آخر الأخبار
The news is by your side.

هنادي الصديق .. ابناء المجتمع الدولي البررة

بلا حدود … بقلم: هنادي الصديق .. ابناء المجتمع الدولي البررة

الجرأة العجيبة التي تمتع بها سائق عربة أحد البنوك السودانية (المخصصة لنقل النقود) وهو يهرب بمبلغ 500 الف دولار قبل أن يتم العثور عليها، لم تأت من فراغ أو لإنحراف مفاجئ في سلوك السائق، ولكن السبب الأساسي من وجهة نظري هو المال السائب، والمثل السائد يقول (المال السائب بيعلم السرقة)، والمال السائب الذي أعنيه، هو إستمرار كثرة السرقات وتعدد السارقين وإنعدام العقوبة.

لم يجد سائق البنك عقوبة واحدة للصوص المال العام من الذين ينهبون بالمليارات وملايين الدولارات دون أن تقوم الحكومة بإسترداد ولو القليل منها، ولم يسمع بمعاقبة أيا منهم، بل وجد أن الكثيرين منهم يدخلون ويخرجون من السودان دون أن توقفهم أجهزة الدولة أو قواتها النظامية أو سلطاتها الأمنية، هذا إذا لم يكن حضورهم ومغادرتهم يتم تحت حماية هذه الأجهزة.

يحدث أيضا أن حكومتنا تهاونت مع سماسرة الأزمات الذين أدموا قلوب الأسر السودانية المكلومة بعد أن فقدت كل ما تملك وباتت تفترش العراء، فباعوا لها الخيام التي أتت من الخارج في شكل إغاثة للمنكوبين بأكثر من 30 الفا للخيمة الواحدة، ملأوا بها الأسواق وتفننوا في عرضها بوسائل التواصل الإجتماعي ولم نجد من يسألهم من أين لكم بها.

المجتمع الدولي تجابن هذه المرة وعزف عن دعم السودان في نكبته التاريخية المتمثلة في كارثة الفيضانات التي شرَدت مئات الآلاف من الأسر بالعاصمة والولايات، ولم يمدوا يد العون لحكومة حمدوك الذي يعتبر (إبن المجتمع الدولي البار)، وتعامى ذات المجتمع عن غياب البشير وحكومته عن المشهد، وهو الذي كانوا يصفونه بحجر العثرة أمام دعم السودان ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فوضح أن حجر العثرة ليس في البشير ولا في أي رئيس غيره، بل في شعب السودان الذي يناصبونه العداء دون أي ذنب جناه. ورغم ذلك تهرع له حكومتنا في كل صغيرة وكبيرة، وتضع له ألف حساب، وأدخلتنا ذات السياسات غير المدروسة تحت سيطرة محور بعينه، وذات المحور لم تجد منه الحكومة في هذه الكارثة سوى الفتات، ولعل أكثر من عبر هذا الغياب الدولي، سطور الكاتب محمد الواثق الذي يعجبه عدم تفاعل المجتمع الدولي مع كارثة السودان ، فوصف كارثة الفيضانات

بالكارثة التي تتجاوز في فداحتها تفجير بيروت الدامي الذي غاب من نفذوا جريمته النكراء وسط غبار حطام عماير بيروت وضجيج طائرات الإغاثة ووفود المجتمع الدولي التي هرعت للتخفيف من مصيبة لبنان وتقديم أكثر من 90 مليار دولار للتخفيف من وقع المصيبة، بينما يرمون في وجهنا ب500 ألف دولار نجد أكثر منها في خزينة أصغر تاجر عملة بقلب العاصمة السودانية الخرطوم. لماذا يتأخر العالم عن دعمنا والوقوف بجانبنا في مصائبنا المتتالية لماذا يتواطؤون علي خنقنا بحبل العقوبات الأمريكية التي لاتزال تلتف حول رقبتنا رغم سقوط البشير وذهاب عهده وحضور حكومة جديدة نصف وزرائها من حملة الجوازات الأمريكية والنصف الآخر من الناشطين في المنظمات الدولية التي كانت تسارع إلي الحديث بإسمنا في الضراء، واليوم تصمت ذات المنظمات وتتوارى عن دعمنا في كارثة السيول والفيضانات، التي لم يشهدها السودان منذ مائة عام.

ما أود أن أخلص له حكومتنا تحتاج لإعادة النظر في تعاطيها مع أزمات شعبها المتلاحقة، وأولها أزمة الثقة التي باتت تهدد بقاء الحكومة نفسها رغم التحديات الكبيرة التي تحاصرها من جميع الإتجاهات.

المواطن لا يحتاج لأموال المجتمع الدولي بقدر ما يحتاج لإستعادة أمواله المنهوبة لسنوات ووقف الفوضى التي تهدد إستمرار دولة السودان والعبث الذي يتم بأيدٍ سودانية وعصا خارجية.

الشفافية هي ما يحتاجه الشعب السوداني من حكومته ليتقبل العيش تحت خيام أو حتى في العراء وهو مقتنع بأن الكوارث الطبيعية التي حلت به ليست بسبب الحكومة الحالية، وإنما نتيجة تراكم سياسات خاطئة للحكومات المتعاقبة منذ الإستقلال وحتى سقوط الإنقاذ التي بدورها أورثتنا دولة معطوبة ومثقوبة من جميع الإتجاهات. متى ما شعر هذا الشعب بقوة ووضوح حكومته، ستهون أمامه جميع المصائب والكوارث، والتي حتما سيخرج منها أكثر ثباتا ووطنية وتماسكا.

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.