آخر الأخبار
The news is by your side.

من ذاكرة الفكر … مقدمة ديودان نحن والردى “5”

من ذاكرة الفكر … مقدمة ديودان نحن والردى “5”

اعداد: شهاب الدين عبدالرازق
مقدمة ديوان نحن والردى لـ صلاح احمد ابراهيم، والتي كتبها البروفيسير عبدالله الطيب عليهما الرحمة، نقدمها لكم في حلقات.

وما أرى أن صلاحاً قصد إليه ولكن سار على المألوف من عبارات أهل العصر مسايرين لعبارات الإفرنج في هذا المجال، وبين يدىَّ عشرات من دواوين أهل العصر تَرِدْ فيها عبارة حمل الصليب كما ترد عبارة ” كودتا” في اللغة الإنجليزية و”ويكند” في اللغة الفرنسية وهذا تقريب للفكرة على بعدها.

مصدر مهم من مصادر الإشارة والمجاز في بيان صلاح رحمه الله هو عادات أهل بلدنا وتقاليدهم. وهذا واضح في القصيدة التى أعجبت صديقه على المك رحمه الله. وبعض هذه القصيدة ينظر نظراً شديداً إلى منظومات الموت التى ينشدها المُدَّاح مثل :

زايلة الدنيا دى الما بِدْوُمْ لى خيرا

ولَّت وأدْبَرت وبِقَتْ عصيرا

ويذكروننا أن مصير الإنسان إلى حفرةٍ عرضها شبر.

ما الذى أقسى من الموت ؟

فهذا قد كشفنا سرَّهُ وخبرنا مُرّهُ

ما جزعنا إن تشهَانا ولم يرض الرحيل

( أحسبها ولم نرض لا ولم يرض بالنون لا بالياء كما في النص المطبوع )

فله فينا اغتباق واصطباح ومقيل

آخر العمر قصيراً أم طويلْ

كفنٌ من طرفِ السوق وشِـبْرٌ في المقابر

هذا موضع استشهادنا على الأخذ من تقاليد البلد وعاداته. ولنا في الدفن أسلوب بعضه مأخوذ من السنة التى كان عليها عمل أهل المدينة وبها دفن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وبعضه مأخوذ من عادات وطننا القديم في أيام ما قبل الميلاد حسب تاريخ علماء الآثار إلى عصر طويل بعده ـ من ذلك الحمل على العنقريب والتغطية بالسُّرَّتى. وأول من دُفِنَ على عنقريب ( نعش ) من أهل الإسلام سيدتنا أم المؤمنين زينب بنت جحش. أشارت بحملها عليه سيدتنا أُم المؤمنين أم سلمة رضى الله عنها قالت رأت النعش بأرض الحبشة التى هاجر إليها الصحابة سيدنا جعفر وسيدنا عثمان ومن معهم هى هذه البلاد لا بلاد أكسوم وقندار لأنهم لا يحملون الميت على العنقريب.

شاهد آخر قصيدة صلاح في رثاء على المك رحمهما الله وقوله اغتباق واصطباح ومقيل مأخوذ من اصطلاحات العرب الأوائل لشراب الصبح والليل والقيلولة ـ واستعمل صلاح كلمة المقيل للدلالة على القَيْل. فقد جاء بها مناحة واستعمل فيها عبارات البكاء التى نبكى بها ـ

عليّ شريك النضال على رفيقى

ويا خندقى في الحصار ويا فرجى وقت ضيقى

ويا صُرَّةَ الزاد تمسكنى في اغتماض الطريق

ويا رَكْوَتى كعكعت في لهاتى وقد جفَّ ريقي

عليُّ ذراعى اليمين على خريفى

ونيلى وجرفى وبهجة ريفى

ولا يخفى أن خندقى في الحصار ” مأخوذة من خبر السيرة وغزوة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.