آخر الأخبار
The news is by your side.

قطاطي الحزن  … بقلم: حافظ حسين

قطاطي الحزن  … بقلم: حافظ حسين

(دهب الشبيكة يا حبايبي
يا ود الناس ما حرام عليك
تحرمني تلفوني ربيكا يا حبايبي)
منذ فترة صرت لا استمتع بشئ بالمعني الحرفي لكلمة (إستمتاع), أكل الطعام لأن على الانسان أن يقتات كالعير حتى لا يموت جوعاً لا غير, أعاقر الخمر ليلاً لانها حياة صارت لا تحتمل دونه, الغناء بمجاميعه صار بالنسبة لي مجرد كواريك و لأي خطأ فني لا قدر الله وادرت محرك البحث وبدأت أي أغنية سرعان ما أجلد نفسي قائلاً (لماذا فعلت هذا,),, أي مشوار إجتماعي ينتهي بمقولة واحدة (أنا الجابني هنا شنو؟), وبكره أذهب وأردد نفس العبارة (أنا الجابني هنا شنو؟) … في السابق تفتق عقلي على مقاومة الكأبة بالرقص … اغلق الابواب وأقول لذاتي هيت لك وارقص وحدي الى أن يهدني التعب وتكون تعاستي قد زالت او صار ممكن التعايش معها الى حين نوبة جديدة, لكن حد علمى ان بكتريا الإكتئاب صارت مقاومة لعقار الرقص… على العموم استسلمت لهذه الحياة الجديدة الى ان أقضي أنا أو الله أمراً كان مفعولاً لكن الجبن كعب؟؟؟؟؟ استسلمت لهذه الحياة الى ان استفذني أحد الأصدقاء عن تعدين الذهب وكيف أن ما يحدث هنا حدث في كلفورنيا قبل أكثر من قرن… نتيجة لهذا الاستفزاز كتبت كلمة (ذهب) في قوقل وانتظرت نتائج البحث, أحد النتائج كانت أغنية,,, قلت اسمع ككورايك في البدية واغلقها للابد ولكن ما حدث غير… وكانت الحضرة لكردفان بكل حنينها وأنينها, البساطة التي يداري بها الانسان عمقه وتعقيداته, صورة الفقر الممزوج بالكرم الذي لا طائل منه …. وأيضاً صورة البدوي الماكر, والريفي المتأمل كانت حضوراً… عوضاً ان استمتعت برقص الرجال العابر لحدود النوع وشقشقة العصافير الجذلة التي تخرج من حناجر كالاجراس, صدحت هؤلاء النسوة بحزن وحرمان:
(دهب الشبيكة يا حبايبي
يا ود الناس ما حرام عليك
تحرمني تلفوني ربيكا يا حبايبي)
عوضاً عن المتعة الوقتية سرحت في القطاطي المشيدة من بقايا سيقان الدخن التي لها الفضل في صد كتاحة السافنا الفقيرة … القطاطي المساجة بقش النال ومجلوطة بما تبقى من بهائم لها روث…. سرعان ما رجعت لحكومتنا المدنية الوليدة (الحكومة دي تطير عيشتها تسوي شنو ولا شنو؟ اجابتي اي تسوي), حكومتنا المدنية هل تستطيع تحقيق احلام هذه البدوية في الانعتاق من القيد الذكوري؟ … تلكم الريفية مؤودة الأحلام التي تنازلت عن ذهب الشبكة وأكتفت بتلفون ربيكا …. يا حكومتنا المدنية… في تقدير الناظر أن هذه القطاطي لا يمكن ان تكون بينها شفخانة لإسعاف مدلوغ الثعبان أو العقرب, مصل السعر, تمرجي يطعن حقن الملاريا والخ…. و كيف مدرستها وهل بها اساتذة وهل اصلاً في مدرسة, ما مصير طلابها؟
تظل هذه الريفية الطيبة سجينة أحلامها التي لن تتحقق وتظل كائن تابع لا فكاك له من السلطة الذكورية ما لم يتوفر تعليم مجاني بتمييز ايجابي أحد اهدافه كسر طوق الذكورية لأن أي حديث عن تحرر النساء دون مناقشة ومحاكمة اوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية يظل كلام خرطوميات الشريحة الوسطي, كلام و السلام و يجيب فند (أنا خشيت في عش الدبابير صح؟!!!) لكن صرت أمقت هذا الاستهبال
وماذا عن العبء الذي يقع على الشاب الراقص, فهذه الفتاة لانها تعرف البئر وغطائها في غنائها تقول له لا حولا لك ولا قوة من ذهب الشبيكة لكن حتى موبايل الربيكة التافه تحرمني منه؟
كلامها لن يمر مرور الكرام لانها خاطبت ذكورته وخاطبت جيبه الذي يعتبر عيبه والحمل ثقيل… ماذا يفعل هذا الشاب كي يأتي بذهب الشبيكة أو تلفون الربيكة … يهرب الى الخرطوم ويعمل في نظافة براميل الزيت في السوق الشعبي أم درمان؟ يسافر الذهب مدغدغ باحلام الثراء السريع؟!!!!
أم يركب السمبك ؟؟!!!!
وكلنا ركبنا السمبك….
هذه الشابة اذا تحررت اقتصادياً فسوف تكون شريك اصيل في تكوين اسرتها المستقبلية ولن تنتظر دهب شبيكة او تلفون ربيكة وانما تنتظر الاحترام والمساواة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.