آخر الأخبار
The news is by your side.

ضرورة استمرار المد الثوري وتصاعده..! الجزء الأول

ضرورة استمرار المد الثوري وتصاعده..! الجزء الأول 

بقلم: احمد بطران عبد القادر
لئن كانت ثورة اكتوبر احدي المحطات النادرة والمهمة في تاريخنا السياسي السوداني الحديث فقد جاءت ثورة ديسمبر المجيدة استجابة طبيعية لرؤيتها في ضرورة بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية.

وقد انطلقت شرارتها الأولى بولايات السودان لتدخل عاصمة البلاد فيها بثقلها وتنظم صفوفها وتوحد ارادتها وقيادتها لتمثل إرادة وطنية خالصة في التوجه نحو التحرر الوطني القومي والاستقلال الثقافي والسياسي والاجتماعي والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والطبيعية استكمالا لمهام الاستقلال التي غفلنا عنها يجعل يدنا عليا بعد ما أصبحت دنيا واضحت بلادنا مقصد لقوافل الاغاثات المزلة والهبات والعطايا المشروطة والصدقات المهينة بيد اننا غرقنا في حروب اهلية دموية عبثية المنتصر فيها مهزوم بحسابات الجغرافية والتاريخ والمصير المشترك لشعوب تعايشت سلميا وتصاهرت وصنعت الدولة السودانية الحديثة بحدود ١٩٥٦م.

كانت محنتنا الاولي في فشلنا في بنائها علي اسس المواطنة والعدل في توزيع الثروة والسلطة وغياب المشروع الوطني للنهوض فكانت ثورتنا المجيدة في ديسمبر الميمون امتداد لنضالات عميقة ومفاهيم قيمة واضحة تدعو للنهضة وتقوية الذات بان نعتمد علي مواردنا وقدراتنا فقد حان وقت الاتحاد والناي عن الخلافات السياسية السطحية ومد جسور الثقة بين كافة المكونات الاجتماعية وتغليب مصلحة الوطن و امنه واستقراره علي ما سواها من مصالح ضيقة اي كانت جهوية او قبلية او طائفية.

و اليوم نحتاج لموجة ثانية من المد الثوري الخلاق ان نتلاحم مع بعضنا البعض لصناعة جيل واعي و مصادَم لا يخشي الا الله والذئب علي غنمه جيل جديد واعي منظم خالي من أمراض الجهويات والمجتمعات الاقطاعية المتخلفة التي تحتكر أدوات الانتاج والتقدم والازدهار وتقف عقبة كؤود امام حركة التغيير والتقدمية وتختزل الوطن في اشخاص ساديون جهلاء مستبدون او نظريات رجعية متخلفة تعتمد علي سطوة الطائفة ونفوذها في التأثير علي البسطاء وجعلهم يقدمون التضحيات العظيمة لتسود ثقافة هيمنتها وفرملة عجلة التغيير الجذري فتزداد قوة وقدرة بحيازتها علي الثروة والسلطة علي اسس قداستها والناتج استمرار مسلسل استغلالهم وقهرهم للبسطاء المغرر بهم و لارادتهم الحرة وتطلعاتها للنهوض فيستمر فقرهم وعوزهم وتفككهم واستسلامهم لمكابدة المعاناة والفقر والجهل والغرق في صراعات دموية تصب في مصلحة السادة الذين يمتلكون مفاتيح الحلول المزيفة وادوات الصراع العبثي التي لا تفضي الا الي مزيد من الاحتراق والخراب والدمار التي تدفع اثمانها اجيال مغيبة ما عرفت حقيقة هؤلاء الساديون تجار الحروب والأزمات ورواد الإنكسار وخدمة اجندة قوي الظلام المستفيدة اصالة من تخلف الشعوب والمجتمعات وتسخيرها لنهب مواردها وثرواتها تحت سمعها وبصرها ومساعدتها في استمرار هذه الأوضاع البئيسة.

ولئن اردنا خير لبلادنا واوطاننا فاننا نحتاج ان نتصدي بروح وطنية ثورية لكل هذا العبث ومواجهتة بارادة غالبة وبصيرة نافذة تمتلك البرنامج و تستشعر روح المسؤلية الوطنية في وحدة الصف الثوري والرؤية والقيادة وممسكات التوحد لتحقيق الانتصار الكبير فواقع الحال يحتم علينا النظر بعين فاحصة لأسباب التخلف والإنحطاط وبزل الحلول الناجعة لتخطيها والانتصار عليها ونزع اسبابها من جذورها.

