آخر الأخبار
The news is by your side.

صباحكم خير  … بقلم: د. ناهد قرناص  .. قصة قصيرة ..رصاصة الرحمة

صباحكم خير  … بقلم: د. ناهد قرناص  .. قصة قصيرة ..رصاصة الرحمة

تابعت امينة بقلق بالغ حركات الطبيب البيطري وهو يتحدث مع زوجها ..لم تكن تستطيع سماعهم من على البعد ..لكنها كانت تامل في علاج (سوسو) الكلبة التي كبرت مع اولادها ..هزلت وبانت عظامها وثقلت حركتها ..زوجها الذي استجاب بعد اتصالات متعددة منها ..كان يبدي كثير تأففه من احتفاظها بالكلبة طوال هذا العمر ..(والله لو ما الملام ..كان شلتها رميتها في الخلا ..بس نقول شنو الفاضي يعمل قاضي) ..امينة لم تكن ترد عليه ..تجد له العذر دائما ..مشغول مع زوجته الجديدة واولاده الصغار ..

اما هي فقد تفرقت بناتها مع ازواجهن في المنافي ..بناتها الثلاث تزوجن من مهاجرين ..ذكرها استحسان النساء لسفر البنات ..وبعدهن عنها ..مقولة احلام مستغانمي (يحسدوننا على الغربة ..كأن التشرد مكسب) ..سفر بناتها جعلها وحيدة ..زوجها الذي تزوج مرة اخرى تعلل بانه قادر على الانجاب وهو يطبق سنة الله ورسوله ..وبقيت هي وحيدة بين اربعة جدران ..تحكي مع الكلبة سوسو ..وتكاد تسمع صوت ردها على شكل انين يصدر منها ..
انتبهت على صوت زوجها يحادثها (هي انتي ..طرشتي كمان ولا شنو ..الدكتور دا قال ..الكلبة بعد دا بتجيب مرض ..لازم يقتلوها ) ..قتل ؟ ليه بس ؟ ( ما قلت ليك قالوا ممكن تجيب امراض ..واصلا هي كبرت ..قالوا بحقنوها بي مادة كدا ..تخليها تموت بسلام)

موت بسلام ؟ اين هذا؟ وفي اي عبوات يباع ؟ ..تذكر جيدا يوم جاءت سوسو لاول مرة .. عندما احضرتها تهاني ابنتها من صديقة لها ..كانت (سوسو) في ذلك الوقت (جريوة ) صغيرة ..مرحة تجري وتلعب مع البنات ..اشعلت البيت حيوية ..وكانت خير حارس ..خاصة ان زوجها في ذلك الوقت كان يسافر كثيرا في الولايات بحكم عمله ..

انجبت سوسو عدد كبير من الجراء ..تم توزيعها على الأصدقاء ..وتبقت هي معهم ..حتى صارت احد افراد البيت ..مرضها الاخير جعل البنات يواصلن الاتصال مشفقات ..تهاني من كندا ..عزة من استراليا ..رؤى من لندن ..والاخيرة بالذات انتحبت عندما عرفت قرار البيطري ..(شنو رصاصة رحمة دي؟خلوها لما تموت براها ..يا ماما ما ممكن تكوني زهجتي من سوسو؟) ..

(من قال ذلك ؟ اني ارى نفسي في سوسو با ابنتي ..كبرت في السن ..وهرمت ..وانشغلت البنات في حياتهن ..والزوج الذي كنت آمل في ان اشيخ بجانبه ..يعيش شبابه مرة اخرى مع زوجته واولاده الصغار) ..سوسو محظوظة ..ستموت بسلام ..سيتم حقنها بتلك المادة ..ولن تمر دقائق حتى تغمض عينيها الى الأبد .. سوسو سيتم التخلص منها بعد اعطائها شهادة تقدير على حسن الأداء ..ربما نلتقط بعض الصور معها للاحتفاظ بها كذكرى لكلبة ظلت حتى اخر لحظات حياتها وفية لاصحاب المنزل ..وكانوا هم على قدر عال من المهنية ..حين انقطع عطاؤها ..ونضب معينها ..اطلقوا عليها رصاصة الرحمة .

صباح اليوم التالي ..تم اعلان انهاء حياة الكلبة سوسو.. وفي الداخل ..كان الهاتف يرن باتصال من رؤى لمتابعة تفاصيل الموت الرحيم ..لكن لا احد يجيب ..فقد ارتسمت ..ابتسامة ساخرة على وجه امينة ..بينما شحب جسدها الملقى باهمال على الكرسي بجانب النافذة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.