آخر الأخبار
The news is by your side.

من ذاكرة الفكر … مقدمة ديوان نحن والردى .. الاخيرة

من ذاكرة الفكر … مقدمة ديوان نحن والردى “7”

اعداد: شهاب الدين عبدالرازق
مقدمة ديوان نحن والردى لـ صلاح احمد ابراهيم، والتي كتبها البروفيسير عبدالله الطيب عليهما الرحمة، نقدمها لكم في حلقات.

ثم بعد مدة غير جد طويلة وأقرب إلى أن تكون جد قصيرة قضى صلاح نحبه ولم ينتظر ـ وكنت أرجو أن ألم به وأحييه في بعض غدواتى وروحاتى إلى مطار باريس في طريقى إلى بلاد المغرب الأقصى رحم الله صلاحاً ـ

شعره رنّان وقوافيه حسان قال رحمه الله :

إن بى شوقاً إلى الشعر الذى أحمله رمحاً طويلا ومجناً

(( كربيعة بن مكدم ))

ان بى شوقاً إلى القافية الحسناء كالصهباء أدنيها لكم دناً فدناً

ناءَ شعرى بالذى كان حَمَل

من رزايانا وأبياتى في المهد صبيّة.

لصلاح نغم متين مستقيم رصين في بحرى الرمل والمتقارب والأول أكثر. وانتهى رثاؤه لعلى المك رحمهما الله بقوله :

مضيت وخلّفت لى ترحة *** كأنْ للمنية عندى ثارْ

وغوّرت في مهجتى فرحة *** إذ ما ذكرتك ذات اعتصار

وهذى المرارات في شفتى *** كهذى الدموع الغزار الحرار

وطيفك يخطر في مقلتى *** يُحَنْظِل حَلْـواى ليل نهـار

وهذا هو النغم الذى أقبل الخليل على تحليله وفك طلاسمه معجباً مغرماً مفتوناً برنات التفاعيل فحسب ابنه إذ سمعه يرددها أنه مجنون ـ الشعر موسيقا العرب منذ الأزل القديم. حتّى قابيل حين قتل هابيل نسب إليه الرواة أنه رثي ابنه بقصيدة عربية.

لعل صلاحاً رحمه الله تأثر ببعض نظم أستاذه كاتب هذه السطور وذلك إن صحّ مما افخر به وأتشرّف ـ مات لى أخ يدعى “حسنا” ابن ست سنين غريقاً وزعم الأستاذ الجامعى محمد يوسف مصطفى الواثق أنى أقمت له مناحات في دواوين شعرى . في أصداء النيل في طبعته الأولى 1957م : ـ

حبّذا خبـز بركـدال ومُبْيضُّ اللَبَـنْ

بَيْعُكَ الماضِىَ مِنْ عمركِ بالآن غبـنْ

ولقد أحزننى أن خيط في الدارِ الكَفَنْ

مثلما أحزننى أن قطف الموتُ حسنْ

ودياب قرع الطبل فـدوَّى و رطـنْ

والفتى المادِحُ قدْ رققَ صوتاً ولَحَـنْ

وفي نافذة القطار ، طبعته الأولى سنة 1964م ص 146/147

وقد تحدّر من عينى وقد قرأت

كتاب منعاه دَمْعٌ قَطْـرَه سَخُنا

إذ فارقته قريباً إذ يقـول لهـا

لمّـا دعتـه ذرينى ألعَبَنَّ هنـا

إذ كان يلعب حُرّاً إذ تربص لل

عصفور إذ خَلْفه صِلُّ الردى كمنا

يا للأقدار !!

كاد يسيل دمعى وأنا أقرأ في ( مرثية بعد قرابة خمسين عاما لطفل اسمه حسن ) في هذا الديوان الذى بين يديك أيها القارئ الكريم : ـ

مات والأهل جميعاً في فرح

بختانى ـ حسن لم يُخْتَتـن

مات في يوم كَمَنْ

شبح الموت له في الملعب

جَرّه من يده قُدّامنا نَتْلاً بدائياً وقَحْ

لم يُتحْ لى منه إلاّ حَسَوات

شعـشعتنى ثم أْهْرِبق القدحْ

أين حسن

أين حسن

قال تعالى : ” كُلُّ نَفْسٍ ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ” وأقرأ “ودعاء الطفل المظلوم” .

فهى مرثية للشفيع رحمه الله جعلها دعاء ابنه المظلوم

يتيم من الضيم يبكى بكى وهو عارف

بكى رافعاً يده رافعاً صوته غير خائف

بكى قبل أن يتعلم إلا حروف كلمةُ بابا

يرددها وهو ينظر بابا

مضى الجند منه وفيهم أبوه

إلى غير رجعة

يردد ما ليس ينسى

وفي العين دمعه

رحمهم الله جميعاً ـ ونسأل الله العفو والرحمة والغفران وصلَّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليما.

 عبد الله الطيب

12 من جمادى الأولى سنة 1420هـ

23/ 8 / 1999م

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.