آخر الأخبار
The news is by your side.

يعيد نفسه التاريخ التاسع عشر من ديسمبر

يعيد نفسه التاريخ

بقلم: رقية طه المغربي

الزمان:
التاسع عشر من ديسمبر للعام ٢٠١٨، ونحن إذاك حديثو عهد بالثورات، لا نخبر دهاليز السياسة، ولا نألف تلون الأوجه، أو نأبه لوميض حداد الألسن، إذاك غرٌ نحن، نرزح تحت حكم طاغية، نخشى في الحق لومة جلاديه، وبطشةَ رجال أمنه، وغبن كتائب ظله، ولم نكن نعلم عنها إلا رعونتها، وقسوة أخذها وإن لم نرها رأي عين!

نخطو أولى خطواتنا باندفاعة طفلٍ عَلِم تواً أن له قدمان وبوسعهما أن يحملانه حيث شاء، وله صوتاً يزأر به في وجه سفاك الدماء:

أن لا وقد تبت يداك.
نأنس جذوةً من إطار سيارة يتوسط الطريق مشتعلاً، تطوقه الصيحات، وتدور من حوله الهتافات ، تُأجج نيرانه وتعلو، فتعلو حولها النبرات و الصرخات ( والشعب يريد إسقاط النظام).

ثم نستبق المواكب و على ذات الهتاف رفقة برفقة، وصحبة بصحبة، حِذا الآمال والأحلام والإصرار.
كسيل هادر اكتسحنا الشوارع، تأتي بنا الأخبار حاملة نبأ الفتية الذين نزعوا الطاغية عن كرسيه، وطوفان الأرض الذي لفظ الجبابرة إلى وادٍ سحيق.

ثم وعلى طول الطريق لابد يتساقط البعض حتى يمضي الآخر إلى حيث النهايات التي نريد.
ثوار أحرار يكملون ما بدأ به من قبلهم، وشهيد يزفه شهيد، ومصاب يرافقه مصاب، و الوحش يقتل ثائراً والأرض تنجب ألف ثائر.

ثم نعود وبالقلب غصة، والحلق تسد مجراه العبرات، وتسكب ماء ملحها العيون على جراح الروح والأجساد، والطوفان يمضي لا يهدأ له تيار ولا يتوانى.

منذ عامين ونحن على ذات النسق، نفس الوجوه تحمل ذات الهتاف، نفس المسارات، نفسها الأعلام والرايات التي كان حملها بدءً دليل إدانة، قد تقتاد حاملها إلى بيت الأشباح دون هوادة، تتغير الأحداث و التواريخ فقط، و ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه الخامس والعشرين من اكتوبر ٢١، بالثلاثين من يونيو ٨٩، وما أشبه البشير ببرهانه و الكرسي بالكرسي، والبزة ذاتها البزة ، و نجومها المظلمات، فوق أكتاف الضحايا.

ثم تعود الهتافات حيث ابتدت أول مرة، والسيناريو لم يتغير، (الشعب يريد اسقاط النظام)
ثالثاً ورابعاً وعشر.

وإن لم يسقط فنحن لم نبرح مطالبنا قيد هتاف، والإنتفاضة مستمرة، إلا أننا لم نعد حديثو عهد بالثورات، وسنظل نستبق المواكب، ونقتبس جذوة إطار مشتعل، ونهدر ماضين إلى حيث نريد وما من ردة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.