وهنا لا بد تحديد هذه التحديات علي وجه الدقة الداخلية منها و الخارجية علي السواء ومحاولة زلزلتها وطيها للابد ولعل من انجع الوسائل لتحقيق التغيير المنشود هو اعادة بناء الدولة المدنية الديمقراطية المستقرة المتعافية سياسيا و اجتماعيا وثقافيا بداية بهيكلتها مدنيا وعسكريا وهذا يشمل الإصلاحات القانونية والقضائية والمؤسسية واعتماد التاهيل والكفاءة والمهنية والنزاهة والشفافية والمسؤولية والمحاسبية في ادارة المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية.

و في هذا السبيل ينبغي ان نبدأ الهيكلة العسكرية بحل جميع المليشيات والقوات المسلحة الغير نظامية بداية بقوات الدعم السريع التي كانت نشاتها استجابة لمفاهيم النظام المندحر في إدارة الصراع وامتلاك ادواته وتسخير الطاقات البشرية لخدمة اجندته ومصالحه فهيكلة القوات ودمجها كل القوات دون استثناء هي الطريق الأمثل لبناء جيش وطني قومي مهني يمتلك القوة و القدرة الكافية لحماية الدولة وثغورها ومؤسساتها ودستورها ويسهم في درء الكوارث الطبيعية وتامين حدود الوطن وتعزيز روح السلام وتحقيقه في ابهى صوره ليصبح سلام شامل وراسخ يثمر مصالحة وطنية تقوم علي تحقيق العدالة الانتقالية وتعافي سياسي يمكننا من التنمية المستدامة والنهوض فهيكلة الجيوش ودمجها في القوات المسلحة اضحت ضرورة ملحة بعد تصاعد خطاب الكراهية وعلو كعبه بفعل سياسات الثورة المضادة وقوي الردة التي تريد قطع الطريق امام حركة التغيير والتحول الديمقراطي بنشر الثقافة والوعي باهمية الديمقراطية واستدامتها.

ثم واقع الحال يحتم علينا تقوية اللحمة الوطنية وتنقية الصف الثوري وبناء مؤسسات المجتمع المدني علي اسس ديمقراطية حقيقية خصوصا الاحزاب السياسية التي ظلت متخلفة غير قادرة علي قيادة الجماهير وغير منتجة لحلول ناجعة تسخر المد الثوري في كنس قوي الظلام ومتاريس الخرافة واعادة بناء الوطن.

ولما كنا نزعم انه لا ديمقراطية بلا أحزاب سياسية فالامر يتطلب ان تقوم هذه الأحزاب بثورة مفاهيمية داخلية تعيد هيكلة ذاتها و بناء مؤسسات حزبية تعبر عن مصالحها وتقدم برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تحمل اشواق الجماهير وتطلعاتها لمستقبل مشرق وتتحلي هذه الأحزاب بروح الوطنية والمسؤلية وتكون اكثر قدرة لمقاومة اي مشاريع ردة نحو الانقلاب علي الوضع الانتقالي او قطع الطريق امام التحول الديمقراطي.

وعليه لا بد ان تكون اكثر حساسيه ضد القوانين والتشريعات المقيدة للحريات العامة تحت اي مزاعم فللاسف نلاحظ اليوم كيف تحولت بعض أحزاب قوي الثورة لقوي تضيق بالحريات وتهلل للاعتقالات والمحاكمات التي طالت رفقاء النضال من الثوار الشرفاء الناغمون علي سياسات حكومة الانتقال باعتمادها منهج المحاصصات وتجاهل قضايا الشهداء في القصاص العادل وقضايا الجماهير في المعاش والحياة الكريمة.

وحتي تدرك هذه الأحزاب السياسية دقة المرحلة وحساسيتها في ان اي تهاون في تحقيق مطالب الثورة او محاولة الالتفاف علي اهدافها قد يدخل البلاد في فوضي وفرضيات تقسيم بعد حروب طاحنة تقضي علي الاخضر واليابس فان قوي الثورة مطالبة بالبقاء في الميدان تضغط في كل الاتجاهات حتي لا تحدث ردة او انحراف عن مسار الثورة والذي بدا واضح للعيان لو لا يقظة الثوار لفقدنا بلد اسمه السودان فضرورات المرحلة تحتم علي قوي الثورة الاتحاد وحسم اي مظاهر للانحراف والا تصطف لصالح اي قوي من مكونات السلطة الحالية الا بقدر اقترابها من اهداف الثورة وبرامجها ومهام الانتقال.

ومن هنا ندعو جماهير شعبنا وكل الثوار الشرفاء رفقاء النضال والكنداكات الي احياء ليالي أبريل وكل الشهور القادمات ،واستمرار المد الثوري وتصاعده بالمواسم الثورية والأعمال النضالية ووضع الخطط والبرامج المناسبة لاكمال مشروع التغيير وان تكون في اكمل الجاهزية والاستعداد لاسترداد سلطة الثورة ومن ثم إدارة الدولة بطريقة مدنية رشيدة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.