آخر الأخبار
The news is by your side.

كلام بفلوس: هذا الرجل يجب أن نحترمه حتى وهو ميت

كلام بفلوس: هذا الرجل يجب أن نحترمه حتى وهو ميت

 بقلم: تاج السر محمد حامد

(1)
لعل القارئ الكريم يوافقنى الرأى بأن هناك قليل من الرجال أصحاب المواقف التى تهز الأرض وترتج لها جوانح النفس البشرية وتختلج العواطف وينبهر العقل أمام تجلياتهم ورسوخ خطاهم.

أذكر من هؤلاء .. الرجل الفريق أول المرحوم عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب .. سجل هدفه (الذهبى) فى شبكة تاريخ السودان الحديث .. يوم وقف متدثرا بثوب أعلى سلطة تقف على أقوى أرضية من شبه الاجماع عليها أمام القضاء السودانى أنذاك يؤدى التحية العسكرية وإجلالا للقضاء وتقديرا له وربما امتنانا .

لم تكن طبيعتى أبدا مدح الرجال .. لأننى اعتقد ان من يقدم نفسه طبيعى ان يقدم شئ معتبر للأخرين الذين أولوه أمرهم .. بل ألمس فى نفسى دائما جنوح غير سليم لمعاداة الأقوياء والرؤساء فى مقابل ضعف ظاهر للتعاطف والمؤازرة مع المستضعفين فى الأرض وفى الحالتين يأتى إنحيازى متخذا موقفا مبدئيا حادا .. لكن مافعله سوار الذهب حينما وقف أمام القضاء للادلاء بشهادته حول مسألة ترحيل الفلاشا جعلنى أخرج عن (سلبياتى) وأمدح السيد المشير عبدالرحمن سوار الذهب .. فوقوف رأس الدولة شاهدا يحلف القسم ويتم سؤاله عن إسمه وسيرته الذاتية .. ثم يستوجب كأى شاهد عما يعلمه عن القضية محل المحكمة .. هذا الشئ لم نتعوده إلا للحقيقة والتاريخ مافعله عبدالله خليل من قبل .

هذا الشئ لم نتعوده حتى من ( …..) إن الشعور بالمساواة هو الشعور بالعدالة يؤدى للأمن والإطمئنان ثم على الفور إلى السعادة ( عشم الدنيا بأجمعها) .

فى ذلك الوقت وقف سوار الذهب وشهد شهادة حق بلا إنفعال ولا تحامل وتجنى على الحقيقة التى يتجنى عليها اليوم (كثيرون) كذلك التحية لهيئة الدفاع وهيئة المحكمة أنذاك .. ومهما أختلف الناس مع الدفاع فإنه حق مشروع نتمنى ان يجده الكل إذا ماتبدلت الحالة التى نحن عليها .. هذا الرجل يجب ان نحترمه حتى وهو ميت.

(2)
بربر .. وذكريات عطره
أكن تقديرا خاصا لاولئك الذين يباشرون الأعمال الميدانية بأيديهم حفرا وبناءا وإصلاحا وترميما .. أولئك الذين يعملون تحت كل انواع الطقس وفى ظل كل الأجواء المتقلبة من حر لا فح إلى برد قارس أو مطر منهمر أو شمس حارقة ملتهبة .. تراهم يتصببون عرقا وقد أحرقت أشعة الشمس جلودهم وكستها سمرة داكنة وهم يؤدون عملهم بهمة ونشاط وعزيمة .. فهذا مصدر لقمة العيش لهم ولابنائهم وعوائلهم .. يذهبون فى الصباح الباكر مع بذوخ الشمس ويعودون فى المساء مع غروبها .

ليس هناك وقت للراحة سوى ساعة او أثنين للأكل والأسترخاء ثم يعودون لمواصلة الكد حتى نهاية اليوم .. فأين هؤلاء من أصحاب العربات الفارهه والنفوس المتعالية .. مرة جمعتنى الظروف فى مسقط رأسى (بربر) فذهبت مع شقيقى (إسماعيل) لمسجد البرهانية والذى كان تحت البناء والتشييد فوقفت أمام تلك الأيدى الخشنة فازداد إحترامى وتقديرى لهم وشعرت بالخجل وأنا اقف معهم بثيابى ناصعة البياض محددة الأطراف من الكى .

لقد كنت محقا ياسيدى يارسول الله عندما أمسكت يدا خشنت من العمل اليدوى وقلت لهم يامعلم الخلق ورسولهم ( هذه يد يحبها الله ورسوله) نعم إنها يد العمل والبناء والتشييد .. يد الرجولة التى تأكل عيشها بالعرق تحت لهيب الشمس الحارقة والبرد القارس .. ادعو الله ان تخشوشن أيدينا حتى نحظى بمحبة الله جل جلاله ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام .. وكفى .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.