افكار حرة … بقلم: حليم عباس … مسار الثورة المسدود

افكار حرة … بقلم: حليم عباس … مسار الثورة المسدود

المسار السياسي الحالي للثورة قد وصل بالفعل الى طريق مسدود بالفعل. و الوضع الحالي هو أسوأ مما كنا نخشاه و نحذر منه، لقد كتبنا و وقفنا ضد أداء و مواقف قوى الحرية و التغيير منذ بداية الثورة و بعد سقوط النظام و أثناء التفاوض مع العسكر و بعده، و توقعنا الكثير ، و لكن لم نكن متشائمين بما فيه الكفاية لرؤية كل ما يحدث الآن.

السؤال الذي يجب أن يطرحه الثوار على أنفسهم و كذلك كل حريص على مصلحة السودان هو كيف نخرج من هذا الافق المسدود ؟

إن الكلام عن ثورة جديدة و تصحيحية و ما الى ذلك لا معنى له، و المسار الصحيح هو المسار السياسي.
شاء من شاء و أبى من أبى لقد فشل تحالف الحرية و التغيير في إدارة الفترة الانتقالية، هذه حقيقة لا ينكرها أحد، و استمرار دعم هذا الوضع الفاشل لن يقودنا الى شيء. و ستكون الثورة هي الخاسر الأول.

و لذلك يجب أن يبلور الشارع رؤية سياسية تعبر بالفعل عن الثورة و أهدافها و تكون قادرة على إصلاح الوضع الحالي و اخراج البلاد من هذا النفق الذي وجدت نفسها فيه.

و لأكون دقيقا، فإن الخطأ الأساسي لقوى الحرية و التغيير هو احتكارها للثورة و للسلطة الانتقالية و تكوين سلطة قائمة على المحاصصة السياسية، و هي بطبيعة الحال غير قادرة على الخروج من هذا الاطار. تصحيح هذا الخطأ يكون بإعادة تشكيل السلطة الانتقالية، بحيث تخرج عن الافق المحدود لقوى الحرية و التغيير. فالسلطة الانتقالية يجب أن تمثل كل السودانيين هذه أول خطوة للإصلاح.

الحكومة الانتقالية يجب أن يُعاد تشكيلها على أساس الاستقلال و الكفاءة و بشكل توافقي يشمل كل الشعب، و مع ذلك تبقى مهمتها هي تنفيذ أجندة الثورة و الانتقال و الترتيب للانتخابات. الأهداف العامة المتمثلة في العدالة و السلام و الديمقراطية هي أهداف تهم كل سوداني، و لا يُمكن احتكارها بواسطة أحزاب معينة تنصب نفسها الممثل الوحيد لهذه الأهداف، و لقد فشلت أحزاب الحرية و التغيير في كل هذه الملفات، و لا يُمكنها الاستمرار في احتكارها و احتكار مصير الشعب السوداني.

إذا أراد الثوار إصلاح مسار الثورة فيجب التفكير في كيفية تكوين حكومة تمثل كل الشعب السوداني، ليست حكومة أحزاب بعينها. و يجب التفكير في المعايير و الآليات التي يتم بها تكوين هذه الحكومة، و ذلك خارج أفق الشراكة بين العسكر و الحرية و التغيير و الوثيقة الدستورية التي لم تعد لها أي قيمة.

الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، و الخوف أن يؤدي الى كارثة لا يمكن تصورها. و من الواضح أن دور الشارع و المظاهرات قد انتهى و لن يقود الى أي شيء و البلاد نفسها لن تتحمل هذا الأمر، و عموما لا يُمكنك أن تصنع ثورة ثم تثور على حكومة الثورة نفسها، أي أن تثور على نفسك. إن قامت ثورة فلن تكون ثورة متحكم بها، و ستكون نتيجتها في صالح النظام القديم، هذا إن لم تؤدي الى تفكك السودان و انهياره. و لكن لا أحد يملك مفاتيح الشارع، و ثورة الجياع التي أسقطت النظام يمكن أن تندلع مجددا طالما أن عواملها موجودة بل و متفاقمة.

فالأفضل للجميع هو ان لا نكرر الأخطاء؛ فلو كان النظام السابق قبل بالإصلاح و قد كانت عنده فرصة في الحوار الوطني، و كانت للبشير فرصة حتى بعد اندلاع الثورة أن يبادر بالتغيير و كان سيجد هو و حزبه مصيرا أفضل من هذا المصير بلا شك. و لو كانت قوى الحرية و التغيير نفسها وسعت أفقها و شكلت حكومة بتوافق وطني و بلا محاصصات لكانت الآن في وضع أفضل لا تتحمل فيه أي مسئولية لوحدها، و لما كانت الحكومة هي حكومة “قحت” بل حكومة كل الشعب السوداني يسندها و يدعمها الجميع. بل لو أنها قبلت بطرح المجلس العسكري بتعجيل الانتخابات لكانت في وضع أفضل بكثير. و الآن اذا تمادت هذه الأحزاب في نهجها الحالي فقريبا سيأتي اليوم الذي تندم فيه مجددا مثلما هي نادمة الآن.

شارك على
حليم عباسمار الثورة
Comments (0)
Add Comment