آخر الأخبار
The news is by your side.

مناظير … بقلم: دكتور زهير السراج … كفاية عبثاً !

مناظير … بقلم: دكتور زهير السراج … كفاية عبثاً !

* لو لم يكن الدكتور (عبد المحسن مصطفى صالح) على رأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر

الاقتصادي القومي لحكمتُ عليه بالفشل بسبب الخلافات الكبيرة بين الحكومة وقوى الحرية

والتغيير حول نوع السياسات الاقتصادية التي يجب تطبيقها، بالإضافة الى الصراع بين البرهان

وحمدوك، أو بين العسكر والمدنيين خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وتطبيع العلاقات مع

اسرائيل، وظهر ذلك جلياً من حديث الرجلين أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث بدا البرهان

مصراً على التطبيع، بينما كرر حمدوك حديثه بأن التفويض الممنوح له لا يشمل هذا الموضوع،

وهو في رأيي جمود ليس له مبرر، ففي السياسة دائما منطقة وسطى يراها ويتحرك ويناور

فيها الأذكياء إما للحصول على مكاسب أو التخلص من المواقف المحرجة التي قد تتسبب في

وقوع أضرار إن لم يتم التعامل معها بحصافة، وعلى رجل الدولة الذكي أن يتمتع بالديناميكية

المطلوبة للحركة التي لا تعنى الخضوع للابتزاز أو تقديم التنازلات الضارة، وإنما الموازنة بين

مصالح الوطن وبين الآراء الشخصية!

* استغل البرهان فرصة المؤتمر ووجه نقدا حاداً للحكومة وحمّلها أسباب تفاقم الأزمة

الاقتصادية، رغم أن المكون العسكري هو أحد أهم الأسباب لعدم تعاونه فيما يتعلق بالشركات

والاموال الضخمة التي يضع يده عليها، ويمتنع عن وضعها تحت إشراف وزارة المالية للاستفادة

منها في تمويل الميزانية، بل إنه اخلف الوعد الذى قطعه في العام الماضي بدعم الميزانية

بمبلغ مقدر من المال (حوالى 2 مليار دولار) بدون أن يفصح عن السبب، مما أربك تعاقدات

السودان لاستيراد بعض السلع الاستراتيجية وادى للضائقة المعيشية، وهو بهذا الفعل المشين

شريك أصيل في انهيار الميزانية والأزمة الاقتصادية !

* لا يمكن للبرهان أن ينتقد الحكومة بدون أن يوجه الانتقاد لنفسه في المقام الأول ولشركائه

في المكون العسكري الذى يحتكر كل شيء، ويريد أن يحكم ويتحكم في كل شيء بدون أن

يساهم بشيء، وكأنه يتعمد إفشال الفترة الانتقالية، واشاعة روح اليأس في النفوس، ثم توجيه

اللوم الى الحكومة والقوى المدنية، كما جاء في حديث البرهان، وحديث نائبه حميدتى أمام جمع

من المواطنين من قبل باتهام المدنيين بالفشل، بينما يحتكر العسكر الشركات والاستثمارات

والثروات الضخمة بدون أن تنتفع منها الدولة بشيء، ويفرضون عليها في نفس الوقت تسديد

المرتبات وكل الامتيازات الضخمة التي يتمتعون بها، ثم يلومونها على الفشل وتفاقم الاوضاع

والانهيار الاقتصادي، وكأن الذين يخاطبونهم أغبياء وسذج لا يفهمون شيئا، ولو ظنوا أن

مخاطباتهم المتواترة والمبالغ التي يتبرعون بها من مال الشعب لبعض الانشطة تعمى الابصار

وتزيغ القلوب لصالحهم فعليهم أن يعيدوا النظر في طريقة تفكيرهم ونظرتهم الى الاوضاع، فهم

شريك أساسي سواء في الفشل أو في النجاح!

* اقول، لولا الدكتور (عبد المحسن مصطفى صالح)، لحكمتُ على المؤتمر الاقتصادي بالفشل،

ولكن وجوده على رأس اللجنة التحضيرية يجعلني مطمئناً على صدور توصيات موضوعية

معقولة وممكنة التطابق، فالرجل معروف بتميزه الأكاديمي والمهني وأدائه الممتاز ودقته

وصرامته في كل المجالات التي عمل بها، سواء كأستاذ بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم أو في

الكويت أو في وزارة المالية والتخطيط بالمملكة العربية السعودية التي كان فيها الدينامو

المحرك واليد اليمنى لكل الوزراء الذين تعاقبوا عليها، والمسؤول الأول عن التخطيط لكل

المشروعات الكبرى، والمفاوض الأول نيابة عن الوزارة مع كل الدول والوفود الاجنبية طيلة

الثلاثين عاما الماضية، وظلت المملكة تتمسك به من عام الى آخر الى أن اصر أخيرا على العودة

الى الوطن، وانتهز وزير المالية السابق الفرصة وعرض عليه تولى منصب محافظ بنك السودان

إلا أنه اعتذر باعتبار ان تخصصه الأساسي هو التخطيط، بالإضافة الى عزوفه عن المناصب، وهو

في رأى الكثيرين أفضل من يتولى أعباء وزارة المالية والاقتصاد في الفترة القادمة لو نجح

الدكتور (حمدوك) في اقناعه بالمهمة الثقيلة، على الأقل لتحقيق التوصيات التي يخرج بها

المؤتمر بالإضافة الى تمتعه بعلاقات اقليمية ودولية واسعة، واتمنى أن يوافق!

* حان الوقت لكى يتولى المسؤولية الاقتصادية من هو جدير بها، وأن يضع الجميع الخلافات

جانبا، فالوطن يصرخ والشعب يئن والروح وصلت الحلقوم، ويكفى ما ضاع من وقت في العبث

والتلاعب بمصالح الجماهير!

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.