مشروع قانون مفوضية إعادة بناء الأجهزة العدلية والمنظومة الحقوقية لسنة 2019

مشروع قانون مفوضية إعادة بناء الأجهزة العدلية والمنظومة الحقوقية لسنة 2019

بقلم: مولانا نصرالدين حسن

مقدمة لازمة :

* أنجز شعبنا ثورته تحت الشعار الأشهر ” حرية سلام وعدالة ” .. وهو يلخص مطالبه ورغباته ..
* الحرية لا تتحقق إلا بسلام مستدام .. والسلام لا يكون إلا إذا تحققت العدالة .. إذاً : عدالة ، فسلام ، فحرية ، تؤدي إلى تنمية قدرات المواطن ، ونماء الوطن ..
* العدالة نفسها ، كثيرة المظان ، وتشمل دائرتها كل مناحي الحياة ..
* أجهزة العدالة ، ومنظومتها ، يمكن حصرها .. قضاء ، ونيابة ، ووزارة عدل .. وغيرها مما تنشئه الدولة ، لبسط العدل بين الناس .. ومنظومتها تتشعب ، معاهد وكليات ومراكز بحثية .. وغير ذلك .
* إنتبه المشرع الثوري ، عندما قام بصياغة الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية ، لما أصاب أجهزة العدالة ومنظومتها من دمار يقر به الجميع ، حتى من انتسب لها ، ” كما هو حال كل مرفق ” ، ولأهميتها ، خصها بنصوص توجب اصلاحها ، وإعادة بناءها ، وفق إرادة الشعب .
* أجهزة العدالة ، ومنظومتها ، ملك لهذا الشعب ، أنشأها المجتمع ، لتنتج وتبسط له خدمة ذات جودة ، لتيسير حياته وضبطها ، وليست جزراً معزولة عن باقي مكونات الدولة والمجتمع .
* يبقى الحق لهذا الشعب ، أن يقرر بشأن أجهزة العدالة ومنظومتها ، بما يجعلها قابلة للحياة هي الأخرى ، ولتؤدي الدور المنوط بها ” تحقيق العدالة ” ، وله – أي المجتمع – أن يمنحها ما يشاء من استقلال عن باقي أجهزة الحكم والدولة ، بعد أن يمهد لها الطريق إلى الاستقلال الحقيقي ، ونيل شهادة الكفاءة والقدرة والرغبة في تحقيق العدالة وبسطها ..
* مبدأ استقلال القضاء ، يعني ، ألا تتدخل سلطات الدولة الأخرى في عمله، وعمله هو الفصل في الخصومات واصدار الاحكام وفقا للقانون الذي يضعه المشرع ، ولا سلطان على القضاء والقضاة ، إلا سلطان القانون والضمير ، وهذا لا يعني بأي حال ، ألا سلطان للمجتمع على هذا القضاء ، فهو الذي أنشأه ، وله أن يعدل أو يعيد بناءه إن مال ، أو تهدم ..
* مشروع القانون هذا ، يأتي استجابة لنداء الثورة ، ورغبة المجتمع في إصلاح أجهزة العدالة ومنظومتها ، وتطبيقاً لنصوص وروح الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية .. تمهيدأً للانتقال لمرحلة أخرى ، يراد لها أن تكون مستدامة .

* رب قائل : ألا يكفي أن يتولى كل جهاز من أجهزة العدالة أو منظومة الحقوق إصلاح شأنه ، وإعادة البناء المطلوب ؟
نجيب بأن ذلك غير ممكن ، وذلك لما يلي :
– يقولون : ” أن فاقد الشيء لا يعطيه ” .. و ..
– إذا أردت إعادة البناء ، عليك أن تجلب البناء أولاً .. وقبل ذلك .. ضع له خارطة البناء .. ووفر له مدخلاته .. ثم راعه حتى يكمل عمله .. و ..
– ترك أمر الاصلاح وإعادة البناء ، لذات الأجهزة والمنظومة ، يعيد إنتاج ذات الأزمة التي تعيشها هذه الأجهزة ، وتلك المنظومة كذلك … ويخالف مقتضى تفكيك بنية التمكين فيها .. و ..
– توحيد المنهل والمنهج ، والمسلك ، والمعول ، أفضل من مناهل ومناهج ومسالك ومعاول متعددة ..

