آخر الأخبار
The news is by your side.

هل مؤسسة الجامعة تقود مشروع الحداثة والإستنارة والتنوير فى السودان؟

هل مؤسسة الجامعة تقود مشروع الحداثة والإستنارة والتنوير فى السودان؟

سوداني بوست: حسن إسحق

أقامت مؤسسة الشباك الثقافية منتدي الفكر الحر ، حول مؤسسة الجامعة فى السودان .

وإستضاف المنتدي ، الأستاذ مجدي عزالدين حسن ، أستاذ الفلسفة بجامعة النيلين، بحدائق جياد فى أم درمان ، الاربعاء الماضي .

وتطرق المنتدي إلى طرح سؤال المؤسسة الجامعية فى السودان، ما الدور المنوط بهذا الصرح القيام به؟ ، وهل لها علاقة بمفهوم الديمقراطية؟ ، وما الآليات للحفاظ عليها؟ .

ويشير مقدم المنتدي إلى أن سؤال الجامعة فى قضايا المجال العام ، لم تحظي بالإهتمام، وطرحت العديد من الغسئلة، هل هي بريئة من ممارسات السلطة؟، والغيدولوجيا، وتوجهات جهاز الدولة، ومناقشة دور الجامعة ووظيفتها .

ويناشد أستاذ الفلسفة ، بإعادة تعريف الجامعة بإعتبارها مؤسسة من مؤسسات المجتمع، وهذا يعطي حق للمواطن أن يكون مشاركا فى طرح السؤال وكذلك المشاركة فى تقديم الإجابة، وهذا جانب أهم فى إعادة التعريف لها، وما بين الجامعة كمؤسسة والأدوار والمهام التي ينبغي أن تتطلع بها، ومابين مشروع الحداثة والإستنارة والتنوير والسودان، ويجزم أنهما لا ينفصلان عن بعض، وعند الرجوع ألى تغريخ مقاومة الأنظمة الشمولية فى السودان، أن مقاومة نظام الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، أكتوبر 1964م، ومقاومة نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري، مارس – أبريل 1985م ، ومقاومة نظام الجبهة الإسلامية القومية 1989م ، غن الحركة الطلابية كانت فى الطليعة، رغم أن كل النضال، الحركة الطلابية همشت .

نقد مؤسسة الجامعة :

بدأ مجدي عزالدين ، حديثه حول مؤسسة الجامعة، طالب بوضع العنوان نفسه موضع الفحص، والتأمل، والنقد، ويجب ألا يتعامل مع العنوان بإعتباره مسلمة وبديهة، ’’ هذا ما يعلمنا إياه منهج التفكير النقدي فى التعاطي مع المقولات، والأفكار والأطروحات، لا نتعامل معها بإعتبارها مسلمات نهائية، وإنما يتم إخضاعها لمطرقة السؤال، وعلينا طرح السؤال، هل هنالك فعلا وجود لمؤسسة الجامعة فى السودان؟، وممكن السؤال نفسه، يتفرع إلى مجموعة من التساؤلات، وعلى رأسها أن يكون سؤال أكثر بدائية وأولية، وما الجامعة نفسها، ونحن كسودانيين محتاجين نعيد تعريف الجامعة، والغدوار التي يجب أن تتطلع بها مؤسسة الجامعة، فى داخل وخارج أسوار الجامعة، ويطرح سؤال مهم للغاية، وممكن نتساءل، ما هي علاقتنا كمواطنين سودانيين بمؤسسة الجامعة؟، ويمكن ألا نكون منتمين إلى هذه المؤسسة، وما الذي يجعلنا إذا لم تكن لنا الصلة مباشرة بهذه المؤسسة، أن نكون حريصين على إعادة تعريف الجامعة، وأن الموضوع لا يخص المنتسبين لها فقط، بل يخص الجميع‘‘.

مؤسسة إجتماعية :

