آخر الأخبار
The news is by your side.

كلنا أوغاد يا صديقي .. بقلم: أمجد هاشم

كلنا أوغاد يا صديقي .. بقلم: أمجد هاشم

المسؤولية تطال الجميع، فالجيش مسؤول عن ما إرتكبه أفراده حتى و إن كانوا مدفوعين من طرف تالت، و الأحزاب المدنية المشاركة في السلطة الإنتقالية مسؤولة بسبب تراخيها في إصلاح المنظومة العدلية و تباطؤها في تنظيف المنظومة الأمنية من عناصر النظام البائد، و الأحزاب غير المشاركة ايضا مسؤولة بتحريضها لشباب بريئين على الدخول في حقل ألغام لم يتم تمشيطه بعد و إستخدام هؤلاء الشباب ككاسحات ألغام بشرية لتثبيت وجهة نظر أو تدعيم موقف إيديولوجي أو تصفية حسابات سياسية.

في حين كان يمكن الدعوة للتظاهر في مكان آخر بعيد عن القيادة أو حتى إحياء ذكرى فض الاعتصام على الأقل في الوقت الحالي بطرق مبتكرة أخرى لا تؤدي لفقدان أرواح جديدة في مواجهات عبثية لا طائل منها سوى إتاحة الفرصة للمتربصين لتنفيذ مخططاتهم التخريبية الهادفة لتصفير العداد و العودة بنا إلى المربع الأول عسى و لعل أن يجدوا لِقَدمهم فيه موطئاً.

إن طريق الإنتقال الديمقراطي المدني المأمون هو طريق التغيير المتدرج على نار هادئة و ليس طريق التغيير الراديكالي القابل للإختطاف بواسطة قوى خارجية، و لتكن لنا عظة و عبرة في الثورة المصرية التي إرتدَّت على أعقابها في اللحظة التي تراجعت فيها الحلول السياسة التفاوضية في 30 يونيو 2013 و إعتلى حينها الراديكال و البلاشفة المنصات و في الخلفية كان السيسي يحمر بصلتهم بينما هم كانوا يعوعون.

إن الطريق إلى الدولة المدنية الديمقراطية و إن طال السفر سيتحقق بالاستفادة القصوى من التموضع الجديد للقوى المدنية داخل الجهاز التنفيذي و إستخدام أدوات السلطة في تحقيق مطلوبات الإنتقال و أهمها تكريس العدالة الإنتقالية و إصلاح المنظومة الأمنية و إخضاعها بالكامل لسلطة المدنيين بنهاية الفترة الإنتقالية، و إستغلال الدعم الدولي لعملية الإنتقال السياسي في السودان، و توسيع و ترسيخ مساحة الحريات المتاحة للتعبير و التنظيم و الحشد، و إحترام آليات التداول السلمي للسلطة المتوافق عليها دستورياً، و تحقيق المكاسب و جمع النقاط من منصة العملية الانتقالية نفسها لا بالإنقلاب عليها، فحكومة بطيئة و ممهولة في تحقيق مطلوبات الثورة أفضل من (لا حكومة)، و حالة الفراغ الدستوري التي سيتسبب فيها غياب التوافق السياسي على البدائل (غير الدستورية) ستتبعها حالة إنفلات أمني و نزاعات أهلية لا محالة.

فالوضع الآن لا يشبه الوضع في ابريل 2019 فقد تباينت الأجندات و اختلفت التقديرات و القاسم المشترك الوحيد بين السودانيين الآن هو المسار الانتقالي و خارطة الطريق التي تم تحديدها بموجب الوثيقة الدستورية.

وسِّع دائرة النظر خارج العاصمة المثلثة يا صديقي ستكتشف أن إستشهاد شخصين في مظاهرة بالمقارنة مع ما يحدث في الأقاليم هو مجرد برومو، و الأهالي في الأقاليم لا يوجد ما يربطهم بالحكومة المركزية سوى هذه الوثيقة الدستورية و ما ترتب عليها من ترتيبات إنتقالية و بمجرد التراجع عنها سينفرط عقد البلد و عينك ما تشوف إلا النور، فخارطة التحالفات قابلة لاعادة التشكل مناطقياً و اثنياً و حينها لن تكون المواجهة بين المدنيين و العسكريين و أول الغيث هو ما سيظهر للسطح من تحالفات ذات إرتباطات خارجية تجمع حميدتي مع الإدارات الأهلية و الحركات المسلحة التي من الإستحالة أن ترضخ و تعترف بنتائج أي حراك (خرطومي) ينقلب على إتفاقيات السلام مهما تسامى.

إن إدعاء النقاء الثوري و الشوفينية الإيديولوجية لا يخدم قضايا الإنتقال المدني الديمقراطي بقدر تعطيلها و ربما إعاقتها للأبد، و إغتيال الشخصيات و الأحزاب المدنية و نصب محاكم التفتيش الثوري لها لن يبرد قلوب المكلومات من أمهات الشهداء ولكن سيضيف إلى القائمة المزيد من المكلومين و المكلومات، في الختام لا تدعي الطهرانية فكلنا أوغاد يا صديقي.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.