آخر الأخبار
The news is by your side.

أسماء محمود محمد طه: نطالب بإلغاء قوانين الشريعة .. نحن ضد قيام أي دولة دينية

أسماء محمود محمد طه: نطالب بإلغاء قوانين الشريعة .. نحن ضد قيام أي دولة دينية

حوار: عماد النظيف

اتهمت الأمينة العامة للحزب الجمهوري أسماء محمود محمد طه الداعية الإسلامي عبد الحي يوسف بنشر خطاب الكراهية والعنف بين مكونات المجتمع، وقالت إنه يدعو الشباب لارتداء الحزام الناسف وتفجير الأبرياء والترويج لذلك بأنه عمل جهادي، وطالبت وزارتي الشؤون الدينية والأوقاف بضبط الخطاب الديني وأن تكون المساجد منبراً يدعو للسلام والمحبة وإشاعة التكاتف والتعاقد بين جميع أفراد المجتمع على اختلاف معتقداتهم الدينية. أسماء بجانب ذلك تطرقت إلى مواضيع عديدة في الشأن السياسي والاقتصادي والفكري، (آخر لحظة) جلست إليها وخرجت بحصيلة الحوار التالية، فهيا نطالع إجاباتها:
* رجوع الحزب الجمهوري إلى الساحة بعد غيبة طويلة.. كيف تنظرين إلى الخطوة؟
– رجعنا إلى الساحة بعد التضحيات الجليلة التي قام بها أبناؤنا الشباب والشابات في الإطاحة بنظام القمع والاستبداد، ونحسب أننا نسير نحو طريق التحول الديمقراطي، وفي اعتقادي أن الحقوق تنتزع انتزاعاً وفي سبيل ذلك قد عمل القائمون على أمر الحزب الجمهوري بمن فيهم مؤسس الحزب الأستاذ محمود محمد طه، لاقتلاع تلك الحقوق رغم العنت والتضق الذي وجده من السلطات، والآن أصبحنا واقعاً معاشاً ونمارس حقوقنا الدستورية كاملة، ورجوعنا للساحة السياسية يؤكد أن عمر الظلم قصير وليله إلى زوال مهما طال أمده.
* لكن حزبكم محظور؟
– محظور في ظل النظام البائد، ولكن الآن نحن نمارس أنشطتنا بكل حرية واستقلالية ولا نحتاج في ذلك إلى شهادة من مجلس الأحزاب والتنظيمات، لأن مجلس الأحزاب في عهد الإنقاذ قام بتنفيذ سياسة القمع والإقصاء معنا برفضه التصديق للحزب بممارسة نشاطه بلا مسوغ قانوني، بجانب رفضه أيضاً التجديد بتسجيل المراكز الخاصة بنا، ونحن نعتبر ذلك استغلالاً للنفوذ لقمع المخالفين في الرأي، وهذه الخطوة قد حرمتنا من حقوقنا الأساسية التي يكفلها لنا دستور البلاد.
* ما هو سر ظهور الحزب الجمهوري بكثرة في الآونة الأخيرة؟
– الحزب الجمهوري قاوم ولم يغب عن الساحة السياسية منذ رفض مسجل الأحزاب السياسية لطلب تسجيله كحزب سياسي عام 2014، والفرص التي انتزعها لممارسة حقوقه كانت ضيقة تحت ظل ديكتاتورية باطشة، وهنا لا يفوتني أن أذكر دعم العديد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والأحرار من المواطنين الذين قاوموا البطش لأجل حقوقنا الدستورية، ونحن الآن ندين لثورتنا المجيدة بأنها أتاحت مساحات للحرية في دعم الحراك من أجل التحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة حرية سلام وعدالة، وهذه أيضاً مرجعية حزبنا في ذلك.
* ما هي رؤية الحزب للمرحلة المقبلة؟
– في تقديري أن أزمة البلاد معقدة ومتجذرة في كل مناحي الحياة ولا يمكن الخروج منها تماماً بجرة قلم، فهناك الفساد المالي والأخلاقي والقتل خارج نطاق القضاء والذي قد مورس في جميع بقاع السودان، بالتركيز على مناطق الحروب في دارفور وكردفان والنيل الأزرق ولمدة طويلة.