يري مجدي , أن هذا السؤال ’’ يخصنا كفاعلين فى النظام الإجتماعي‘‘، لأنه ببساطة فى إعادة التعريف، أن الجامعة تعتبر مؤسسة من مؤسسات المجتمع، وهذا يعطي الحق، لكل مواطن سوداني، غن يكون مشاركا فى طرح السؤال فى المقام الأول، وأن يشارك كذلك فى تقديم الإجابة، يعتقد من جانبه، أنها الأهم، فى إعادة التعريف للجامعة، وأنه يسعي إلى إعادة التعريف بشكل جذري للجامعة فى السودان، ويسترسل مجدي فى نفس السياق، أن هذا الموضوع ’’ بأمكانه إرجاعنا الفلسفة‘‘، وفى نفس الوقت، لابد من الرجوع إلى حاضر الجامعة السودانية، ليس للتأريخ والماضي وحده، بل يركز على الماضي الذي يستبطن الحاضر، وفى ذات الوقت يستبطن المستقبل، لذا التركيز يكون على بنية حاضر المؤسسة، وهنا يمكن أن يكون المنهج تزامني، ليس تعاقبيا، يهتم بتأريخ نشأة المؤسسة، يقول مجدي، أن مؤسسة الجامعة بمعناها الحديث، وهذا مهم، وهي كمؤسسة كانت موجودة فى القرون الوسطي، وأما بالمعني الحديث، هي مؤسسة تم تدشينها وتأسيسها وبلورتها مع سياق بروز عصر الأزمنة الحديثة، ويشير إلى وجود رابط كبير، ما بين الجامعة كمؤسسة والأدوار والمهام التي ينبغي أن تضطلع بها، ومابين مشروع الحداثة والإستنارة والتنوير فى السودان، ويجزم غنهما لا ينفصلان عن بعض.

الإيمان سابق للعقل :

يرغب مجدي، فى طرح سؤال حول الحداثة والتنوير والإستنارة، وأين موقع الجامعات السودانية من الطرح؟، وكذلك هل ينظر إلى الأدوار التي يجب أن تضطلع بها المؤسسة غم لا؟، مشيرا إلى ما أطلق عليه الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، وما أسماه الجامعة بدون قيد، أو دون شرط، قبل كل ذلك، يجب الحديث عن الجامعة فى القرون الوسطي، إذ أنها مؤسسة كانت تقوم بشكل أساسي على المقولة التي قالها القديس أوغسطين فى القرن الرابع الميلادي، المتمثلة فى (آمن كي تعقل )، وأصبح الإيمان الديني شرط ضروري لعملية التعقل، وهذه العملية تقوم بها مؤسسة الجامعة، وفى العصور الوسطي الإيمان سابق على العقل، كما هو موجود فى التراث الإسلامي النقل سابق على العقل، أما عن الحديث فى التراث الإسلامي، مصادر التشريع تتمثل فى الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وكتاب السنة يمثله النقل، والإجماع ، والقياس يمثل العقل، فى هذه التراتبية، فى أسبقية للنقل على العقل، ويعتقد مجدي ، أن ما هو عقلي يأخذ مشروعيته مما هو نقلي، المتمثل من الوحي، أن صحته أو بطلانه يتحدد فى المرجعية الدينية، هذا الكلام كان موجودا فى مؤسسة الجامعة فى القرون الوسطي، وفى أواخرها ما أطلق عليه العصور الوسطي العليا، حصل التمييز، عندما إستعاروا بن رشد، أن الحقيقة لها مساران، وطريقان، وحصل التمييز، ما بين أن الإيمان الديني يصل بالفرد إلى الحقيقة، أم العقل يصل بالفرد إلى الإيمان، وكانت البدايات الأولي لبلورة مفهوم المفهوم العلماني، لأن المفهوم العلماني نفسه عند بدايته كمصطلح فى العصور الوسطي، كان مصطلح كنسي.

الإنسان حل محل الله:

يوضح أن العلمانية ليست بعيدة عن الجامعة، وإحدي تعريفاتها أنها مؤسسة علمانية، ومؤسسة حديثة، بإعتبار أن مشروع الحداثة كان قائما على التمييز بين المجالات المختلفة، ومفهوم الدين فى الأزمنة الحديثة تغير، وأصبح لكل مجال مرجعيته الضابطة والناظمة، يشير مجدي ، إلى أن الدين له مرجعيته الضابطة والناظمة، وكذلك بقية المجالات، مثل الآداب والفنون والعلم، ويكرر كل العلوم الأخري لها مرجعياتها الضابطة، ولذا كان من المهم التمييز بين مسـألة المجالات، ويسرد مع الأزمنة الحديثة، يمكن الحديث أن الإنسان حل محل الله، لأن التصور الأولي فى القرون الوسطي، كانت المركزية تعطي إلى الله، لذا كان دائما الإنسان يكون تابعا، وإبتداءا من الأزمنة الحديثة، مع نيتشة، يتم الحديث عن موت الله، وهنا المقصود به، عدم التعامل مع كلمة الموت المعني الفيزيقي للموت، وإنما بالمعني الفلسفي، والمجازي، حيث لم يعد هذا المفهوم يلعب أو يمارس أي تأثير على مستوي الحياة الإنسانية، وتحديدا على مستوي الحياة العامة، يمكن أن يمارس الدين تأثيره على مستوي الحياة الخاصة، وعلى مستوي الحياة العامة لم يعد للدين تأثير الذي كان موجودا فى فترة القرون الوسطي، وحل الإنسان محل الله، لذا المشروع الحداثي والفلسفة الحديثة كلها، يمكن أن تسمي فلسفات النزعة الإنسانية، بمعني أنها فلسفات تعطي الأولوية والاهمية والصدارة للانسان، وإعادة تعريف الإنسان ذاته، بإعتباره ذات مفكرة وفاعلة ومسؤولة، يمتلك فعل المبادرة والخلق فى العالم والتغريخ، وهذا لم يكن موجودا، على حد تعبيره.

