اقدار الله… قصة قصيرة

اقدار الله……….. قصة قصيرة

بقلم.. دكتور عمرو مصطفى إبراهيم 

الخامس والعشرون من شهر مارس ذاد توترة فى هذا اليوم كثيرا منذ استيقاظة فى الثالثه صباحا . اخذ يدعى لوالدته كثيرا بعد ما راى فى المنام ان وفاتها ستكون فى هذا اليوم . لم تتوقف دقات قلبه عن الانتفاض بقوة على الرغم من محاولاته اليائسه فى الدعاء و محاولة الهدؤ . رجع بزاكرة الندم قليلا الى الوراء عندما كان يدعو الله دائما بان يكشف عنه حجب القدر و المستقبل ، كان يظن ان معرفته بالقادم ستكون ميزة ولكنه لم يتخيل قط ان تكون تعاسته فى شئ تمناه كثيرا حتى كرس كل وقته لدعاء ربه اليه . راى فى المنام ملكا يحزره ويقول : لن يقدر انسان على تحمل هذا العلم . الا انه اصر على ذلك . عندها قال له ذلك الملك : لقد استجاب الله لدعائك الا انك لن تستطيع ان تغير اقدار الناس وان حاولت وسيكون هذا الامر سرا ولن يتغير حتى وان دعيت الله عمرك كله .

استيقظ فرحا مسرورا وهو متاكد من صدق تلك الرؤيا ، وقد كانت . ومن يومها و لم يهناء له بال . كان يرى فى منامه ماسيحدث ، فيعيش الماساء مرتين ، مرة فى منامه و مرة في واقعة . لم تكن قصص النجاح من حوله كثيره .
ولكن الفواجع كانت اكثر .
قطع صوت والدته وهى تنادى عليه حبل ذكرياته تلك وهى تصرخ : قم ياعلى الى عملك فقد تجاوز الوقت الساعة السابعة .
فتح باب غرفته . تقدم نحوها ثم احتضنها بقوة وبكى . ارتجف جسدها فى عنف وهى تقول له : مابك ياولدى . خنقته العبره ، تحشرج صوته وهو يقول لاشئ فقط ساشتاق اليك .
ضحكت وهى تبعده عن حضنها وقالت بحنان : انا موجودة اذهب لعملك وعندما تعود ساكون فى انتظارك . عندها اهتز جسدة فى عنف وهو يدرك انه لن يجدها عندما يعود . سياتيه الخبر بوفاتها فى مكان عمله .
تغيرت احوال على منذ ان استجاب الله لدعائه ذلك ، اصبح شارد الذهن بصورة مستمرة . قليل الفرح ، كثير الحزن . هزل جسدة كثيرا .
كان الكل يساله بدهشة ويجاوبهم هو بصمت وابعاد عينيه عنهم .

فى اليوم الخامس والعشرون من شهر مارس لاول مرة لم يستطيع على الدخول الي مكان عمله وتجاوز باب المصلحة الحكوميه التى يعمل بها . انهار عندها جسدة وهوى الى الارض وبداء فى البكاء واخذ يضرب بيديه الارض بقوة و بعنف .
حاول الجميع ايقافه الا ان بكاءة كان يزيد فى كل مرة . لم يكن يستطيع الوقوف او النظر الى الاخرين . كان يعرف بان اعز من يحب سيتوفى الان وهو بعيد عنه .

وكما فى الحلم ارتفع رنين هاتقه الجوال بقوة . فتوقف على عن البكاء فجاءة .
وكانه لم يكن يصرخ ويبكى من قبل . كان يعرف ماذا سيقول له اخيه الاصغر .

رد على : الو ،،، ايوة يامحمد .

جاءة صوت محمد وهو يبكى بحرقه : لقد ماتت امى ياعلى ، امك ماتت ياعلى . ولم يسمع لعلى صوت بعدها .

و بعد عدة سنوات وفى مستشفى للامراض العقلية كانت دكتورة ناهد تحدث صديقاتها بفرحه لقد تمت خطبتى ، فى العنبر الحالات المزمنه و الميؤس من علاجها قالت ذلك ، وارتفعت اصوات الفرحة النادرة فى ذلك العنبر . وبارك الكل لها . ثم قالت بصوت عالى : كم اتمنى ان اعرف مستقبلا كيف سيكون شكل اولادى . ثم قالت بسخط : لماذا حجب الله عنا معرفة القدر؟ .

فى تلك اللحظه هجم عليها احد المرضى امسك برقبتها بشدة ، غاصت اصابعه الواهنه فى رقبتها وهو يردد فى غضب : اقدرا الله تسعد ، اقدار الله تحزن ، اقدار الله تجنن .

هرع الحرس بسرعة وانتزعو اصابعة من رقبتها بقوة . كانت تلك المره الاولى التى يتكلم فيها ذلك المريض منذ ان دخل المستشفىي . اخذه الحرس بعيدا الى غرفة معزوله مخصصه للحالات العنيفة وهو مازال يردد : اقدار الله تسعد ، اقدار الله تحزن ، اقدار الله تجنن . وفى عنبر الحالات المزمنه وبعد ان اخذت دكتورة ناهد انفاسها واستعادت توازنها صرخت فى الممرضين بغضب : لا اريد لهذا المريض ان يخرج من غرفة العزل الا بعد ان اعرف سبب هذا السلوك العدوانى . هل تفهمون ؟

اوماء الجميع بالايجاب : وبصوت هامس سالت احدى الممرضات الجدد زميلتها : ما اسم هذا المريض : اجابت لا اذكر اسمه تماما ولكنى اذكر انه يرفض مقابله اى احد من افراد اسرته و الذين قالو انه اصيب بهذه الحاله نتيجه لعدم قدرته على تحمل وفاة والدته ، ثم استدركت : ولكن اعتقد ان اسمه على .

وفى غرفة العزل شرع على فى رسم وجه والدته على الحائط وهو يقول لها : انظرى الى جهلها يا امى تتمنى ان تعرف كيف سيكون شكل اطفالها فى المستقبل ولا تدرى انها لن تنجب . ليتنى كنت جاهلا ياامى … ليتنى لم ادعو . فاقدار الله تجنن ثم شرع فى البكاء…. شرع فى البكاء دون توقف

شارك على
Comments (0)
Add Comment