حسين خوجلي … دعاية “ميتشلان” … بقلم: سيف الدولة حمدناالله

حسين خوجلي  … دعاية “ميتشلان”

يخطيءحسين خوجلي إذا إعتقد أن الشعب السوداني يستمع إليه لأنه بطل وشجاع، أو أن الوصف الذي يُطلقه عليه موظفوه في الشريط الذي يجري أسفل شاشة التلفزيون أثناء عرض برنامجه “مع حسين خوجلي” والذي يقول “يا حسين يا عسل .. إنت أشجع سوداني” و “سير سير يا حسين، وصف يعكس رأي المشاهدين، فكل ما هناك أن حسين عرف كيف يبيع الماء للذين يلهثون من العطش، ومن يكون في مثل هذه الحالة – عطشان – يشتري الماء حتى لو كان مصدرها بالوعة حمام.

الشعب يريد أن يسمع الكلام الذي يصدر في حق الذين أوقوفوا حاله ليشفي غليله ويبرّد بطنه حتى لو كان يعلم أن القائل ضلالي وضالع في الجريمة التي وقعت عليه، فهو – الشعب – يُدرك أن الورود التي يعرضها حسين مصنوعة من البلاستيك ومضروبة، ويعلم أن الشخص الذي يطبطب عليه بمثل هذا الكلام قد شارك في سن السكاكين التي ذُبح بها، وأن الذي يحكي له عن فساد أهل السلطة وأموالهم المنهوبة، لديه إستعداد لأن يأكل مال النبي.

مشكلة حسين أنه لا يصلح للقيام بهذا الدور – نقد النظام – من الأساس، لا من حيث الشكل ولا الموضوع، فهو يخاطب شعب قوامه غلابة ومرضى وجوعى (ورد ضمن تحقيق صحفي عن غالب قوت أهل البلد في عدد من المدن أن أهل الحصاحيصا يتناولون وجبة إسمها “الساوندسيستم” وهي مصنوعة من “أذني” البهيمة، وفي بورتسودان وجبة “صبرك” وهي عبارة عن شوربة من أحشاء وقوانص الدجاج)، وهو – حسين – من فرط النعمة والرغد الذي يركل فيه، طوله مثل عرضه، وساعده الواحد بفخذين عند مشاهديه، وهو كله على بعضه يشبه دعاية “ميتشلان”. ومثل هذا الوصف لا يمكن أن يُغضب حسين أو يأخذه علينا آخِذ، فوصف الخلق والسخرية منهم من فضلة خير حسين، فهو أول من أدخل ذلك بصحيفته “ألوان” في حق الخصوم السياسيين (كان يُطلق وصف “الزرافة” على وزير العدل وهو رجل كانت له رقبة طويلة، و”التوم كديس” على وزير الإعلام وهو رجل بثلاث “شلخات” على أسفل خديه…الخ).

ومن حيث الموضوع، فإن حسين آخر من يحكي عن فساد النظام والثروة التي حققها أركانه، فالثروة التي جمعها حسين لا تقل في شيئ – إن لم تزد – عمّا حققها رصفاؤه في التنظيم، ولا يستطيع حسين أن يدّعي بأنه قد جمع هذه الثروة (حسين يمتلك – على الأقل – صحيفة وقناة فضائية وقصر بمدينة الطائف الراقية) من مدخرات وظيفة أو تجارة، فهو لم يخدم في وظيفة – خارج عمله في التنظيم – منذ تخرجه في جامعة القاهرة فرع الخرطوم في بداية الثمانينات، وهو ينتمي لأسرة على قدر حالها نزحت لأمدرمان من قرية “الشرفة” بريفي رفاعة، ولم يُعرف عنها ثراء.

ليس هناك جديد فيما يقوله حسين حول فساد الحكم والحكّام، وكل ما ورد على لسانه يقع في بند العموميات ومعلوم للمشاهدين، ونحن نعلم أن حسين – بحكم كونه صحفي و “ود بيت”- لديه معلومات وأسرار وتفاصيل لم يرد شيئ منها على لسانه، فالهدف مما يقول ليس فضح النظام، فالنظام أصلاً مكشوف حال ويفضح نفسه بنفسه بلا حياء، فهو يهدف إلى جذب المشاهدين – وقد فعل – وتحقيق قفزة نجاح للقناة التلفزيونية التي يتربع على شاشتها، بما يحقق له ذلك من إنتشار وريع من وراء الإعلانات التجارية التي سوف تنهمر عليه، فحسين يأكل الدجاجة ويبيع لنا الريش.

ولكننا نستاهل ما يجري لنا، فقد عجزنا عن القصاص لأنفسنا وننتظر الرحمة والإحسان من جلادينا (هل رأيت إهتمام الشارع السياسي بأخبار “الإصلاحيين” وحزبهم الجديد!!)، فقد عجزنا – ونحن ملايين وبيننا موسرين وأصحاب موهبة – عن تدبير مثل هذا المنبر (قناة) لتحكي بإسمنا، كما عجزنا عن تكوين الكيان (الحزب) الذي يجمع القوة التي تجلس على الرصيف، فأكثر ما يُسئ لشعبنا أن الذين ينادون له بالإصلاح اليوم هم الذين تسببوا في عطبه وأوقفوا حاله، وأكبر مهانة له أن يكون الذين يطبطبون عليه هم الذين أساءوا إليه، وليس هناك ما يوضح حجم البؤس الذي وصل إليه بعض أفراد الشعب مثل أن يعلقوا آمالهم على الذين صادروا منهم الأمل.

شارك على
Comments (0)
Add Comment