آخر الأخبار
The news is by your side.

مناظير … بقلم:  زهير السراج   ..  ذاكرة الوطن

مناظير … بقلم:  زهير السراج   ..  ذاكرة الوطن

* سعدتُ جدا بالخبر الذى حمله مقال الأستاذ (محمد احمد الفيلابى) بتبني (المركز الإقليمي لتدريب وتنمية المجتمع) فكرة إقامة متحف ونصب تذكاري لتخليد ذكرى الشهداء وإحياء الذاكرة الوطنية والشروع في الخطوات العملية لإقامته بالتعاون مع عدة جهات منها لجان المقاومة في العمارات، ويسعدني أن استضيف اليوم الأستاذ (فيلابى) للحديث عن الموضوع، متمنياً أن يأتي اليوم الذى نشهد فيه ولادة هذا المشروع العملاق، تجسيدا لقيمة الاعتراف بالجميل للذين ضحوا من اجل الحرية والكرامة والعيش الكريم في بلادنا العزيزة، وإبقاء شعلة العمل العظيم الذى قاموا به متقدةً في النفوس نعتز بها ونتوارثها جيلا بعد جيل، تحضنا على كراهية الظلم، وتدفعنا للتضحية من أجل الحرية والمبادئ النبيلة!

الشروع في المشروع

* لم يكن غريباً أن تتجسد تحت الـ(مناظير) فكرة حلم بدا أنه لم يراود (د. زهير) وحده، فها هو البروفيسور (عطا البطحاني) يتناول ذات الحلم (إنشاء متحف ونصب تذكاري للشهداء)، بهدف إحياء الذاكرة الوطنية (الجريدة 17 أكتوبر).

* وكنا قد فتحنا الحوار في (المركز الاقليمي لتدريب وتنمية المجتمع المدني) حول الموضوع نفسه قبل عدة أسابيع، بمشاركة بروفيسور عطا نفسه وآخرين، وفي عدد من جلسات العصف الذهني حول مطلوبات المرحلة، وديمومة الفعل الثوري، وإنعاش ذاكرة الأجيال. وقد عرض الدكتور أبوبكر(من لجان مقاومة العمارات) في تلك الجلسات فكرة متكاملة للمشروع، مع مخططات هندسية، ما يعني أنه وآخرين على إتفاق مع الدكتور زهير والبروف البطحاني، اللذين بادرا بعرض الفكرة للرأي العام من خلال الزاوية المقروءة (مناظير). كما بدا منذ الوهلة الأولى أنه يمكن للمركز أن يتبنى الفكرة كاملة لما لها من قيمة وطنية وتربوية وسياسية وتأريخية نتفق فيها مع البروف، لاتساقها مع أهداف المركز الاقليمي.

* معلوم أنه من أجل عدالة إنتقالية شاملة لابد من تحليل سياقي واقعي، تغذيه المشاركة الفاعلة لمعالجة الانتهاكات، كما أنه لابد من ابتكار مدروس يحقق الأهداف المنشودة، ويرسي دعائم الدالة الانتقالية. إذ بجانب الملاحقات القضائية، وجبر الضرر والتعويض، وإصلاح مؤسسات الدولة، ولجان لحقيقة والمصالحة، يرى البعض ضرورة إبتكار ما يُذكّر الأجيال – دائماَ– بما جرى من فظائع، مع التركيز على ما جرى من تعذيب، وإهدار كرامة البشر، مع تبيان الأسباب لدرء حدوثها مرة أخرى.

* من هذه الابتكارات النُصُب التذكارية والمتاحف، التي لا يمكن أن تظهر إلا في الأوقات التي يسود فيها وعي موحّد وثقافة موحّدة– كما يورد الكاتب والشاعر التونسي (أحميدة الصولي)، مضيفاً أن كل عمل تذكاري (نُصب) يرمز إلى شيء محدد يمكن استخلاصه بالرجوع إلى مكوناته وأدائه التعبيري، كما أن لكل نُصب دلالات مختلفة. ويُحدد كتاب (معنى الفن) لكاتبه مؤرخ الفن الأنجليزي(هربرت ريد 1893-1968) أسس النُصب الأربعة في (الموضوع، الحقبة، الأجيال اللاحقة، والخامة المستعملة).

* الجانب الوطني في رؤية (البطحاني) أن المتحف سيساهم في إرساء قيمة التسامح، (قد نغفر ولكننا لن ننسى)، وتربوياً يعمل على إحياء الذاكرة، وتربية الأجيال القادمة على قيم الوطنية والتمسك بالحقوق، والتمسك بالحرية التي دفع الشهداء أرواحهم ثمناً غالياً لها. وسياسياً سيقف شاهداً على ما جرى خلال الثلاثين عاماً للانقاذ. وتاريخياً هو عمل توثيقي لاحداث التأريخ والواقع الماثل.

* يظل النصب التذكاري بقدسيته حاضرًا في مشاعر الشعوب، يؤطر المعاني والمضامين لينقلها عن طريق الأشكال المحسوسة. ولقد ارتبطت النصب التذكارية بالمتنزهات العامة في كثير من المجتمعات، كما اختلفت النظرة إليها من حيث إعطاؤها المكانة التي تحظى بها، كترسيخ حضور الأعلام في أذهان النشء، وحتى في ذاكرة الكبار، أو ما يرمز إلى القضايا الوطنية أو التاريخية وغيرها.

* ولأنه لابد لكل فكرة من ساقين تحملانها إلى (ميس) الفعل والانجاز، فقد شرع المركز الاقليمي بالفعل في إعداد المشروع على أسس علمية وعملية، إذ سيتم الاعلان عن مسابقة لمقترحات التصميم للفنانين لتشكيليين والمهندسين المعماريين، وتنظيم ورشة عمل لتداول الأفكار التي تعكس التمثيل الرمزي للمرحلة المراد التوثيق لها، في ذات الوقت الذي تتم فيه مخاطبة الجهات المعنية لتوفير المكان، والدعم اللوجستي.

* ولتكن هذه الزاوية منبراً مفتوحاً لتداول المقترحات. ويقيننا أن هناك كثيرون يرون في المشروع فرصة للتأسيس لعهد جديد يحفظ عزة وكرامة المواطن السوداني.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.