* كيف تنظرين إلى قضية فض اعتصام القيادة؟
– هذه جريمة شنيعة تلحق بما حدث من جرائم بدارفور، وهذه القضية يمكن معالجتها بتأسيس نظام عدلي نظيف يتولى بعض القضايا التي أسندت للجنة التحقيق، ومن هنا ننادي بتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية.
* البعض ينادي بتطهير الخدمة المدنية؟
– فيما يختص بتطهير الخدمة المدنية والمؤسسات الحكومية من الضرر الذي لحق بها والدمار، فإن ذلك يجري الآن بصورة مناسبة رغم البطء الذي يلازمها، ونحن نريد أن تعود للخدمة المدنية هيبتها التي أضاعتها الحكومات المتعاقبة وقضت عليها الإنقاذ تماماً.
* الحكومة الآن أمام امتحان اقتصادي؟
– الوضع الاقتصادي وغيره من أوضاع لا أعتقد من اليسر إعادتها إلى الوضع الصحيح ومعافى ما لم تتجه الحكومة الانتقالية بعمل جذري يقنع المجتمع الدولي برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتى يمكن التعامل معه في شتى المجالات، بأن نصبح جزءاً من هذا المجتمع بالتصديق على الاتفاقيات التي تنص على حقوق الإنسان كسيداو وغيرها، ويتم أيضاً بإلغاء كل القوانين التي تسمى زوراً وبهتاناً قوانين الشريعة الإسلامية.
* كاأنك تقصدين الإسلام السياسي؟
– قد عايشننا الإسلام السياسي على مدى أكثر من ثلاثين عاماً كانت نتيجتها انفصال الجنوب والحروب المتتالية والتي شوهت الإسلام ونفرت منه واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه للاستكانة كما وصفها شهيد الفكر الأستاذ محمود حينما اتهم الإنقاذ بتهديد وحدة البلاد، وقد حدث ذلك بالفعل، ثم هناك أمر مهم لا بد من التعامل معه بحزم، وهو الخطاب الديني الذي يبث الكراهية والإرهاب والتكفير من على منابر المساجد، وما بيعة عبد الحي في الأيام القليلة الماضية، إلا نموذج صارخ يذكرنا ببيعة البغدادي من قبل في بغداد، لتأسيس دولة الخلافة التي كان لها سوء العواقب على أمن المنطقة جميعها، وفي غياب الحكمة في القضاء على مثل هذا الخطاب، فإننا سنظل موسومين بالدولة الراعية للإرهاب وستطول عزلتنا.
* هنالك أفكار مشوهة عن الحزب، ما هي خطتكم الفكرية والسياسية للتعريف به؟
– نحن نقوم بتوزيع مؤلفات الأستاذ محمود حتى يطلع الناس على الفكرة من مصادرها ولا يأخذونها من خصومه الذين قاموا بتشويهها وافتراء الكذب عليه جهلاً أو قصداً، كما نقيم ندوة أسبوعية في الميدان غرب منزل الأستاذ، والذي نعتبره الآن داراً للحزب الجمهوري، بالإضافة إلى الطواف على بعض الأندية والميادين لشرح أفكار الأستاذ وهي مرجعية الحزب، ونحن نجد إقبالاً منقطع النظير من الشباب من الجنسين، واعتقد أن فتح المنابر الحرة المقروءة والمسموعة والمرئية لجميع قطاعات الشعب السوداني وتشجيع الدولة لإدارة الحوار الموضوعي حول كل القضايا العالقة والتي لم تجد حظها في الحوار في العهد البائد، يعين على التوعية وعلى ممارسة الديمقراطية، وسوف يكون حظ الحزب الجمهوري كغيره من الأحزاب والكيانات، موفوراً لشرح أفكاره مما يعين على إجلاء الغموض وإزالة التشويش عليه.