ولذلك :
* قصد مشروع القانون إلى إنشاء مفوضية ، ذات صلاحيات واسعة ، تقوم بوضع منهج يؤسس للاصلاح ، برؤية كلية ، لتحقيق هدف استراتيجي ، يحقق مطلوبات الثورة ، ويكون ناتج ذلك كله ، عدالة يتلقاها المجتمع بجودة عالية ، يأمن بها ، وتحقق له سلاماً مستداماً ، وحرية منضبطة .
* إستند مشروع القانون على نصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019وهي :
1 . ديباجة الوثيقة : وقد اشتملت على جملة من الأهداف والاشارات ، وتطلعات الشعب في بناء دولة ديمقراطية حديثة ، وفقاً لمشروع نهضوي متكامل ، وتأسيس دولة القانون ، التي تعلي قيم العدالة ..
2 . المادة (3) من الوثيقة : والتي تنص على أنها القانون الأعلى بالبلاد ، وتسود أحكامها على جميع القوانين ..
3 . المادة (5) : والتي تنص على أن السيادة للشعب ..
4 . المادة (8) : ونصت على أن تلتزم أجهزة الدولة بانفاذ المهام الواردة فيها .. ومنها :
– فقرة (5) : الاصلاح القانوني ، وإعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية ، وضمان استقلال القضاء وسيادة القانون .
– فقرة (6) العمل على تسوية أوضاع المفصولين تعسفياً من الخدمة المدنية أو العسكرية .
– فقرة (11) : وتنص على سن التشريعات المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية .
– فقرة (15) : وتنص على تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو 1989 ، وبناء دولة القانون والمؤسسات .

– المادة (39/ 1) : وتنص على أن : تنشأ مفوضيات مستقلة ، ويرشح لها شخصيات من الخبراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة .. وتشكل وتحدد اختصاصاتها وفق القوانين التي تنشئها ..
– المادة (25 /3) : وتنص على أن يتولى مجلسا السيادة والوزراء سلطة التشريع حال غياب المجلس التشريعي …

الأحكام :
* الفصل الأول : اشتمل على اسم القانون والتعريفات .
* الفصل الثاني : مادة (3 و 4 ) : اختصت مواده على انشاء المفوضية وأجلها ، وتشكيلها .. ( يمكن إعادة النظر في طريقة التشكيل واستكمال التشكيل والعدد ) .
* الفصل الثالث : مادة (5 و 6 ) : تناولت مواده بيان وتحديد اختصاصات وسلطات المفوضية ..

الاختصاصات :
– اتخاذ كل ما يلزم نحو تحقيق والإصلاح وإعادة البناء .. وتفكيك بنية التمكين ووضع الأسس ( لتعديل ) التشريعات ، و ( التاسيس ) لتشكيل المجلس الأعلى للعدالة والقانون ، ومجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة ومجلس وزارة العدل .
– تلقى الدراسات والمبادرات ..
وانحصرت السلطات في :
*إصدار القرارات وامكانية تشكيل لجان فرعية ، والتأسيس لإدارة العدالة .
* تعيين وإعادة تعيين وإعفاء منسوبي الأجهزة وترتيب وإعادة ترتيب الأقدميات والترقيات والدرجات ” إعادة تسكين ” . ( يمكن التعديل بأن تكون هذه توصيات ملزمة ) .

-ليس في مشروع القانون ما يخالف الوثيقة الدستورية .
-ليس في مشروع القانون ما يمس استقلال القضاء ، بل هو لتأكيده وتحريره مما لحق به فيما مضى .. إذاً ، لا وجه للاعتراضات .
ونختم نقاطنا هذه بأنه :
* إذا كانت ( هناك ) ثمة منظومات ورؤى مغلوطة في مجتمع ما ، وطال عليها الأمد ، ولم يفلح هذا المجتمع في تغييرها ، يصعب تفكيكها بالنقاش ، ويلزم أن تصطدم بالواقع والتجربة الحية ، فتنزف ، حتى تعرف أن الطريق ليس من هنا ، ومثل هذه الأطر العقلية عندما تبدأ في الاصطدام بالواقع ، يمكن حينها ، وحينها فقط ، أن تسأل وتبحث عن خيارات جديدة .

* إن إنتاج عصر جديد ، بأفق جديد ، يتطلب أن نبذل في سبيله ضريبة مكلفة ، وصعبة ، وإن نجري جراحات عاجلة وضرورية .
* لقد آن لمعارضي مشروع القانون ، أن يتجردوا من تصوراتهم التي ظلوا عليها عاكفين أمداً ، وأن يعوا لذواتهم وواقعهم وأدواتهم القديمة التي يظنون أنها ربما تحميهم وتصوراتهم .

ولنــــــا عـــــــودة ،،،

شارك على
Comments (0)
Add Comment