آخر الأخبار
The news is by your side.

ساخر سبيل … بقلم:  الفاتح جبرا  .. خطبة الجمعة

ساخر سبيل … بقلم:  الفاتح جبرا  .. خطبة الجمعة

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد أيها المسلمون :
إنَّ أعظم الأمراض هو مرض النفاق ؛ فهو مرض خطير وشر كبير إذا استولى على القلب أماته، وصار صاحبه حياً كميت ، قال الله – تعالى – في المنافقين: ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة:10]
وقد خاف من النفاق المؤمنون ووجل منه الصالحون؛ قال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: (أدركت ثلاثين من الصحابة كلهم يخاف النفاق على نفسه). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحذيفةَ رضي الله عنه: (أنشدك الله هل ذكرني رسول الله من المنافقين؟ قال: لا، ولا أزكي بعدك أحداً). ويقصد حذيفة أنه لا يريد يفتح باب السؤال لغير عمر.
وقال الحسن البصري – رحمه الله -: (لا يأمنُ المؤمنُ النفاقَ على نفسه)، وقال الإمام أحمد: (ومن يأمن النفاق)، وقال (ومن نجا من النفاق فقد نجا من شرور الدنيا وعذاب الآخرة، ومن وقع في شَرَكِ النفاق خسر الدنيا والآخرة، قال الله – تعالى – عن المنافقين: ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55].
والنفاق نوعان: النوع الأول: نفاقُ اعتقاد؛ ويراد به اعتقاد المرء ما يضاد الإسلام ولو عمل بأركان الإسلام بجوارحه؛ لأن الأعمال لا يقبل الله منها إلا ما كان مبنياً على الإيمان؛ فنفاق الاعتقاد: هو أن يظهر الإسلام ويبطن الكفر، قال – تعالى -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 8 – 9[
وصاحب النفاق الاعتقادي مخلد في النار -والعياذ بالله-، قال الله – تعالى -: ﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 12-15]

فصاحب هذا النفاق الاعتقادي كما ذكرنا هو في الدرك الأسفل من النار، لأن الضررَ من المنافق أشدُّ من الضرر بالكافر المجاهر. ولذلك كان لصاحبه أشد العذاب إذا مات عليه، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ﴾ [النساء: 145]
عباد الله، وأما النوع الثاني من أنواع النفاق فهو النفاق العملي وهو: أن يعمل بخصلة من خصال النفاق التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مع ذلك يؤمن بالله واليوم الآخر، ويحب الإسلام ويعمل بأركانه، فهذا قد ارتكب معصية بوقوعه في هذه الخصلة من خصال النفاق العملي، ولا يُكَفَّر بها، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان منافقاً خالصا، ومَنْ كانتْ فيه خصلةٌ منهن كانتْ فيه خصلةٌ مِنَ النفاقِ حتى يدَعَها: إذا حدَّث كذَب، وإذا وَعدَ أخْلف، وإذا اؤتمنَ خَان، وإذا خاصمَ فجَر) رواه البخاري ومسلم ومعنى: (إذا خاصم فجر): طلب أكثر من حقه، وادعى ما ليس له، أو لم يعطِ ما عليه من الحق. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آيةُ المنافِقِ ثلاث: إذا حدَّثَ كذَب، وإذا وَعَدَ أخْلف، وإذا اؤتمن خان) رواه مسلم.

فهذه الخصال إذا فعلها المسلم وهو عامل بأركان الإسلام محب له؛ فمعصيته نفاقٌ عملي وليس باعتقادي، وخصال النفاق العملي أكثر من هذه الخصال؛ لأن شعب النفاق تقابل شعب الإيمان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمانُ بضعٌ وسبعونَ شُعبة فأعلاها (لا إله إلا الله)، وأدْناهَا إمَاطةُ الأذى عنِ الطرِيق) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وإذا لم ينزجر المسلم، ويكفَّ عن خصال النفاق العملي ويتب إلى الله منها؛ استحكمت فيه وربما جرّته إلى النفاق الاعتقاد، قال الله – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119] أي مع المؤمنين.
وقد فتح للمنافقين باب التوبة فقال – تعالى -: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [النساء: 145-146]

فيا أيها المسلم:
إنِ ابْتليتَ بشيء من خصال النفاق؛ فتب إلى الله – تعالى -، وطهر نفسك قبل الممات، وادع الله – تعالى – أن يحفظك من النفاق وشعبه؛ فإن الله – تبارك وتعالى – قريب مجيب، فمن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذُ بك من النِّفاق والشِّقاقِ وسوءِ الأخلاق)، وفي الدعاء: (اللهمَّ طهِّرْ قلوبَنَا من النفَاق، وأعمالَنا من الرِّياء، وأعينَنا من الخيانة)
اللهم ارزقنا أيمانا صادقا، وعملا صالحا متقبل، اللهم إنا نعوذ بك من النفاق كبيره وصغيره، ونعوذ بك شر ومكر وكيد المنافقين.
جعلنا الله من الصادقين، وأعاذنا من النفاق وشر المنافقين، أقول قولي هذا؛ وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين … وأقم الصلاة.

 

 

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.