آخر الأخبار
The news is by your side.

أرواح الشرتاي الـ7 والأرض المحروقة

أرواح الشرتاي ال7 ..للكاتب مبارك أحمد عثمان..

قراءة.. أماني محمد صالح

رواية تناول فيها الكاتب  أدب الحرب متنقلا  مابين الأدب الصوفي والروحي والنفسي متوغلا في أغوار  النفس البشرية ما يمر به من تقلبات مابين أعلى مراتب التدين إلى مراتب التيه  والتوهان  التخبط بين التهذيب والانحطاط النفسي..

في أسلوب سلس ومشوق محافظا فيها على وحدة الموضوع وترابطه ناقلا القارئ بين  مآسي  الحرب في دارفور من قتل واغتصاب وتشريدا؛في  تجسيد حي  للأحداث الوحشية التي قام بها الجنجويد؛ متنباً فيها بأحداث مشابه في العاصمة  أن لم يقضي علىهم.

تناول أدب الحرب من خلال شخصية (الشرتاي) الذي انخرط في الخدمة الوطنية عنوة أصبح مقاتلاً شرسا إلى  قامت الحرب في دارفور  هاجم الجنجويد الإقليم حرقوا الأرض والإنسان بلا رحمة  لدرجة التي يحددون فيها العدد الذي سيقتل في اليوم من الرجال والنساء  فكانت  سياسة الإبادة التي اتبعوها في الإقليم  بوحشية.

قاتل الشرتاي فيها بشراسة إلى  أن قُتل وحُرق جميع أهله بصورة  وحشية.؛  هرب من الحرب في  دارفور  لاجئا إلى بلاد أخرى بعد أن نجا من الموت عدة مرات  بأعجوبة والتحق بالجامعة  مدافعاً عن قضيته وقضية الإقليم  محاولة منه لتعريف المجتمع الذي لجأ إليه بقضيته  لكن  يصطدم بقوانين التي تمنعه من ذلك؛ وهناك يتلقى بالاستاذة( لين) التي تهتم بقضيته وتحلل شخصيته من خلال أساليب علم النفس  فتعجب به تنشأ بينهم  قصة حب متجاوزين تلك القيود التي تُضع بين الأستاذ والطالب  لأنها وجدته  طالب استثنائي يحمل صفات الذكاء الفروسية.

هنا ينقل الكاتب  القارئ إلى عالم آخر  في الرواية متمثلة في  شخصية (الشرتاي) شخصية الزعيم المحب؛ الذي ادهش الأستاذة في تناوله لمفهوم الحب مقارنة بتجربتها الأولى الفاشلة في الزواج حيث أشعرها بأنها أنثى لها قيمتها  فقد حرك (الشرتاي) بداخلها كل مشاعر الحب  فتعيش معاه حياة هادئة  إلى تقع فريسة للمرض اللعين  وهنا جسد الكاتب شخصية  الزعيم المحب متمثلا في أرفع درجات الوفاء والإخلاص فوقف بجانبها إلى أن لقيت ربها.

وفي نقلة   غير متوقعة يغير  فيها مسار الرواية  من   أدب الحرب والحب والوفاء يفاجأ القاريء بتناوله  الأدب الصوفي بأسلوب صوفي مبهر جميل  ومقنع مستخدمة تقنية مخاطبة النفس عبر الأنفس السبعة التي  يمر بها الإنسان في لغة جميلة ومتماسكة      فكان لقاء الشرتاي الزعيم الهارب من حرب دارفور  ب( كلارا)  الراهبة المسيحية المتدينة  التي تقدس تعاليم المسيحية  فقدت أهلها بحرب لبنان  حتى دخلت عالم المال؛ فسدت  فتحولت من راهبة إلى عاهرة تحقق الصفقات لرجال الأعمال متخبطة في صراع نفسي قاسي ما  بين مراتب التدين والإنحطاط  فهي لم تختار منطقة وسطي تحولت من أعلى مراتب التدين إلى  الانحطاط والتيه فقادها هذا الصراع النفسي إلى التفكير في الإنتحار إلى يقودها القدر للقاء (الشرتاي)  حيث ينقلنا الكاتب ببراعة إلى الأدب الصوفي متوغلا داخل النفس الإنسانية محرك فيها كل التناقضات التي يمر بها الإنسان مابين الخير والشر والتهذيب والإنحطاط   بأسلوب صوفي رائع و ممتع ومشوق متبحراً  في أغوار النفس البشرية ؛ متناولا أدب الصوفي وأدب علم النفس الروحي  مستعرضاً مراحل الأنفس السبعة. مابينالنفس الإمارة بالسوء النفس اللوامة النفس الملهمة النفس المطمئنة النفس الراضية النفس المرضية النفس الكاملة إلى يصل إلى أعلى مراتب النفس الذي يجعله يتقبل المصائب بالرضا بالقضاء والقدر.

وهذا ما وصلت إليه ( كلارا)  عند وفاة إبنها جورج  حيث قابلتها  بنفس راضية بالقضاء والقدر ..

هذه الدرجة من التصوف والسمو  الروحي الذي جعل (كلارا) تعشقه دون كل الرجال رغم الإغراءات التي تتعرض لها فتعشقه بجنون  وتعشق فيها نفسها النقية الراهبة تتربط به بعد وفاة زوجته( لين) التي جسد فيها معاني الوفاء والحب

و بعد أن عاش  أجمل أيام حياته مع( كلارا) الزوجة التي تركت كل شئ من أجله  واستعادت نفسها النقية وعاشت معه في تسامح ديني جميل مع زوجها المسلم فكلاهما يعبدان رب واحد لكن  لكل منهم  طريقته في التقرب والتعبد  فكانت حياة صافية نقية.. إلى أن قرر الشرتاي فجاءة العودة إلى إقليم دارفور  مدافعا عن أرضه  فهذه الحياة لا تروق للزعيم وأرضه تغتصب فقرر السفر إلى دارفور لمحاربة الجنجويد  وماهي إلا شهور وتتأتي الأنباء  بوفاته  في الحرب فتعيش كلارا في حزن عميق.

لكن (كلارا) التي  تعتقد أن (الشرتاي) بسبعة أرواح  لن يموت قبل أن يحرر أرضه  فتقرر السفر  إلى معسكرات الثوار متنكرة في شكل  إمرأة من دارفور  تشاهد فيها  مجارز الجنجويد وآثاره على  انسان  دارفور فكم من النساء يحاولن إسقاط حملهن  بعد  تم اغتصابهن من الجنجويد مشاهد الذين فقدوا عقولهم  من بشاعة ما شاهدوه  في الحرب الكثير من المآسي  شعرت بالخوف والحزن على زوجها رغم ذلك واصلت الرحلة متحديا الصعاب تعبر معسكرات دون أن تبالي بما يحدث لها.

اتبع  الكاتب النهاية مفتوحة حتى يستفز القارئ ويطلق  العنان لخياله؛  لكي يتخيل النهاية هل ستموت ام تنجو و تقابل (الشرتاي) مرة أخرى ويرى ابنه لأول مرة  وهل سيكون بسبعة أرواح ويظل متشبثا بالحياة والأمل .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.