آخر الأخبار
The news is by your side.

غياب أولويات الثورة وضعف الفاعلية لدى حكومة الثورة “الأخيرة”

باب الريح الثالث: غياب أولويات الثورة وضعف الفاعلية لدى حكومة الثورة

بقلم: د/ عوض الجيد محمد أحمد

إن الشعب الذي اتحد وأجمع على ثورة الجياع والمحرومين سنة 2019 لا يريد أن ينتهي به المطاف بعد الفترة الانتقالية وهو يردد المثل اليائس:

  (أشبعتهم سباً وذهبوا بالإبل)

كانوا ينتظرون رؤية ثورية تجمع الشتات ، وتنير الطريق وحلولاً ثورية مبتكرة لقضاياهم الحيوية مع فاعلية في الإدارة والمعالجات الاقتصادية بالذات. كانوا يريدون محاكمات ومحاسبات حازمة وعادلة ومحكمة وتستند إلى الأدلة والبينات ترد الحقوق المنهوبة والضائعة بعدل وحسم وتطال كل من اغتال المال العام  أو الحق العام أو الخاص.

حار الناس من وقوف حكومة الثورة عاجزة أمام الأولويات الثورية والمهام الكبرى الموكلة إليها وعلى رأسها كبح جماح الثورة المضادة والفاسدين من استنزاف الاقتصاد الوطني وحرمان الشعب من ضرورات الحياة الأولية. ويتعجب الكل من انشغال حكومتهم عن القضايا الحيوية بمحاكمات تظاهرية ذات طبيعة سياسية، بينما جرائم (الإنقاذ) ذات المردود المالي والتي تضرر منها ملايين المواطنين أفراداً وجماعات ومست لقمة عيشهم، مطمورة، وأموال الوطن المسروقة تستخدم لمحاربة ثورته. ومع كل الوهن والسلبية تغيب المبادرات الاستثمارية التنموية الخلاقة التي تعمل على إعادة مئات الآلاف ممن  هاموا في الأرض وهجروا ديارهم وهم كارهون. لقد ترك أكثرهم ديارهم مكرهين. فمن تسنى له العيش في وطنه فهو لن يغادره طوعا ليعيش في مكان آخر (ولو كان هذا المكان جزءاً من وطنه العربي أو الإفريقي الكبير):

 

لو لم يجد في عشه ما يكرهُ         ما غادر العصفور أبداً وكرهُ

 

لقد سمع الناس كثيراً عن قدرات الخبراء العالميين الأفذاذ الذين تمت الاستعانة بهم لإدارة الفترة الانتقالية. ويسمعون أيضا ًأن العسكريين(يفرملونهم). ولكن هذا المنطق معوج. فلم يسمع الناس باستراتيجية أو خطة أو مبادرة اقتصادية ثورية أو أي قرار حاسم اتخذه مجلس وزراء الثورة الموقر لنصرة شعارات الثوار وعطله العسكريون. ولم يطرح مجلس الوزراء الموقر أو وزير في وزارة مهمة مبادرة عامة تمثل خارطة طريق واضحة فعطلها العسكر أو المجلس العسكري.

وخطورة ضعف أداء الحكومة الانتقالية أنه بعينه هو الذريعة التي قادت لإسقاط التجربة الديمقراطية مرتين منذ الاستقلال. فالإنسان السوداني بطبعه يحب في قيادته القوة ويريد قيادةً صاحبة قرار وواثقة من نفسها. ولكن بعد أكثر من عام تعيش الثورة والثوار واقعاً عجيباً:

حكومة عالية التأهيل وضعيفة العطاء. وغير واضحة الموجهات. وعسكر لا يُطمأن إليهم ولكن لا غنىً عنهم للمرحلة. وغاية ما يخشاه الناس هو أن تكون حكومتهم تعمل على قتل الوقت حتى تنقضي الفترة الانتقالية وبعد ذلك (الله كريم) على الوطن والشعب. أما الخبراء الأجلاء فسيعودون لمنظماتهم الدولية المختلفة ومراكزهم المتميزة في العالم الأول.

وفي جميع الأحوال فإن الخوف هو أن تمهد رخاوة الحكم _دون وعي- لحكمٍ عسكريٍ ثالث بذريعة فشل المدنيين في إدارة وحفظ الوطن وشعبه من الضياع كما حدث في المرات السابقة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.