معارك التحرر الوطني وتحولات جارية داخل وخارج السودان

معارك التحرر الوطني وتحولات جارية داخل وخارج السودان

بقلم: سعد محمد عبدالله

تبدو المشاهد والمواقف العالمية مقلوبة بشكل مثير للتعجب، وقد وصل الأمر إلي حد جعل الشعوب تُصَاب باحباط واسع إذاما إستشعرنا غضب الشعب السوداني حيال العدوان الإستعماري مع تصاعد الحركة الطلابية عالميًا ضد وباء الظلم، وفي نهاية هذا المطاف تعددت الأمكنة ولكن الظالم واحد، ولا لقاح غير الكفاح، ومحاولة تبديد جهودنا وتبديل الحقيقة بعرقلة التحركات السودانية في المنابر العالمية بغية منع فتح مناقشة مستحقة حول العدوان علي السودان ما هو إلا تحايُل خاسر بكل المقايس، ويعقد ذلك العلاقات الدولية الممتدة طالما هنالك هم يتهربون من مواجهة الحقائق ومناقشة القضايا الملحة للشعوب المطهدة والمكافحة، وغدًا يتوقف نزيف بلادنا ويتكشف زيف توجهات حُماة الغُزاة الذين يقتلون شعبنا عمدًا تحت وطأة نيران مليشيا الدعم السريع المتمردة.

يجب التذكير بفروسية الشعب والجندي السوداني كما هو مُدوّن علي كُتب تاريخ السودان وافريقيا في ماضينا التليد والمعاصر، ونُذكر بهذا الكفاح الطويل ليعلم الأوباش أن ما حدث في الماضي سوف يتكرر في الحاضر ولا مناص من إستمراره إلي المستقبل حتى يتجلى شعاع الحرية والسلام؛ فقد قاوم الأجداد الشجعان علي طول وعرض السودان وقارة افريقيا قاطبة أعتى الحملات الإستعمارية التي شهدتها بلادنا والقارة الافريقية، وكانوا وقودًا لملاحم الثورات الخالدة من أجل تحقيق الحرية والسلام والإستقلال وسيادة النفس والمجتمع والوطن، فذلك الوقت لم يُكتب فيه هزيمة ولا واحدة للسودانيين الذين حملوا السيوف للدفاع عن وطنهم فكيف يتصور الأعداء أنهم سيهزمون شعبنا اليوم؟.

كان من باب المنطق والأخلاق أن ينصت ويستمع العالم للرواية الحكومية بشأن الملابسات الكامنة وراء العدوان الخارجي الموجه ضد بلادنا وشعبنا وليس العكس، ولكن أثبتت التجربة إنخفاض مناسيب العدالة في التعامل مع القضية السودانية وقضايا شعوب آخرى ترزح تحت الظلم، وأن الإعتماد علي سماع الروايات المحبوكة والتقارير الممجوجة لن ولم يساعد علي حلحلة القضايا بل يعقدها أكثر فأكثر، ولكن الوقوف مع الحقيقة والمنطق هو دوما مفتاح الحلول للمشكلات الشائكة أينما كانت كما يمثّل الطريقة المثلى التي ستجلب الإحترام للحكومات وللهيئات الإقليمية والدولية أمام شعوب العالم أجمع.

الحكومة السودانية تقوم بواجبها عملاً مستمرًا علي كافة المستويات الوطنية من أجل حماية شعبها وأرضها ومواردها وصيانة المستقبل الذي يحاول بعض البُغاة سلبه ومحو ملامحه ومنع التفكير فيه دون وجه حق، وهم يعملون لتنفيذ مشروع النهب والقتل والإحتلال، ويمثّل الدفاع عن أرض السودان وشعبه وثرواته واجبًا وطنيًا للقوات المسلحة والقوات المساندة لها والمدنيين الأحرار من خلفها وأمامها وسيقوم به الجميع في كل زمان.

للحكومة السودانية خطة عملية واضحة وضعت فيها الحلول للأزمة الحالية، وقد شرحت هذه الخطة للحكومات الصديقة وهيئات الإقليم والعالم التي لديها رغبة حقيقية في الإستماع لصوت المنطق وخطاب الموضوعية، وهنا تؤكد بيانات الدولة بأنها منفتحة علي كل المقترحات المعروضة للحوار حول السُبل والآفاق المُرام عبرها إيجاد الحل الملائم للأزمة؛ لكن لا يُحقق ذلك إلا إذا حافظت تلك الحلول علي كرامة الشعب ولم تطعن في القرار السيادي السوداني، وهنا السؤال لماذا تريد المليشيا وحلفائها حول العالم مواصلة تبرير تباري البنادق وليس منازلة الحجة بالحجة إن لم يكن لديهم أجندة خبيثة يودون تمريرها جبرًا؟.

هنالك إنفتاح للحكومة في علاقاتها مع الدول الآخرى، وقد شاهدنا خلال الأيام الماضية إزدهار العلاقة مع دولة الصين الشعبية، وزيارة وفد روسيا الإتحادية بقيادة ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للشرق الأوسط وافريقيا، والإنفتاح علي ليبيا وجنوب السودان ومصر وإرتريا في مجالات التعاون الإقتصادي والتجارة عبر الحدود والمحافظة علي الأمن القومي في كافة الأقطار، وكذلك مشاركة السيد السفير حسين عوض علي وزير الخارجية السودانية في المنتدى الثالث للإقتصاد والتعاون العربي مع أسيا الوسطى وأذربيجان بمدينة الدوحة القطرية مع النظر بفائق الإهتمام للتفاهمات بينه ونظرائه من دولتي قطر والبحرين.

إذا التحولات في الدبلوماسية السودانية وضعت علي ميزان لإجراء تقييم وتحليل لحجمها ومستقبلها وفي مقابلها وضعنا قيمة التطورات المصاحبة للحرب داخليًا وخارجيًا فإن التعويل المنطقي الأخير لفكرة تحرير وتنمية هذه البلاد يكمن في وضع الخطة الجيدة لتأسيس الدولة مع تفجير كافة طاقات شعبنا وتوجيهها نحو منازلة قسوة الحياة اليومية بقوة الصبر، ويمكنا ذلك من خوض المعارك التحررية حتى إنزال الهزيمة الساحقة علي وكلاء الإستعمار ومحاربة المشاريع الإنكفائية والمدمرة التي لا تسد ثقبًا بقدر ما تنخر في بنية الإقتصاد الوطني السوداني، وهنا يجب علينا الإستمرار بفاعلية في البحث عن وسائل جديدة مع الأصدقاء والشركاء حول العالم لتحقيق السلام والإستقرار وإعمار السودان.

يجب إستلهام كفاح التحرر الوطني من عمائق التاريخ ورموز إستقلال السودان مثّل عبدالفضيل الماظ وعلي عبداللطيف وغيرهم وكذلك التجارب الآخرى بدأ من نزينجا مباندي في أنغولا وسيدار سنغورا في السنغال ونيلسون مانديلا في جنوب افريقيا ود.جون قرنق دي مبيور في جنوب السودان، ويجب توحيد وتوجيه الطاقات الممكنة نحو الدفاع عن الأرض والعِرض والمستقبل الذي لا يتحقق إلا بوحدة الصفوف والنضال المشترك لبناء دولة السلام والمواطنة والتنمية وتكوين جيش وطني واحد، وينبغي لكل القوى الوطنية إعلاء أصواتهم الحرة من أجل المناداة بوقف تمويل مليشيا الإرهاب من كافة الحكومات حول الإقليم والعالم.

شارك على
Comments (0)
Add Comment