورط كمرتزقة:
أكد الأستاذ آدم علي آدم ، (صحفي تشادي) ، أن الحركات المسلحة التشادية المتواجدة حالياً لم تكن أكثر خطورة من التي نشأت قبلها ، والتي تتخذ من السودان أرضاً لها منذ مطلع 2002م ، فى عهدى الرئيس السوداني الأسبق والرئيس التشادي الراحل ، مبيناً أن التأريخ يؤكد بأن كل الحركات المسلحة التي تشكل خطراً على الأنظمة الحاكمة هي التي تأتي من الشرق بما فيهم ديبي ، وأرجع ذلك إلى طبيعة البيئة المواتية أرضاً وإنساناً ، فالجغرافية والمناخ من جهة الشرق مساعدة فى التنقل والإختفاء عكس ما هو عليه فى الشمال ، وكشف عن أن أغلب الحركات التشادية تواجدها فى الشمال التشادي والجنوب الليبي وتورطها فى الصراع الليبي الليبي كمرتزقة ، وأبان عقب المصالحة الليبية طالبت الحكومة الليبية جميع المقاتلين الأجانب بالمغادرة ، مما أدى لمغادرة “جبهة الوفاق من أجل التغيير” التشادية التي قتلت ديبي ، وأضاف لن تستطيع هذه الحركات إيجاد مكان آمن فى الصحراء الكبرى لتصمد بعد طردها ومستقبلها فى خطر وسط منطقة دول الجوارالمضطربة .

تقويض المهمة:
أعتبر آدم ، أن كل حركة مسلحة لابد لها من دولة تتبناها وتدعمها ماديا وفكريا ، وإلا العمل المسلح ليس نزهة ترفيهية ، مشيراً إلى أن هذا ينطبق على الحركات المسلحة التشادية ، التي تبنت الإرتزاق فى ليبيا من أجل أن تنفق على نفسها دون أن تتبناها أي دولة ، كاشفا عن أن مصير هؤلاء بتفرق مقاتليها بين منقبي الذهب فى أقصى الشمال ، إن لم يجدوا ما يسد رمقهم ، مستطردا على أن هناك فاعل أساسي ومؤثر فى المشهد السياسي التشادي ، وهي فرنسا التي أقرت وإعترفت بدعم المجلس العسكري ، الذي تم تشكيله بقيادة ابن الرئيس الراحل ، معرباً عن بالغ أسفه أن فرنسا لم تدخر جهداً فى القضاء على الحركات المسلحة ، لأن هذه الحركات ستقوض المهمة الموكلة للجيش التشادي فى مالي والساحل الأفريقي .

مضطربة وهشة:
وأوضح أن التدخلات الخارجية فى تشاد فى الوضع الراهن ، مرهونة بالقيادة الفرنسية لمناهضة أي تدخلات أخرى ، خوفاً من تكرار سيناريو جمهورية أفريقيا الوسطى من الدب الروسي ، بإعتبار أن فرنسا هي اللاعب الأساسي فى الشأن التشادي ، فيما أقر إقليمياً بأن دول الساحل الأفريقي هي النيجر ونيجيريا والكامرون وليبيا والسودان ، كلها دول مضطربة وهشة ومنشغلة بشؤونها الداخلية .

القبلية وتشكيل الأنظمة:
أعترف بأن القبيلة تلعب دوراً كبيراً فى تشكيل الأنظمة فى الدول الأفريقية ، خصوصا الواقعة على ساحل وجنوب الصحراء ، بإعتبار أن أغلب ،أنظمتها شمولية وصلت إلى الحكم على رأس دبابة ، ولم تمارس أي نوع من الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، مما جعل تلك الدول أكثر فساداً ، لأن هذه الأنظمة تعتمد على بقائها على السلطة لحماية العشيرة أو القبيلة ، وفى هذه الحالة تنتفي كل مقومات العدالة بإعتبار القبيلة ستستأثر بالسلطة والثروة معا ، على حساب الشعب فينتج الغبن والغليان والكراهية ، وهذا ما يحدث فى تلك الدول ، موضحاً أن المستعمر ليس ببعيد عن ذلك ، بحكم دعم أطراف على آخرين ، فى تسليم السلطة لتبقى هناك حلقة مفرغة يستطيع عبرها التوغل فى الشئون الداخلية .

