آخر الأخبار
The news is by your side.

 تأملات رمضانية… فضائل عظيمة لسورة البقرة

 تأملات رمضانية… فضائل عظيمة لسورة البقرة

بقلم: د. هاشم غرايبه

لسورة البقرة فضائل عظيمة، أفاض في شرحها العلماء من السلف الصالح والخلف الأجلاء، والمتأمل فيها يجد وصفا وعلاجا لأحوال المسلمين في كل زمان.

في حالنا المعاصر نجد فيها تبيانا لما أحاق بأمتنا من عسف وتنكيل من قبل تحالف أهل الكتاب والمشركين، أسبابه ودوافعه ومراميه، حيث أكد تعالى أنهم لن يتركوا أمتنا وشأنها حتى يردوها عن اتباع منهج الله، وسيواصل شياطينهم ابتكار الوسائل وحبك المؤامرات بالتنسيق مع المنافقين من بيننا.

سأتطرق لإحداها والتي بدأ تنفيذها خلسة عن الأعين منذ زمن، وهي فكرة الديانة البديلة للإسلام والمسماة الديانة الابراهيمية، وفي هذه المرة جاءت عبر ما سمي: اتفاقية ابراهام التي وقعت بين الشيطان الأكبر (أمريكا) وبين بعض عربان الجزيرة العربية.

بني أساس الفكرة – المؤامرة على أنه وبما أن يعقوب الذي تنحدر منه الذرية التي جاء منها أهل الكتاب، هو ابن اسحق، الإبن الثاني لأبراهيم عليهم السلام ولأن المسلمين ينتمون الى اسماعيل الابن الأول له، فلماذا لا يعود الجميع الى اتباع الأصل المشترك ويتركوا ما جاء بعده؟

الخبث في الفكرة أنها لا تعني توحيد الأتباع على عقيدة واحدة، بل تعني ترك ما جاء في الرسالة الخاتمة على اعتبار أن الأصل كان فيما جاء قبلها، ولما كان ما جاء قبلها لم يعد موجودا، بعد إذ تم تحريفه وتعديله وتغيير كثير من تشريعاته، لذا ستضيع العقيدة الحقيقية، ولا يبقى إلا ما أرادوه، وهذا عين ما حذر منه تعالى: “وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ” [120].

لا شك أن الله تعالى يعلم أن سيأتي منافقون يدّعون أنهم إنما يريدون اصلاحا ويسعون الى تواؤم المعتقدات، لذلك أورد في هذه السورة الجليلة آيات تقطع الطريق عليهم وتنبه المسلمين الى خبث مقاصدهم.

1 – لا يعني الانتساب الى الصالح أن ذريته صالحة، فعندما أنعم الله على ابراهيم: “قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا” وسأله أن يجعل في ذريته الإمامة: “قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي”، رد الله عليه: “قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” [124]، فقد رأينا كم كان من أولاد يعقوب ظالمون، كما كان ابن نوح من قبل كافرا، ولم يشفع له إيمان أبيه.

2 – تنبني الفكرة – المؤامرة على اعتبار أن ابراهيم عليه السلام جد اليهود، وبالتالي فهو يهودي، فجاء نفي ذلك بالمطلق: “مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا” [آل عمران:67]، ثم يبين تعالى كيف أن ذلك قلب للمنطق، فقال تعالى: “يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِىٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوْرَىٰةُ وَٱلْإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعْدِهِۦٓ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” [آل عمران:65].

3 – لا يوجد في كتاب الله ذكر للدين بالتعدد، بل هو واحد، ولم يذكر أي مسمى له غير الإسلام، ومنذ نوح وحتى آخرهم لم يدع أي نبي إلا الى دين واحد موحد ومسماه الإسلام: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” [الشورى:13]، والمسميات التي يطلقها أهل الكتاب في توصيف عقيدتهم بنسبتها الى النبي الذي دعا إليها ليس لها سند في أي من كتب الله.

إذاً فالدين واحد ولا حاجة لتوحيده، أما اذا كان المقصد توحيد متبعي العقائد السماوية، فهذه فكرة خيالية، ومنافية للطبيعة البشرية التي خلق الله البشر عليها: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ” [هود:118].

4 – وهكذا نجد أن ابراهيم عليه السلام هو الذي أطلق مسمى المسلمين على من استجاب لدعوته: “مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ..” [الحج:78]، وبقي يدعو له طوال حياته، وحين أحس بدنو أجله أوصى به بنيه: “وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ” [البقرة:132].

ثم ينفي الله ادعاء أهل الكتاب بشأن يهودية أو نصرانية أي من ذرية ابراهيم، فيقول في الآية 140: “أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ”.

هكا يقطع كتاب الله حجة المنافقين من بيننا، الذين يوالون أعداء الأمة، ومسماهم المعاصر: المطبعون.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.