آخر الأخبار
The news is by your side.

الخطر في خطاب حميدتي  … بقلم: خليل محمد سليمان

الخطر في خطاب حميدتي  … بقلم: خليل محمد سليمان

ابدأ من الآخر ” لو ما الدعم السريع دا كان شنقونا ضُحى”،جملة فيها من الخوف يمكن لقائلها ان يسير في الطريق إلي آخره، لطالما الامر يتعلق بالحياة والوجود.

“نحن قاعدين في السلطة دي عشان البلد دي ما تتفرتق”

من الناحية النفسية لابد للإنسان من مبرر اخلاقي يداري خلفه مخاوف العقل الباطن..

حميدتي رجل بسيط و يتمتع بذكاء فطري، والذي لا يعلمه التناقض بين الخوف والمبرر الاخلاقي، فسيره في هذا الطريق يعتبر احد عوامل التفكيك والإنهيار في حد ذاته للدولة السودانية..

بالنسبة لقوات الدعم السريع حسب تصنيف الجيوش الحديثة لا تعني شيئ، اللهم قوة حشد من البشر، لا تنطبق عليها معايير التجنيد المعروفة، وتفتقر للهرم الإداري، في شكله التقليدي، حيث يحضر قائدها الاعلى واحد رموز مجلس سيادة الدولة السودانية، طابور صرف مرتبات مستجدين في معسكر للتدريب، في الواقع هي مليشيات لا يمكنها التطور في النمط او العقيدة، فهي تعمل بالمال فقط..

خطاب حميدتي عبارة عن رسائل كثيرة في إتجاهات متعددة..

اهمها للجهة الداعمة والتي تدفع الاموال، ولسان حاله يقول :اموالكم تصرف بشكل مباشر علي القوة، ونعمل بجدية وبلا تهاون..

رسالة للضباط والقادة، عندما اهانهم امام جنودهم، وهذا لا يحدث في العسكرية إطلاقاً، لأنه يحمل دلالات تقود لعدم الإنضباط، وفقد الثقة، بين الجنود وضباطهم، بهذه الرسالة ستشهد قوات الدعم السريع موجة من تغيير في القيادة، علي مستوى الضباط..

الخطورة في عدم إدراك حميدتي وقراءته الصحيحة للموقف، كما ذكرت يمكن الامر الواقع وحالة العداء والخوف والشحن الزائد، تجعل كل الخيارات بالنسبة له متساوية..

فالثابت من الناحية المنطقية ايّ قوة عسكرية تعتريها عوامل الشيخوخة، واسبابها كثيرة منها الفساد السياسي والإداري والمالي..

لو اخذنا الإتحاد السوفيتي نموذج، يعتبر اكبر رقعة سياسية في التاريخ، سخرت ميزانية للتسليح والدفاع، ايام الحرب الباردة، فكانت النتيجة الإنهيار السريع والتشظي الذي فتت هذه الكتلة في اقل من عشر سنوات..

الدولة المدنية هي صمام الامان، في مكافحة الفساد وبسط الشفافية لخلق البيئة السليمة لتماسك الكتل السياسية وبالضرورة العسكرية..

فسر تماسك الدول الغربية سياسياً، وعسكرياً، هو قوة الدولة المدنية، التي رسخت الشفافية وقللت نسب الفساد ومحاربته، و حسن الإدارة والحكم الرشيد..

عندنا في العالم الثالث يتمثل الإنهيار في الإنقلابات العسكرية، وعدم الإستقرار السياسي، والحروب الاهلية، التي نتيجتها فقر وجهل ومجاعات..

فمليشيات الدعم السريع لا تسوي شيئ بالنسبة لأمثلة كثيرة لجيوش نظامية، بل هي عبارة عن ظاهرة عكست الوجه الحقيقي لضعف الدولة السودانية..

تعتبر قوات الدعم السريع ملاذ لكسب المال بشكل سريع، وهنا يكون تسرب الافراد منطقي عندما يحصل الفرد علي المال الكافي، في فترة وجيزة،فيمكنه ان يترك البندقية ويرمي بها في اقرب كوم للزبالة “مسألة إغتراب” إسم الدلع الدعم السريع..

الخطورة لو حدث تغيير في الخارطة السياسية في الإقليم، الذي يدعم ويمول، فالحصول علي المال يصبح امر صعب، سيسهم في إنهيار هذه القوات بشكل سريع..

داخلياً لدينا خيارين للتخلص من هذه المليشيات لو إعتمدنا خيار المواجهة..

* المقاومة المستمرة بشكلها المدني في التظاهرات والمواكب والخطاب الإعلامي الحاد، الذي يرفض هذه القوات بشكل قاطع، وقد تتطور المقاومة لشكل آخر اكثر دموية..

* ننتظر الاقدار حتي تنهار هذه القوات من الداخل بعامل التحولات في الخارطة السياسية التي يمكن ان تحدث بأشكال لا تناسب توقعاتنا ومكلفة في الزمن ..

في الحالتين النتائج غير مضمونة، وربما تقود إلي واقع جديد، في شكل تحالفات، وتكتلات، لا نتنبأ بمآلاتها، او حدودها، حيث الصراع في السودان سيصبح صراع وجودي، إن صحت العبارة، حسب قراءة الواقع..

لتجنب السيناريوهات المكلفة من حيث الزمن والدماء، لابد من الإستثمار في هذا الوضع المستقر، من الناحية الامنية، بدرجة كبيرة، لإعادة هيكلة القوات المسلحة، وجعلها الكتلة الصلبة، القادرة علي إمتصاص والتعامل مع كل هذا الوضع الشاذ، وعلاجه، تمهيداً وإستعداداً لإستحقاقات السلام، وترتيباته الامنية..

لابد من إختراق هذا الوضع، الذي يُنذر بالتسابق، خوفاً من الموت ” والله لو ما الدعم السريع دا كان شنقونا ضُحى” هذه الجملة تحمل اوجه الحل، والتعقيد في آن واحد..

حسب ما ذكر حميدتي انه في مرحلة جديدة اكثر إستقراراً، ولديه مهام جديدة، في المستقبل يريد تنفيذها..

اشير الي نقلة نوعية حدثت لحميدتي، والتفكير في إنشاء قوة خاصة، عالية التدريب، لتنفيذ مهام بشكل محترف ودقيق..

دائماً تعمل القوات الخاصة بمجموعات صغيرة، لا تتجاوز الستة افراد، وهذا يثبته حجم القوة الصغير التي لا يتجاوز عددها الستمائة جندي ويقودها 113 ضابط.. بمعني ضابط لكل ستة افراد، او اقل حسب ما جاء في التسجيل..

اعتقد الوقوف عند هذا التسجيل وتحليله بشكل سليم، يمكن ان يقودنا الي حلول، تجنبنا مخاطر الإنزلاق في كوارث، يصعب معرفة مضاعفاتها..

لو لم تنجز هيكلة القوات المسلحة، ومعالجة هذا الوضع الشاذ، في الفترة الإنتقالية، سيقودنا إلي (لبننة) السودان وقيام دولتين متوازيتين، لو وصلنا لحكومة ديمقراطية بهذا الوضع الشاذ..

ببساطة الديمقراطيات دائماٌ تحكمها التحالفات، والمصالح، ولا يمكن لهذا الوضع ان يُعالج في ظل حالة الكل يبحث عن تحالفات، و مكاسب سياسية..

اعتقد درجة الإنذر تجاوزت علامة الخطر، فعلينا الإنتباه، قبل فوات الاوان، وإستنفاد الفرص الممكنة لتجاوز الكارثة..

أللهم إني بلغت فأشهد..

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.