الإنجراف نحو القبلية:
نفي ما حدث فى تشاد ، لا ينعكس على الشأن الليبي ، نظراً لبعد المسافة التي دارت فيها الأحداث الأخيرة ، التي قتل فيها الرئيس ديبي تبعد عن ليبيا حوالي ألف كيلومتر ، وبإعتبار أن ليبيا سبق وقامت بطرد كل الأجانب فإن الحركات التشادية لن تستطيع العودة مرة أخرى ، واستغرب لتصريح والي غرب دارفور حول الأحداث فى تشاد وتوقعه لجوء عدد من التشاديين حال تواصل القتال ، ولا أدري هل هو مدرك تماماً للخريطة الجغرافية للمنطقة؟ ، لأن المعارك الأخيرة دارت فى كانم التي تبعد عن الحدود السودانية حوالي ألف كيلومتر ، مضيفاً بأن هناك ً صعوبة لأي لاجئي بقطع هذه المسافة ، وبينما النيجر تبعد عن تشاد 200 كيلو بالمقابل ما زال الشرق التشادي هو ما يحتضن أكثر من 350 ألف لاجئ سوداني بالمعسكرات ، ودعا دول الجوار التشادي بأن لا يتهاونوا وينجرفوا نحو القبلية وحسم الأمور من أجل التعايش السلمي وإحترام التنوع .

القبلية سيدة الموقف:
قال الأستاذ حالي يحيي ، المختص بالشئون الأفريقية ، أن الوضع فى تشاد وتيرته متصاعدة بشكل مفاجئ ، على الأقل مقتل الرئيس – على حد تعبيره ، معتبراً أن الصراعات العرقية والسياسية هي سيدة الموقف فى مسار محاولات التوافق اليائس للرئيس الراحل ، قائلا:”ً بلا شك أن الصراع السياسي التشادي طابعه قبلي وعرقي خاصة بعد إزدياد النغمة على عرقية الزغاوة التي يعتقد البعض أنها حكمت 30 عاماً” ، مستشهدا بأن هذا غير صحيح فأغلب الزغاوة يعانون من الإضطهاد والفقر ، بينما عائلة ديبي هي المستفيد الأكبر ، مشيراً إلى أن تشاد أمام صراع طويل أشبه بسوريا وليبيا .

التغيير بيد الغرب:
أوضح حالي ، أن أغلب مفاتيح التغيير والإستقرار السياسي ، بيد الدول الغربية وخاصة فرنسا فى المشهد التشادي ، مبيناً بحسب تواتر المصادر هناك تصفية لديبي والعناصر المرافقة له ، متسائلاً من يقف وراء التصفية؟ ومن المستفيد منها؟ ، مؤكداً أن هناك تغيير قادم بلا شك لحساب التدخلات الخارجية ، كما حدث فى ليبيا مثلاً ، واعترف بأن المكونات العرقية والعشائرية فى أفريقيا هي المؤثرة فى رسم سياسات الحكم ، لخلق طبقات تضر بالسلم المجتمعي ، مشيراً إلى أن هذا لايعني أن التدخل الخارجي ليس ببعيد عن دعم مجموعة محددة فى حال ضمان خدمتها ، كما فعلت فرنسا مع ديبي ، منوها إلى أن ليبيا عانت كثيراً من تدخل الجماعات المسلحة لدول الجوار مدفوعة القيمة فى تغليب الصراع الليبي الليبي لصالح الجنرال خليفة حفتر ، مرجحا بأن تغيير الأوضاع السياسية فى ليبيا والسودان سيغير المعادلة .

ومن المؤمل أن تستقر الأوضاع فى دارفور ، التي شهدت دعماً لجماعات مسلحة محسوبة على ديبي ، مؤكداً أن المجموعات العربية من النيجر ومالي وتشاد وغرب السودان ، سيكون لها الكلمة فى رسم مسار السياسة وخلق تحالفات إستراتيجية ، قد لا تكون فى صالح النخب الحاكمة التي توراثت الحكم فى تلك الدول .