*هنالك تحدٍ حقيقي يواجه حزبكم في أفكاره،خاصة تجاه الدين؟
– لا أعتقد أن هذا الحديث دقيق، فحزبنا يأخذ الناس جميعاً على مختلف مستوياتهم الفكرية، والصفوة يجدون القبول لما نطرح، إذ أنهم يعونه ويتوقون إليه، أما عامة المواطنين فإن برامجنا مشاعة في المنابر الحرة من أجل التوعية بالحقوق الدستورية التي يحتاجها كل مواطن بالإجابة على الأسئلة ما هي وكيف تكتسب وكيفية الحفاظ عليها، وهذا واجبنا المباشر في المرحلة ونجد الاستجابة له.
* الإسلاميون يرون أنكم خطر حقيقي على المجتمع بأفكاركم؟
– محاولتنا دائماً أن نؤسس للحوار الموضوعي الهادئ بعيداً عن التشنج والعنف، واعتقد أن هذه لغة الدين والتحضر والمدنية (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ…) و(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) وغيرها، وهذه هي الآيات التي ينبغي أن نلتزم بها مع ثورة السلمية، وليتأكد دعاة الإسلام السياسي أن الشعب قد وعى وعياً كبيراً لأخذ حقوقه في يديه، وأنه لا يقبل وصاية من أحد في أمر دينه ودنياه، وقد رفض هذه الوصاية التي فرضت عليه على مدى ثلاثين عاماً في ثورته العظيمة، عملنا مقاومة ورفض أي عنف والعمل من أجل إرساء قواعد الحقوق الأساسية في الاعتقاد وفي الرأي والدفاع عنها وحمايتها، ودولة القانون لا بد أن تقوم بواجبها لحماية جميع المواطنين وإرساء الأمن في البلاد حتى لا يأخذ المتطرفون الدينيون القانون في أيديهم فيعيدوننا إلى قانون الغابة من جديد بعد أن فارقناه واتجهنا لإرساء قواعد دولة القانون.
* قحت متهمة باتجاهها لعلمنة الدولة والوثيقة بمحتواها لا تحمل مضامين الشريعة؟
– نحن حزبنا يقف ضد قيام أي دولة دينية وينادي بدولة المواطنة والحقوق المتساوية للجميع، سمِ هذه الدولة ما تشاء، نحن يهمنا المضمون والدستور الذي لا يفرق بين الناس والقوانين التي تنسجم معه ولا تخالفه.
* صراع الشيخ عبد الحي يوسف والوزيرة ولاء البوشي اتخذ منحى ما كنا نريد له أن يصل إليه؟
– اعتقد أنه لا بد من وضع ضوابط حازمة لرسالة المسجد بأن يكون هو المنبر الذي يدعو للسلام والمحبة وإشاعة جو التكاتف والتعاضد بين جميع أفراد المجتمع على اختلاف معتقداتهم الدينية، وأن يسعى لترسيخ إدارة التنوع في وطن اتسم بالتنوع واختلاف الأعراف والثقافات، فالمسجد الآن تحت إمامة أمثال عبد الحي وغيره من الأئمة، تأدلج وأصبح ينشر الكراهية والداعشية ويشجع على التكفير وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، راجع خطب عبد الحي الذي تدعو الشباب لارتداء الحزام الناسف وتفجير الأبرياء بالترويج له كعمل إسلامي جهادي، فالعبء الآن في مواجهة ذلك يقع على عاتق وزارتي الشؤون الدينية والأوقاف حتى تتجه البلاد لوضع يضعها ضمن المنظومة الدولية ويبعدها عن مصاف الدول الداعية للإرهاب.
* جدلية الدين والدولة أفرزت تناقضات عديدة، ماذا عن هامش الحرية في الحكم التعددي ونقيضها؟