مصير العالم مرتبط بالإنسان :

يضيف مجدي ، أن التصور الذي كان سائدا فى العصور الوسطي ، أن الله هو الذي يسير العالم، وهذا الأمر أختلف هنا مع الغزمنة الحديثة، وأصبح مصير العالم نفسه مرتبط بالإنسان، أوضح أن فلسفات النزعة الإنسانية التي أشار إليها، وعند الرجوع إلى الفيلسوف فرانسيس بيكون، وفلاسفة العقد الإجتماعي، وعند الرجوع إلى جون لوك، وكانط، وهيغل بإعتباره أعلي قمة بلغتها الفلسفة الحديثة والمشروع الحداثي، وكذلك الوجودية، كتيار من تيارات الفلسفة المعاصرة، وأيضا البراغماتية وغيرها، يري أنها فلسفات تعطي الصدارة لمفهوم الإنسان، ويشرح أن هذا الموضوع نفسه تمت إعادة مراجعته، وليس مهما فى الموضوع الدائر للنقاش فى الوقت الراهن، المراجعة تمت مع فلسفات موت الإنسان المرتبطة بالفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، التي راجعت أن مسألة الإنسان فاعل ومبادر، وأن مصير العالم مرتبط به، وبعد التحولات الكبيرة التي قامت بها الدراسات اللغوية والليسانية، وبما يعرف المنعطف اللغوي فى الفلسفة المعاصرة، وبعد التحولات الكبيرة التي حصلت على التحليل النفسي الذي أعطي أولوية لللاشعور على الحياة الواعية، لذا فلسفات النزعة الإنسانية كانت تعطي الأولوية للحياة الواعية، وللعقل والإرادة، وفى حال ظهور اللاشعور مع سيجموند فرويد، وتطوراته عن الفرنسي جاك لاكان، أن يتعامل مع اللاشعور، يتماثل فى تكوينه مع بنية اللغة.

الجامعة أفق للمقاومة النقدية :

يوضح مجدي ، أن الحديث عن البنية والنسق حلت محل العقل والإرادة، ويشير إلى فلسفات موت الإنسان حصلت لها بعض المراجع، وأشار إلى جاك دريدا ، يطرح سؤال الذي يدعو من خلاله لإعادة تعريفات جذرية للجامعة، ويعرف ويتكلم عن الجامعة بدون شرط، ودون قيد، ويتكلم دريدا ، عن الجامعة بإعتبارها أفق للمقاومة النقدية لكل السلطات، سواء كانت سلطات سياسية، أوإفتصادية أوأجتماعية أودينية، ويكرر المقاومة النقدية، وهي الإرتباط، فى إعادة التعريف الجديد، ما بين النقد والجامعة وهناك من يفترض أن تكون هناك مسافة ما بين هذه السلطات والمؤسسة الجامعية، لأن هذه السلطات تحاول أن تملك الجامعة سواء كانت سلطة سياسية ، أوإقتصادية أو دينية أو إجتماعية، تحاول أن تهيمن وتسيطر عليها، ويكرر أن الجامعة فى هذا السياق هي المقاومة النقدية لكل إشكالات الإحتلالات، وإحدي التساؤلات المطروحة، أين موقع مؤسسة الجامعة فى السودان من هذا الكلام؟، والجامعة بدون شرط، وقيد، وكمقاومة نقدية لكل السلطات، ويطالب بربط دخول المجتمعات فى الأزمنة الحديثة نفسها، ويطالب أن يفرق ما بين التحديث والحداثة، ويضيف ’’ أننا لم نعرف الحداثة حتي الآن‘‘، والتمييز بين الدولة الحديثة التي عرفت بدخول المستعمر، والدولة الحداثية، يؤكد ’’ أننا لم نعرف الدولة الحداثية‘‘، والجامعة أين موقعها من هذا الكلام، فى حال القيام بنقلة على المستوي، والشعوب السودانية والمجتمعات، تنتقل من الوضعية التي يمكن أن توصف بوضعية التأخر إلى وضعية التقدم.

