آخر الأخبار
The news is by your side.

عالم ما قبل الكوفيد19 سيختلف تماما عن عالم ما بعد الكوفيد19

عالم ما قبل الكوفيد19 سيختلف تماما عن عالم ما بعد الكوفيد19

بقلم: محمد ابراهيم علي
من الواضح اننا ازاء تحولات عميقة وربما جذرية في كثير من الامور من السياسة العامة الى القوانين و الطب والتكنولوجيا وصولا الى العلاقات الاجتماعية فما يحدث الان لن يمر بدون ان يترك اثاره على القوانين والسياسات العامة ومدى سيطرة الحكومات على قطاع الخدمات الاساسية والمخاطرة بتركها لقانون العرض والطلب
لفت نظري في اليومين الماضيين خبرين من اوروبا وبالتحديد اسبانيا وفرنسا
الاولى قامت بتأميم المستشفيات الخاصة للمساعدة في درء الكارثة وهو اجراء ربما ينظر اليه انه امر طارئ في ظل ظروف انتشار الوباء ومحدودية امكانيات المؤسسات الحكومية على مجابهته لوحدها لكن الدرس المستفاد هنا ان السماح بالخصخصة الكاملة للخدمات الصحية والذي ربما وفر ميزانيات تطوير القطاع الصحي واحالها الى القطاع الخاص ولكن حين الحوجة الحقيقية للخدمة الصحية الطارئة فشلت هذه السياسة واضطرت الحكومة الى الرجوع عن الاعتماد الكبير على القطاع الخاص في تقديم كل الخدمات الصحية او معظمها والاعتقاد بان القطاع الخاص اكثر قدرة في تقديم خدمة اكثر كفاءة لمواجهة المرض بغض النظر عن تكلفة تلك الخدمة او قدرة المريض على دفع تكلفتها فالواضح هنا ان الخطر يهدد الجميع ولن يستثني احد في حال ترك مهمة معالجته للقطاع الخاص وحده السؤال هنا هو مستقبل قطاع الخدمات الصحية في اسبانيا والتغييرات التي ستحدث في القوانين وتدخل الحكومات فيه
الخبر الثاني من فرنسا ربما يعد تحول او تراجع كبير عن الليبرالية الاقتصادية وترك اليات السوق الحر لتعمل عملها وتصحح نفسها بنفسها فقد قالت الحكومة الفرنسية انها لن تترك شركاتها الكبرى وحدها في مواجهة ما سببه الوباء من خسائر ضخمة وانها ربما تؤمم شركاتها الكبرى مثل الاير فرانس وبيجو ورينو وغيرها من كبريات الشركات الفرنسية والتي توظف عددا كبير من الفرنسيين فبسبب الركود الاقتصادي وانهيار الاسواق المالية ربما لا تستطيع هذه الشركات الاحتفاظ بموظفيها لانها لن تستطيع توفير مرتباتهم وايضا لديها التزمات مالية ضخمة للمصارف وبسبب انخفاض مداخيلها ربما تتوقف عن سداد التزاماتها للبنوك وربما تضطر لاعلان افلاسها حينها ستجد الشركات الصينية المستندة على وفورات مالية ونقدية مهولة مع دعم قوي جدا من الحكومة الصينية ربما تجد هذه الشركات الفرصة متاحة لها للاستيلاء على هذه الشركات وباسعار بخسة جدا وبذا يتحقق للتنين الصيني فرصة السيطرة على اقتصاد دول كبرى مثل فرنسا ودفع الاقتصاد الصيني خطوات اعلى في سلم السيطرة على الاقتصاد العالمي
ربما يقول قائل ان النزعات الاشتراكية في اسبانيا وفرنسا موجودة ومتجذرة اكثر من بريطانيا والمانيا مثلا ولكن ما يحدث الان ربما هو بداية نظرية الدومينو* فعندما تسقط القطعة الاولى سيكون من المحتم سقوط القطع الاخرى الى النهاية فعندما تخترق قانونا سيتوالى هذا الاختراق ولن يكون هناك من يعترض فالتهديد للحياة اكبر من ان نعترض على بعض قوانين حرية السوق او قوانين الخصوصية او الحرية الشخصية.
الولايات الوتحدة الامريكية معقل الليبرالية الاقتصادية وقائدها تعاني الان من ضعف الخدمات الصحية وعدم قدرة القطاع الصحي على مجابهة الوضع الحالي واضطرت الحكومة للتدخل واجبار المستشفيات على تقديم الخدمة للمحتاجين وخاصة الفحص مجانا بغض النظر عمن يملك تامينا صحيا او لايملك
هل سنخرج من الازمة بنظرية جديدة في السياسات الاقتصادية ؟ مؤكد ان ذلك سيحدث فما يحدث الان مهول وهو بداية تغيير جذري على كثير من الاصعدة

*نظرية الدومينو (Domino theory) هي نظرية ظهرت في الخمسينات في الولايات المتحدة و تقول بأنه إذا كانت دولة في منطقة معينة تحت نفوذ الشيوعية فإن الدول المحيطة بها ستخضع لنفس النفوذ عبر تأثير الدومينو.
و قد طرح الرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاور نظرية الدومينو في خطاب شهير ألقاه في عام 1954

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.