آخر الأخبار
The news is by your side.

تجربتي مع الكوفيد 19… بقلم: آرثر غابرييل

تجربتي مع الكوفيد 19… بقلم: آرثر غابرييل

طالبني بعض الأصدقاء مشاركة تجربتي مع الكوفيد ١٩ لأنّ ثمّت من لا يريد أن يصدق بوجود هذا المرض الفتّاك!

قبل أن أخوض في تجربتي هذه، أريد أن أنوّه بأن عدد ألّذين أُصيبوا بهذا المرض من أبناء جلدتنا، واعني من جنوب السّودان فقط، في المدينة ألّتي أعيش فيها هنا بأمريكا، بلغ ال 20 شخصًا! هناك حالة واحدة حرجة جدًا يقول الأطباء بأنّه أُصيب بتلف دماغي. حتّى الآن، لا يوجد حالات وفاة، نشكر الرّب على نعمته علينا وعلى كل المرضى في أنحاء المعمورة.

لا أدري أين وجدت هذه العدوى رغم التزامي بعدم الخروج من المنزل واتباع الإرشادات الصحية من غسل اليدين ولبس الكمامات إن دعت الضرورة القصوى للخروج من المنزل.

الأدهى في الأمر، أنّ هناك من يحمل الفيروس وينقله للآخرين ولا يظهر عليه أعراض المرض!

على كلٍ اُصِبتُ بالفيروس وعانيت لمدة أسبوعين تقريبًا اجاهد الحمى الشديدة المتواصلة، وطعنات مؤلمة تحت الجلد، وآلام مبرحة جدًا في كل المفاصل والعظام وكل عضلات الجسم، هي أعراض شبيهة بأعراض الملاريا ولكن الأخير أفضل وارحم بكثير..أسبوعين بلا نوم ولا علاج محدد غير الإكثار من تناول السوائل بشتى أنواعها من شوربة وعصائر وخليط دافئ من العسل والزنجبيل، ومخفض للحرارة ومسكن للآلام الّذي لا يُسكّن أي ألم! وفوق كل ذلك لم انجُ من هلاوس الحمى واحلام كابوسية مرعبة تزورني وأنا مستيقظ تمامًا. كل ذلك، كان اهون لي بكثير مقارنة بالّذين كان حظهم سيئًا فهاجم الفيروس اجهزتهم التنفسية وشعروا بأنّ رئاتهم مليئة بما تُشبه شظايا زجاجيّة توخذهم وتسبب لهم آلام لا توصف ومهددة لحياتهم، بل ونالت من حياة الكثيرين! أضف إلى ذلك العزلة الإجبارية ألّتي يتطلبها عدم نقل العدوى للآخرين وآثارها النفسية وأن تواجه الموت وحيدًا!

ما أجمل أن يواجه الإنسان الموت وهو محاط بأهله ومحبيه وأصدقائه! وما أسوأ أن يواجهه وحيدًا، معزولًا عن هذا العالم!

والأسوأ على الإطلاق، وأنا أُصارع هذا الكوفيد اللعين، تلقيت نبأ وفاة أستاذي واخي وصديقي إدواردو، إدوارد لينو، الإنسان ألّذي علّمني معني أن يصير الإنسان مثقف يجهر بالحقيقة دون خوف، طالما انّه لا يتهافت على موائد الآخرين!

رحم الرّب روحه النقيّة وألهمنا الصبر وحسن العزاء.

وأنا على فراش المرض، كنت أتمنى، وحتّى الآن ألّا ينتشر هذا المرض في قارتنا وبلادنا، حيث لا صحة ولا رعاية صحية ولا يحزنون! فيكفي أننا جميعًا شاهدنا كيف أنّ دولة عظمى مثل أمريكا اهتزت وتأثرت وما زالت تتأثر رغم الرعاية الصحية المرصودة لها ميزانيات بأرقام فلكية، ولكنّها شهدت أكبر عدد إصابات في العالم وأكبر عدد وفيات لم يحدث حتّى في حرب فيتنام!

اخوتي، يجب ألّا تخدعنا الأرقام القليلة ألّتي ظهرت في بلادنا حتّى الآن، ونتمنى ألّا تزيد. كما ذكرت، بعض النّاس يحمل الفيروس وينقل العدوى دون أن يظهر عليهم الأعراض، وهذا خطر جدًا. علينا اتباع الإرشادات الصحية من ابتعاد اجتماعي وعدم المخالطة، غسل اليدين والبقاء في البيت. فأنت لا تريد أن تكون الضحية القادمة لهذا المرض اللّعين، ولا تريد أن تكون سبب في ايذاء وإصابة من تُحِب ويحبونك.

هذا المرض ليس مزحة، إنّه حقيقة، وحقيقة قاتلة، لا أريد أن يخوض أحدكم هذه التجربة القاسية وهو/هي يتعذب من الألم يتمنى فيه المريض أحيانًا أن يختفي هو ليرتاح من هذا الألم. هل يمكنك تفادي كل ذلك؟ بالّطبع ممكن، إذا عملت بكل الإجراءات الاحترازية المعروفة من غسل اليدين والبقاء في البيت، وبعدها يمكن أن تقول: لن يُصيبنا إلّا ما كتبه الله لنا.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.