الطالب الجامعي مهمش ومستبعد :

يقول مجدي ، فى حال الرجوع إلى تأريخ السودان الحديث من 1956م ، وما قبل 1956م ، وظهور كلية غردون التذكارية، وإنتهاء بجامعة الخرطوم ، وظهور بقية الجامعات، مثل جامعة القاهرة فرع الخرطوم، ويلاحظ مجدي ، أن مؤسسة الجامعة لعبت دور كبير فى مقاومة المستعمر، وأعطي مثالا، أن النقابات فى السودان تأسست فى أربعينيات القرن الماضي، سنة 1946م ، نقابة عمال السكة حديد، قامت بإضراب شهير جدا، وساندهم فى الإضراب طلاب جامعة الخرطوم، وهذا يشير إلى الدور الذي تلعبه مؤسسة الجامعة، فى إعادة التعريف لمؤسسة الجامعة، ويجد أن المستبعد والمهمش والمقصي، هو الطالب نفسه، وعند الرجوع إلى تأريخ مقاومة الأنظمة الشمولية فى السودان، ومشيرا إلى أن مقاومة نظام الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، أكتوبر 1964م ، ومقاومة نظام الرئيس الغسبق جعفر نميري، مارس – أبريل 1985م ، ومقاومة نظام الجبهة الإسلامية القومية 1989م ، أن الحركة الطلابية كانت فى الطليعة، يطالب أن يقام ربط، ما بين إعادة تعريف الجامعة، والدور المفترض أن تضطلع به الحركة الطلابية السودانية، ويعتقد أنها تحملت العبء الأكبر، فى مقاومة الأنظمة الشمولية، وحتي فى تأريخ مقاومة الأنظمة الشمولية 1989م ، إلى سقوط النظام، يطرح سؤال الأغلبية التي دخلت المعتقلات، والذين تم تعذيبهم من؟ ، ومطارتهم من؟ ، وتشريدهم من؟، ويجيب أنهم الطلاب، لذا إعادة التعريف بشكل جذري لمؤسسة التعليم فى السودان، يجب أن تربط بحراك طلاب جديد، يعي هذا الأمر، واحدة من أهم المسؤوليات الملقية على عاتق تعريف الجامعة، ويضغط فيه، وإعادة تفكيك التراتبية الهرمية الموجودة فى أعلي قمة أساتذة الجامعة، وفى الأسفل الطالب.

تزييف التأريخ:

يطالب مجدي ، بإعادة تفكيك وقلب المؤسسة الجامعية، إذا كانت مقاومة الأنظمة الشمولية العبء الأكبر تتحمله الحركة الطلابية، وألا يفهم ذلك، أنه محاولة لإقصاء الآخرين، والنقابات لعبت دورا كبيرا فى سنة 1964م ، ومارس – أبريل 1985م ، وديسمبر 2018م ، ولكن ليس الدور الذي لعبته الحركة الطلابية، وهناك تزييف للتأريخ الرسمي، دور جبهة الهيئات فى أكتوبر كان دورا كبيرا، وتجمع المهنيين فى ثورة ديسمبر 2018م ، أن معارضة الإنقاذ، دور الطلاب فى الجامعات، هم من دفعوا هذه الضريبة، منذ 30 يونيو 1989م ، حتي 11 أبريل 2019م ، وتم تهميش الطلاب، ومشروع الإستنارة والتنوير فى السودان، مالم تتصدر القوي الحية المشهد السياسي فى السودان، هذا المشروع لن يتحقق، أوضح لا تنوير ولا إستنارة ولا حرية بدون إستدامة الديمقراطية، لا يمكن الحديث عن الحداثة والعقلانية، وعند الرجوع إلى إجهاض التجارب الديمقراطية فى السودان، ثورة شعبية يقوم بها الشباب، وفى قلب الشباب الحركة الطلابية، ويتم إستبعادهم فى الفترات الإنتقالية، مثل ما أستبعدوا فى الفترة الإنتقالية الحالية، وأضاف مجدي ، أن القوي الحية هي التي تحدث التغيير، إحدي الدروس والعبر التي يجب الإستفادة منها، المتعلقة بتقويض التجارب الديمقراطية، سواء فى العهد الديمقراطي الأول أو الثاني أو الثالث، لأن القوي الحية لم تكن متصدرة للمشهد السياسي السوداني، والمتصدرة على الدوام لهذا المشهد المنظومة الحزبية بكل ألوان طيفها، يسار وسط ويمين، وفى حال إعادة قراءة للمشهد، ستجد تكرار لذات الأشياء التي كانت تحدث فى العهود الديمقراطية السابقة .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.