آخر الأخبار
The news is by your side.

مناظير … بقلم:  زهير السراج  .. تصريحات وزير المالية !

مناظير … بقلم:  زهير السراج  .. تصريحات وزير المالية !

* نفى (ابراهيم البدوي) وزير المالية تصريحه لوكالة أنباء رويترز بأن الاقتصاد السوداني معرض للانهيار إذا لم يحصل السودان على مبلغ يتراوح بين (ثلاثة وأربعة مليارات) دولار أمريكي، وقد يصل الى (خمسة مليارات)، لتمويل الميزانية الجديدة للعام المالي (2020 م)!

* وقال في بيان صحفي، ان ما نقلته (رويترز) عنه بشأن الاقتصاد السوداني غير دقيق، وانه لم يصرح اطلاقاً بأن الاقتصاد سينهار، وانما ذكر “إن الاقتصاد يحتاج لموارد كبيرة تتراوح بين خمسة الى ستة مليار دولار لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي الشامل متعدد المسارات، وليس لمعالجة مسار واحد، وانما لتحقيق كل الطموحات، ويشمل ذلك معالجة تشوهات الخدمة المدنية وتقويم وترتيب الوظائف، وصولاً لإجراء زيادات معتبرة في الاجور والمرتبات، اضافة الى توسيع برامج الحماية الاجتماعية وبناء موازنة تستند الى أهدافنا المستدامة، خاصة في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الاخرى” انتهى.

* أبدأ تعليقي بأن بيان الوزير عن الخبر الذي نشرته (رويترز) لم يكن دقيقاً، فهي لم تنشر انه قال بأن الاقتصاد سينهار، ولكنها نشرت على موقعها الإلكتروني باللغة العربية قوله “إن بلاده تحتاج إلى ما يصل لخمسة مليارات دولار دعما للميزانية لتفادي انهيار اقتصادي”، وعلى هذا الأساس جعلت العنوان الرئيسي على النحو التالي: “السودان يحتاج الى خمسة مليارات دولار دعماً للميزانية لمنع انهيار الاقتصاد”. ولا أدري لماذا ينفي الوزير شيئا لم تقله رويترز. لاستجلاء الأمر، أرسلت للوكالة مستفسراً عن الموضوع، وتلقيت إفادة إلكترونية باستلام الرسالة مع وعد بالرد في أسرع فرصة!

* سقت ذلك كمقدمة للحديث عن ضرورة أن يزن وزير المالية أية كلمة قبل أن تخرج منه، خاصة مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد والانهيار المستمر في قيمة العملة الوطنية التي لا تحتاج الى عوامل إضافية، مثل التصريحات المتعجلة، كي تواصل مسلسل الانهيار !

* وأشير هنا لتصريح الوزير في نفس الخبر بأن (احتياطي النقد الأجنبي يكفي لتمويل واردات البلاد لعدة اسابيع فقط)، والذي لم ينفه الوزير أو يشر إليه في بيانه آنف الذكر، وهو أكثر سوءاً وافدح ضرراً من الحديث عن الانهيار الاقتصادي، لأسباب عدة منها تأثيره السلبي على حركة الاقتصاد وقيمة العملة وتداولها في الاسواق، بالإضافة الى نقل رسالة سيئة جدا للعالم الخارجي بأن السودان على حافة الإفلاس، وهو ما لا يشجع اية دولة أو جهة للتعاون معه أو حتى مد يد العون له، كما يجعله عرضة للابتزاز والمزايدات، وهي كثيرة ومؤلمة خاصة من دول ظلت تسعى لاحتواء السودان ووضعه تحت عباءتها، وانتهاك سيادته مستغلةً حاجته لها!

* لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن تحجب الدولة المعلومات عن المواطنين وتبصيرهم بحقيقة الاوضاع الصعبة والظروف المأساوية والتحديات الضخمة التي تواجهها البلاد، وإشراكهم في الهم العام واطلاعهم على الحقائق حتى يكونوا عونا لها في تجاوز المشاكل والعقبات، بدلاً من تخديرهم وتركهم يعيشون في الأحلام والأوهام، ولكنه يجب تقديم المعلومات وبذل الحقائق بدون التطرق لتفاصيل دقيقة أقرب للأسرار تؤدي لوقوع المزيد من الأضرار خاصة عندما تأتي من شخص مثل وزير المالية الذي احتفت وكالة رويترز بتصريحاته الخطيرة أيما احتفاء، ووضعتها على صدر الأخبار وتفاخرت في موقعها بأنها (حصرية)!.

* بالإضافة الى هذه التصريحات الخطيرة بأن السودان على حافة الإفلاس (الاحتياطي لا يكفي لعدة أسابيع)، فلقد احتوى الخبر المنشور على موقع (رويترز) على معلومات غير دقيقة، لا أدري من أين جاء بها الوزير مثل تعداد السكان الذي ذكر بأنه (44 مليون)، ونسبة الفقر التي قدرها بـ (65 % ) وهو تكرار لنهج النظام البائد في تأليف (الأرقام) واختراع الأكاذيب، بعيداً عن الواقع والإحصائيات الصحيحة والمناهج العلمية!

* يجب ان يكون المسؤول خاصةً وزير المالية، دقيقا في الأرقام والمعلومات التي يدلي بها، وعليه ان يزن تصريحاته بميزان الذهب قبل ان تخرج من فمه، وإلا فإنه سيحتاج كل يوم الى بيان جديد لإنكارها وتصحيحها، بالإضافة الى العواقب الوخيمة التي يمكن ان تترتب على التصريحات المتعجلة والمعلومات الخاطئة التي يدلى بها!

 

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.