أثر كبير:
عزى الأستاذ منصور أرباب ، رئيس حركة العدل والمساواة الجديد ، الشعب التشادي والحكومة التشادية وأسرة الشهيد ، على فقدهم الجلل على روح الشهيد الرئيس إدريس ديبي ، والذي له أثر كبير على المنطقة محلياً وإقليمياً ، وإستطرد بأن ثقتهم فى الحكومة الجديدة بقيادة الجنرال محمد إدريس ديبي ، سيتخطون كل عقبات الإنتقال ، واصفاً رحيل ديبي بالمؤلم للشعب التشادي ولكل القارة الأفريقية ، ولكن مستقبل تشاد لا خوف عليه ، من واقع معطيات إلتزام المجلس العسكري بإدارة البلاد لفترة إنتقالية ، وحفظ الأمن والسلم الوطني والإقليمي بالمنطقة ، مبيناً انه من أهم ما يميز ذلك إجراء حوار وطني شامل لا يستثني أحداً حتى الحركات المسلحة المعارضة ، وإعتبر هذه الخطوة بمثابة الإتجاه الصحيح لأطراف المعارضة وغيرها لإغتنام الفرصة من أجل الإستقرار فى تشاد .

الإضطربات:
أكد أن التدخلات الخارجية لها تأثيرات سالبة تنعكس على الشئون الداخلية لأي دولة ، موضحاً أن الإضطراب الأمني فى تشاد أقل بكثير مما يعيشه السودان ، مقارنة بالحروب الأهلية والإضطراب السياسي والإقتصادي والأمني والإجتماعي فى كلا البلدين ، وأضاف بأن تشاد نالت إستقلالها بعد السودان بسنين ، ولكنها حافظت على حدودها الجغرافية ، ووحدت شعبها وهويتها ، بينما السودان مازال فى حالة عدم إستقرار وتردي غير مسبوق ، وأبان برغم التدخلات الخارجية فى الشئون التشادية ، ولكن حكمة القيادة السابقة وحسها الوطني ساهم بشكل جيد ، على الحد من تأثيرات التدخلات الخارجية ، مؤكداً أن تحديات المرحلة للقيادة الجديدة ، تتمثل فى المحافظة على وحدة الشعب التشادي .

هشاشة التأسيس:
أوضح أرباب ، أن عملية تشكيل الدول الأفريقية بفعل القوى الإستعمارية ، وعليه تأسست كل الدول الأفريقية بصورة هشة والبعض منها يعاني من ويلات الحروب الأهلية ، ورجح أن التحدي هو قدرة القيادة السياسية على إستيعاب هذه التباينات وخلق هوية وطنية موحدة تحافظ على أمن وسلامة البلاد .

أزمة إدارة سياسية:
قال أرباب ، إن ليبيا بدأت تتعافى ولكن المشوار لا يزال أمامها طويلاً ، ونتمنى لها دوام الإستقرار والسلام والإزدهار ، مؤكداً أن الوضع فى السودان ودارفور على وجه الخصوص عبارة عن معاناة من أزمة عدم وجود إدارة سياسية حقيقية لإيجاد الحلول الناجعة لمشاكل البلاد وهي فى متناول الأيدي ، وإعتبر أن الوضع القائم فى دارفور وضع كارثي بمعنى الكلمة من الناحية الإنسانية والأمنية ، مشيراً إلى حرب الإبادة الجماعية التي بدأت فى غرب دارفور منذ تسعينيات القرن الماضي ، والتي ما زال مسلسلها مستمراً ، ولا حل ينظر فى الأفق ، قائلا إن بعض ممن بيدهم السلطة اليوم هم شركاء فى تلك الجرائم ، فالأوضاع فى غرب دارفور والسودان عموماً هشة ، وقد تؤثر على الجوار الإقليمي ، مطالباً بضرورة وقف هذا العبث بأرواح وممتلكات الأبرياء فى دارفور حتى تنعم المنطقة والمحيط الإقليمي بالأمن والسلام والإستقرار الذي ننشد .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.