– اعتقد أنه لا بد من إجراء حوار شامل ومكثف بين جميع المواطنين عن الرؤى ومحتوى ما يراد تطبيقه من حلول قبل فرض أي تشريعات دينية أو علمانية، وأنه لا بد من التصديق بكل الاتفاقيات الدولية التي تدعم قضايا الحقوق المتساوية والعدالة بصورة عامة، ولا بد من وضع دستور إنساني ينظر للإنسان من حيث هو إنسان والقيم الإنسانية التي تجمعنا، فالفطرة السليمة التي نولد بها قبل أن تفرقنا العقائد الدينية، هذه الفطرة التي تجمعنا يقوم عليها الدستور ثم يعتنق كل منا ما شاء دون تمييز يقع عليه بناءً على عقيدته، وينطبق ذلك على كل الاختلافات الفكرية والثقافية… الخ، بذلك يمكننا إدارة التنوع في سماحة وحضارة.
* متهمون بأنكم تريدون تمييع الشريعة الإسلامية؟
– أين هي الشريعة التي نريد تمييعها، نحن لم نرَ شريعة مطبقة، كل ما رأيناه هو شريعة مدغمسة كما وصفها الرئيس المخلوع، استغلت لإرهاب الشعب ولسوقه للاستكانة بإسكاته حتى يتمكن القائمون على أمره من الاستمرار في الحكم على حساب مصالح الشعب، إذ قاموا بإعلانه وبإفقاره كما هو معروف عند عامة الناس بما ظهر من فساد من يدعون لتطبيق الشريعة، نحن دعاة لفهم جديد للإسلام وللإصلاح الديني من التشويه الذي لحق به، ففر الشباب الأذكياء عنه حتى يصير الدين خلقاً وقيماً تمشي بين الناس وشرح ذلك يطول، أنت وقراؤك مدعوون للاطلاع على مؤلفات الأستاذ محمود ومدعوون لحضور منابرنا التي يقيمها الحزب الجمهوري كل جمعة، أمام فناء بيت الأستاذ محمود.
*هل أنتم مقتنعون بمحاكمة الأستاذ محمود محمد طه؟
– محاكمة الأستاذ محمود نقضت من المحكمة العليا الدائرة الدستورية بعد الانتفاضة 1985، وقد اعتبرتها المحكمة محاكمة باطلة بناءً على طعن دستوري تقدمت به مع الأستاذ عبد اللطيف عمر طيب الله ثراه، هذا الحكم أبطل ونشر في مجلة الأحكام القضائية عام 1986 أرجو الرجوع إليه، كما ألف الإخوان الجمهوريون عنه كتاب حيثيات المحكمة وتناولوها بالتحليل والنقد، ولكن خصوم الفكرة والدعاة الدينيين بصورة خاصة، عمداً يغفلون إبطال هذا الحكم إهانة للمحكمة، ويصرون على الإشارة لهذه المحكمة المهزلة ومحكمة الردة عام 1986 والتي فشلت في إجبار المدعى عليها لتمثل أمامها، كما فشلت في تنفيذ ما توصلت إليه من قرار، ذلك لأنها جهلت اختصاصها كمحكمة شرعية تختص في قضايا الزواج والطلاق والنفقة وغيره من قضايا الأحوال الشخصية، وجهلاً أعطت نفسها الحق في إصدار الأحكام في قضايا الرأي، ففشلت بكل المقاييس ديناً وقانوناً.
* ما هو المقام الذي وصل إليه الأستاذ بحسب كتابي طريق محمد ورسالة الصلاة؟
– نحن لا نسأل عن مقامات الأفراد، لأن العلاقة في الدين وفي مجال العبادة هي علاقة بين العبد والرب وهي علاقة فردية لا دخل للجماعة فيها، والأستاذ محمود لم يدعنا لنفسه أو لتقليده، وإنما دعانا جميعاً أن نلتزم طريق النبي صلى الله عليه وسلم لنحقق فردياتنا وأصالتنا ولنخلق علاقة صلة بربنا بوعي وبصيرة.

 

 

آخر لحظة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.