زاوية منفرجة … بقلم: جعفر عباس .. هلا بالخميس البريطاني
زاوية منفرجة … بقلم: جعفر عباس .. هلا بالخميس البريطاني
= جاءت البعثة الدراسية الى بريطانيا وركبنا الطائرة الى فرانكفورت ثم لندن، وفي مطار الخرطوم أوصاني أحد معارفي على زوجته التي كانت معنا على نفس الرحلة وجلست السيدة الشابة الى جواري وفوق مطار فرانكفورت رجفت الطائرة وجعرت وشخرت بسبب السحب الداكنة فخافت المسكينة ولجأت الى عبد المعين وأمسكت بي من كم قميصي، فقلت لها: فكيني وإلا أكورك ويتلموا عليك الناس، لأنني كنت مرعوبا أكثر منها
= وفي مطار هيثرو لم تكن هناك وسيلة للصعود الى صالة استلام الحقائب الا بالسلم الكهربائي الذي لم أكن قد رأيته حتى في السينما، ومشيت شرق غرب ولم اجد أسانسير، ثم اقتربت مني سيدة سودانية وقالت: خلينا نتوكل على الله ونطلع بالسلم، وتقدمت هي ووضعت رجليها على السلم وسرت وراءها ولسوء حظي كنت أحمل كيس به منقة هندية وفجأة مالت السيدة الى الخلف وكادت تهرسني فأفلت كيس المنقة من يدي وخلال ثوان فاح عبير المنقة ثم شخر السلم شخرة تحنن قلب الكافر وهمد أي توقف عن الحركة، فواصلت الصعود في ثبات والخواجات ينظرون الي في ازدراء وتوقعت ان يتم اعتقالي بتهمة تسبيب الأذى الجسيم للسلم ولكنهم اكتفوا بتوجيه شتائم بمفردات ذات حروف أربعة إليّ.
= كان وصولي وزملائي الى لندن يوم الجمعة وفي صباح السبت “قشرنا” لنذهب الى المعهد الذي كان مقررا ان نلتحق به وتم تكليفي بالاتصال الهاتفي بالمعهد ليحددوا لنا موقعه وطريقة الوصول اليه، وأدرت الرقم الصحيح وجاءني صوت نسائي عذب، فقلت: قود مورننق، ولكنها لم ترد التحية وقالت كلاما غير مفهوم وحاولت مقاطعتها كذا مرة كي أقول لها إنني أشرح لها ما أريد، ثم انتبهت الى انها تردد كلاما عن مواعيد الدراسة فقلت لها: شط أب، ولكنها رفضت أن تشطط اب، فأرخيت السمع فإذا به تسجيل يقول ان المعهد لا يفتح يومي السبت والأحد وان مواعيد الدراسة عادة من كذا وكذا.
= وبعدها بأيام قررنا شراء ملابس لندنية وكان معنا زميل شمام للتنزيلات، قال أنه عثر على محل قريب فيه ملابس بأسعار زهيدة جدا فاندفعنا نحو المحل وفعلا فوجئنا ببنطلونات بجنيهين وجاكيت بخمسة جنيهات وقمصان بجنيه واحد فشرعنا، وكنا أربعة في اختيار ما نشتهي من ملابس، ثم وضعنا أكواما منها أمام صاحب المحل فسألنا عن ال”ريسيت receipt” الايصال فقلنا له إننا لم ندفع القيمة بعد وانه هو من سيعطينا الايصالات،باختصار اتضح ان المحل خاص بالغسيل الجاف وأننا حسبنا تسعيرة الغسيل والكي سعرا للبيع، وتعرضنا لسيل من الشتائم تحت الحزام وهربنا لأنه كان ضخم الجثة.
= في أول مرة أستخدم فيها قطار الأنفاق حشرت التذكرة داخل بوابة قصيرة turnstile ثم ذهبت الى القطار ولم أنتبه لالتقاط التذكرة من الطرف الثاني من البوابة، ورغم انك قد تستخدم القطار سنة كاملة دون ان تلتقي بمفتش تذاكر، فقد شاء الحظ العاثر لأبي الجعافر أن يأتي المفتش طالبا التذاكر، ووقف أمامي وقال: تيكيت (تذكرة)، فعملت فيها عوير وقلت: مي سودان، فصاح في تهذيب: تيكيت لايك ذِس، ورفع امام وجهي تذكرة مثقوبة، فواصلت دور العبيط وأخرجت نقودا من جيبي وقدمتها مبتسما وأنا أقول: يو مي كتك، بحيث يستنتج انني عاجز حتى عن النطق الصحيح بالكلمة، فابتسم الرجل وقال: نيفر مايند وانصرف دون ان يبيعني تذكرة
