آخر الأخبار
The news is by your side.

حلول إسلامية لمشكلاتنا المعاصرة 4 – العنف الأسري

حلول إسلامية لمشكلاتنا المعاصرة 4 – العنف الأسري

 بقلم: د. هاشم غرايبه

في الجزء الرابع من الحلول الإسلامية للمشكلات المعاصرة لمجتمعاتنا العربية، والتي قصر اتباع المنهج البديل (الليبرالي) في حلها، سأناقش حالة باتت مؤرقة وهي العنف الأسري، وأعني بها تلك الحالة التي يتم فيها اللجوء الى العنف في التعامل لحل المشكلات البينية داخل الأسرة، وهذه الحالة غير معتادة سابقا في مجتمعاتنا المحافظة، فالأصل أن تسود الروح الودية بسبب العلاقة الحميمة أولا، وبسبب تطابق المصالح لأعضاء الأسرة الواحدة وليس تعارضها ثانيا.

لذلك فإن غياب أو تغييب العاملين السابقين هما سب تلك الظاهرة، بمعنى أن منع حدوثها أو علاجها يكمن في إعادة موضعة هذين العاملين ليكونا عنوان العلاقة ومرتكزها.

هنالك أوجه متعددة للتعنيف الأسري أهمها وأغلب مظاهرها:

1 – تعنيف الزوجة:

العائلة في المفهوم الليبرالي (حسب تعريف وثيقة مؤتمر القاهرة الدولي للسكان عام 1994) هو علاقة بين شخصين أو أكثر، يعني ذلك أنه ليس بالضرورة أن تكون هنالك أسرة طبيعية من أب وأم وأطفالهما، بل بناء على توافق رغبات جنسية شاذة، وانسجام بين شخصين من الجنس ذاته، ولأن عاطفتي الأمومة والأبوة هما أقوى العواطف البشرية، فتغييبهما قصدا، يلغي أقوى رابط يقرب الزوجين ويمنع من استشراء الخلافات.

وحتى إن كان الزواج طبيعيا، وحدث عدم توافق غير قابل للإصلاح، فالحل الوحيد المتاح في الإسلام: “فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ” [البقرة:229]، لذلك عند من يحظرون الطلاق، لا يبقى من وسيلة غير العنف الجسدي أو النفسي، وحتى عند من يجيزونه، فلأن للزوجة المطلقة عندهم أن تستولي على نصف أملاك الزوج، لذلك يلجأ الزوج الى العنف وسيلة لجعل حياتها معه جحيما، لكي تطلب الانفصال وتتنازل عن مستحقاتها.

أما في النظام الإسلامي فالعلاقة داخل العائلة محكومة بأسس وثيقة، فهي أولا رابطة اجتماعية متينة تسمى المصاهرة والنسب تربط بين عائلتي الزوجين، تحددها جملة من القيم والعادات الراسخة، وليست مجرد علاقة عاطفية بين شخصين خاضعة للحرية الكاملة كما في الليبرالية، وأسس راسخة تحكمها قواعد شرعية صارمة، وليست قوانين وضعية مرنة يتم تعديلها حسب ميول الناخبين كما حدث في إقرار التشريعات المثلية، كما أنها مبنية على التواد والتراحم بين الزوجين، وتجريم إقامة العلاقات الغرامية خارج إطار الزوجية، لأنها تفسد التواد والتراحم الفطري الذي تجسده العلاقة الحميمية والمصانة بين الزوجين.

2 – تعنيف الأولاد: النظام الليبرالي يعتبر الأطفال أبناء المجتمع، لذلك حريتهم مصانة قانونيا، فلا يحق للوالدين التدخل في خياراتهم ولو كانت خاطئة، والتناقض يبلغ ذروته عندما يعتبرون مواقعة الفتاة القاصر جريمة، لكن لا يحق للوالدين منعها من ذلك، ولو كان خشية عليها من أمومة لا تقدر عليها.

ومع أن الإتجار بالمخدرات فعل مُجرّم في قوانينهم، إلا أن تعاطيها غير محظور، ولا يحق للوالدين منع أبنائهم من تعاطيها فذلك يعتبر حجرا على حريتهم، ويمنحون الابن الحق في مقاضاتهما.

كما أن أمومة الزوجة لمولودها ورعايتها له يخضع لاختيارها وحسب ظروفها، بل ويحق لها إجهاضه أصلا في أية مرحلة من الحمل، وحتى إن ولدته فهي ليست ملزمة بإرضاعه أو حضانته.

في النظام الإسلامي كل العلاقة الأسرية منطلقة من عاطفة الأبوة والأمومة الفطرية مع الأولاد، ولا يمكن أن يكون هنالك علاقة ارتباط أقوى من علاقة الأم بطفلها، من هنا جعلت الشريعة حضانة الطفل مقصورة على الأم، وحددتها بتشريعات دقيقة ومفصلة لكل الحالات.

إن ما ينشأ من الإرتباط القوي بين الطفل ووالدية يجعلهما الأحرص على مصلحته والأكفأ في رعايته، فلا يمكن أن يلحقا الضرر به أو بمصلحته، فالعلاقة الأسرية القوية تحمي أفراد العائلة، هذا هو الأصل أما الإستثناء فهو قليل ومرتبط بسوء الأوضاع الإقتصادية المؤدية الى التفكك، وسبب ذلك يعود الى سوء الإدارة أو الفشل من قبل السلطة، وليس الى خلل في التشريعات الإلهية المنظمة.

نصل في النتيجة الى أن ما يحفظ أمن المجتمع والعلاقات الودية بين أفراده، هو وجود الوحدات المستقلة (الأسر)، كل وحدة منسجمة العلاقات بين أفرادها، وفق تعليمات دقيقة وصارمة جاءت مفصلة وبإسهاب فريد في أحكام الشريعة، بما لا يدع مجالا لتعديلها وفق مصالح وأهواء البشر.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.